الجمعة 9 ذو القعدة 1445 ﻫ - 17 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

هل يحرك الفاتيكان مبادرة البطريرك دولياً؟

بعد المواقف التي أطلقها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لا سيما ما يتصل بالمطالبة بانعقاد مؤتمر دولي لحل الأزمة اللبنانية، يبدو السؤال المطروح، ما هي آفاق هذه المطالبة و ما هو التصور لكي تأخذ طريقها الى التنفيذ؟

تقول مصادر سياسية بارزة و قريبة من البطريرك، أن فكرة إنعقاد المؤتمر طرحت الآن، و أولاً ستأخذ مداها اللبناني، و في ضوء ذلك يتم الإنتقال الى المرحلة الثانية و هي الإتصالات مع المجتمعَين العربي و الدولي، أي مع جامعة الدول العربية و الدول العربية الأعضاء، و الأمم المتحدة و الدول النافذة فيها و تلك المؤثرة في القرار الدولي. و الهدف هو أن ترحب هذه الدول بانعقاد المؤتمر و مساعدة لبنان و انتشاله من الوضع الذي هو فيه و الذي يتربص بمستقبله و يضعه رهينة. كما أنه من المفترض أن كل القوى اللبنانية في دول الإنتشار، أن تساهم بدفع هذا الطرح الى الأمام من خلال مركزها و قدرتها على الضغط على مواقع القرار في الدول حيث هي.

و أشارت المصادر، أن البطريركية سائرة في تحقيق هدفها، و لا يسقط حق وراءه مطالب و وراءه من يعمل لأجله. و البطريركية تدرك تماماً أن المؤتمر ليس “شربة مياه”، إنما يحتاج إلى نضال مثل لبنان الكبير و الإستقلال و إخراج السوريين من لبنان و مثل كل المواقف التاريخية و المصيرية تحتاج الى جهد و إلا لن تحصل. البطريركية سائرة باتجاه هدفها، و هي بحسب المصادر تدرك أن جهات معينة لا تريد حلاً للبلد و تريد أن يسقط البلد بين أيديها. و تقول يوجد في البلد قوى غير “حزب الله”، و هذه القوى مستمرة في نضالها. و البعض ينظر الى المؤتمر الدولي كقانون انتخابي، لكنه مشروع نضالي، و ليس قرارات تتخذ في اليوم نفسه و تنشر في الجريدة.

في الانتظار، تؤكد مصادر ديبلوماسية في الأمم المتحدة، أن تدويل الأزمة اللبنانية يحتاج الى طرف دولي يعمل على انعقاد المؤتمر. الآن فرنسا لن تقوم بذلك و الأميركيون لديهم إدارة جديدة لا زالت في مرحلة ترتيب الأولويات في الملفات الخارجية و هي منشغلة بذلك. لكن المصادر تعول على دور للڤاتيكان في تحريك مبادرة البطريرك دولياً، أي تحريك الأمر لدى الإدارة الأميركية خصوصاً، لا سيما و أن الرئيس جو بايدن كاثوليكي، و يتأثر بمواقف الڤاتيكان. أما بقية الدول فلن تطالب بمطالب بكركي. و من أجل أن تكون الظروف الدولية مهيأة أكثر لطرح موضوع مثل موضوع لبنان دولياً عبر مؤتمر خاص به، بحيث يجب العمل داخلياً على الموضوع لتوفير الأدوات للخارج لكي يتبنى هذا الأمر. و هذا يتطلب جهداً ديبلوماسياً مكثفاً و جدياً. ذلك أن عقد مؤتمر دولي لا يمكن أن يحصل أوتوماتيكياً، إنما هناك ظروف يفترض توافرها. فالظروف الداخلية و الخارجية يجب أن تتوافر للتوصل الى ذلك.

حتى الآن، ان حدود المساعدة و الإهتمام الدوليين بلبنان، وفقاً للمصادر، تقف عند المطالبة بتشكيل “حكومة مهمة”، من أجل أن تتجاوب الدول لمساعدته جدياً. الدول حالياً تعتبر أن أزمة لبنان داخلية و هي من صنع أيدي المسؤولين اللبنانيين، و الطبقة السياسية الفاسدة بمعظمها. لذا على اللبنانيين مساعدة أنفسهم لكي يساعدهم المجتمع الدولي. بمعنى أن الأزمة لو كانت اعتداءً خارجياً على لبنان، لكان التعاطي الدولي مختلف تماماً. أما الآن فالشعب اللبناني العالق في خضم الأزمة ليست لديه قدرة أن يقوم بشيء، يحتاج الى من ينقذه، و لن ينقذه المجتمع الدولي لأن الأزمة داخلية، و ليس لدى الشعب أدوات يؤثر من خلالها على دول العالم، و ليس لدى المجتمع الدولي طرق لمساعدة أسهل للشعب اللبناني مباشرة.

و تنقل المصادر، عن مسؤولين دوليين، أن العالم منزعج من كيفية إدارة المسؤولين اللبنانيين للبلاد بطريقة غير مسؤولة. و بدلاً من أن يتفقوا و يتفاهموا حول الحلول، يعملون على التعاطي مع الاستحقاقات بطريقة غير جدية. و من يرفض أن يهتم لأمر تشكيل الحكومة في ظل وضع اقتصادي و اجتماعي صعب، فكيف يساعده المجتمع الدولي و يعتبر المسؤولون الدوليون، أن لبنان محكوم من طبقة غير مسؤولة تجاه الشعب و تجاه العالم كله. و يقول هؤلاء أن الحكم هو مسؤولية و خدمة الناس و غير ذلك لا لزوم له . و أن الحكم هو عقد اجتماعي بين الحاكم و المحكوم ، و عندما يخل الحاكم بوظيفته الأساسية يكون المحكوم في حل من العقد الإجتماعي. و عندما يتوقف الحاكم عن تمثيل مصالح الناس لا بل أخذهم رهينة، فلا يعود له تمثيل إرادة الشعب.
و تلفت المصادر الى أن للتدويل أوجه عديدة و لا يجب الخلط بينها. و هي تبدأ من صدور بيان من مجلس الأمن، مروراً بمؤتمر دولي وصولاً الى الفصل السابع و إرسال قوات دولية. و بالتالي إن طرح المؤتمر الدولي لا يحتاج الى مثل الردود العالية النبرة التي تحصل و لا الى هذه المغالاة في الحذر من المؤامرة و هو ليس في محله.