الأربعاء 29 شوال 1445 ﻫ - 8 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

وكالة "بلومبيرغ" الدولية: الأزمة الاقتصادية في لبنان تخرج بسرعة عن السيطرة

أنظار العالم على لبنان، بعدما ضربه إعصار الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، التي ليس لها حلول في ظل وجود السلطة الحاكمة و”حزب الله” وسلاحه غير الشرعي الذي يستجر العقوبات الدولية والعزلة العربية، وهو ما دفع بوكالة الانباء الدولية “بلومبيرغ” الى اعتبار ان “الأزمة الاقتصادية في لبنان تخرج بسرعة عن نطاق السيطرة، بسبب انهيار العملة الذي يدمر الأعمال التجارية ويدفع الأسر إلى حالة من الفقر المدقع”.

 

 

ورأت “بلومبيرغ” انه “بينما يلقي السياسيون والمصرفيون اللوم على الأجواء المتوترة في البلاد، فقدت الليرة ما يقارب 60% من قيمتها في السوق السوداء في الشهر الماضي، مهددة الاقتصاد ليصل إلى حالة من التضخم المفرط. وترتفع أسعار الغذاء بسرعة كبيرة لدرجة أنّ الجيش أزال اللحوم من قائمة الطعام الأسبوع الماضي. كما ارتفع سعر كيس الخبز المدعوم من الدولة بمقدار الثلث”.

وتطرقت “بلومبيرغ” الى التقنين الكهربائي الذي دخل على خط الازمات، مشيرة الى ان ” العتمة انتشرت مع نفاذ الوقود. في حين يواجه تجار التجزئة المشهورين خسائر مدمرة، حيث عمد البعض منهم على الإقفال حتى تستقر العملة، أضف إلى ذلك البطالة المتفاقمة التي من المتوقع أن تدفع نصف السكان إلى الفقر هذا العام”.

كما ذكرت “بلومبيرغ” حالات الانتحار التي شهدها لبنان بالقول “وقد تمّ ربط موجة من حالات الانتحار، حدثت خلال الأسبوع الماضي بالحالة الاقتصادية الأليمة. حيث أطلق رجل النار على نفسه في شارع مزدحم في بيروت، تاركاً رسالة انتحار تشير إلى عبارة مشهورة عن الفقر كتبت خلال الحرب الأهلية في الفترة 1975-1990. ويبدو أنّ البلاد التي تقع على مفترق طرق من بؤر التوتر في الشرق الأوسط، في طور الانهيار”.

“وترتفع وتيرة الانهيار منذ اندلاع الاحتجاجات في تشرين الأول والتي اندلعت ضد عقود من الفساد وسوء الإدارة من جانب النخب السياسية التي استنزفت خزائن الدولة حتى جفت. وقد عجز لبنان عن سداد ديونه الخارجية لأول مرة في آذار” بحسب “بلومبيرغ” التي اضافت” وقد طلبت الدولة من صندوق النقد الدولي المساعدة في إصلاح أوضاعها المالية كي تستعيد الثقة، إلا أنّ المحادثات تعثرت بينما يتشاجر السياسيون والمصرفيون على حجم الخسائر وعمّن ينبغي أن يدفع. كما استقال مفاوضان من وزارة المالية بسبب الانقسامات، في خضمّ دعوات صندوق النقد الدولي إلى اللبنانيين أن يجتمعوا ويتصرفوا بسرعة”.

“ولم تثمر بعد كلّ الجهود التي بذلت لوقف انحدار الليرة، بما في ذلك إنشاء برنامج تسعيرة جديد لمكاتب الصرف. وقد قال أحد الذين كان يصرّفون العملة أنّ الشعب الخائف كان يكدس الدولارات وبأنه لن يتمكن من رؤية نهاية لهذه الأزمة حتى يتمّ استعادة الثقة”.

“ومع اعتماد لبنان على الواردات من البن إلى السيارات، فإن فوضى العملة تؤثر تأثيرا ًكارثياً على القوة الشرائية. وارتفعت الأسعار إلى أكثر من 56% في أيار مقارنة بما كانت عليه قبل عام، مع ارتفاع تكاليف الغذاء بنحو 190%، وفقاً للرقم الرسمي. ومن المرجح أن تكون هذه الأرقام أعلى بكثير في حزيران، عندما انخفضت الليرة كثيراً. فقد انحرفت إلى 9,500 مقابل الدولار في السوق السوداء يوم الخميس، بعد أن كانت حوالي 4,000 قبل شهر، لتعود وتنزلق مرة أخرى خلال عطلة نهاية الأسبوع وسط حالة من التقلبات والحيرة”.

“ولا يزال سعر الصرف الرسمي البالغ 507.5 1 مقابل الدولار قائماً، ولكنه لا يستخدم فعلياً إلا لواردات القمح والوقود والأدوية. وتقدّم الإعانات الغذائية الأساسية عن طريق سعر صرف قدره 900 3 دولار. أما الذين يملكون ودائع بالدولار فلا يستطيعون تحويل أموالهم إلى الخارج ولا يمكنهم سوى سحب مبالغ محدودة بسعر صرف قدره 850 3 ليرة، مما يجبر المدخرين على تحمل الخسائر”.

“إنّ الحد الأدنى للأجور هو 675 ألف ليرة – بقيمة 450 دولار بالمعدل الرسمي، ولكن حوالي 70 دولار بسعر السوق السوداء، والذي يتمّ التداول به بشكل متزايد لتسعير السلع الاستهلاكية بما في ذلك الملابس، أدوات النظافة والتنظيف”.
“وأغلق محمد فخاني، مدير سلسلة من محلات اللحوم الصغيرة، أبوابه منذ أشهر مع ارتفاع الأسعار إلى ما هو أبعد من أنّ يتحمّله الزبائن. وهو حالياً يخزن بضائع أقلّ تكلفة لم تكن لتباع سابقاً في لبنان الذي يعطي الأهمية للعلامات التجارية، كما أنه لم يعد يقبل دفعات البطاقات المصرفية كون الموزّعين يطلبون الدفع نقداً”.

وتابع في حديث لـ “بلومبيرغ”: “أصبح الناس يتبضعون أقل” هم لا يسألون عن العلامات التجارية بعد الآن، هم لا يبحثون عن الرفاهية، بل يسعون إلى تأمين الأساسيات فقط. “وسوف يكون هناك رفوف فارغة إذا استمرت العملة في التدهور بهذه السرعة ونحن سنكافح من أجل مواكبة الأزمة. النوعية والكمية ستنخفض، كما هو الحال في البلد كله.”
ويقوم المقتدرون بحسب “بلومبيرغ” “بتخزين الأطعمة المعلبة وغاز الطهي وغيرها من الضروريات تحسباً للنقص. في حين توقفت إشارات المرور عن العمل، الشوارع لم تعد مضاءة في الليل والطرقات المليئة بالحفر، تتهاوى فعلياً. إنّ ازدحام الناس خارج المخابز والأمسيات على ضوء الشموع تستحضر ذكريات قاتمة عن الحرب الأهلية”.

“وفي يوم الثلاثاء، صرّحت المستشفيات الخاصة بأنها ستحصر مؤنها لحالات الطوارئ والمرضى الذين يخضعون للعلاج الكيميائي، غسيل الكلى والعلاجات لظروف أخرى تهدد الحياة بسبب الوضع المالي “الحرج” الناجم عن تقلب العملات الأجنبية وتزايد تراكم المتأخرات المستحقة على الدولة لتوفير الرعاية الصحية”.

“بعض العائلات يائسة جداً لدرجة أنهم أنشأوا صفحات على “الفايسبوك” يقايضون من خلالها أغراضهم الشخصية مثل الأحذية والأدوات الزجاجية مقابل الحفاضات وحليب الأطفال”.

“وكان بنك الغذاء اللبناني، وهو مؤسسة خيرية، يحاول ملء هذا الفراغ، ولكنه بالكاد يستطيع مجاراته من خلال حزمة غذائية مكونة من 14 مادة غذائية أساسية، كانت تكلفتها في الماضي 500 37 ليرة لتبلغ الآن 105 ألف ليرة لبنانية”.
وقالت المديرة التنفيذية سهى زعيتر لـ” بلومبيرغ” :” اللبنانيون فخورون وهم معتادون على إخفاء ما إذا كانوا يمرون بالمصاعب، ولكننا أصبحنا في المرحلة التي تكون فيها ثلاجات بعض الناس فارغة ويطلبون المساعدة لإطعام أطفالهم”.

“عبر ربط سعر الصرف بالدولار لمدة 23 عاماً، قدم لبنان الدعم الفعلي للواردات، مما سمح لشعبه بالتمتع بأساليب حياة تفوق قدرته. إنّ ارتفاع أسعار الفائدة المدفوعة للمودعين جذب تحويلات المغتربين –وهو ما يعتبر مصدراً بالغ الأهمية للدولار – ولكنّ الشركات المحبطة كما هو حال اللبنانيين يمكن أن يكسبوا المزيد عبر إيداع الأموال في البنوك”.
“لقد جفت التحويلات في العام الماضي، مما دفع المقرضين إلى الحد من سحب الدولار، ثم تمّ الاستغناء تماماً عن العملة الخضراء. فتحوّلت الأعمال التجارية إلى السوق السوداء كي تدفع للموردين في الخارج، ولكن هناك أيضا ً طلب على الدولار من اللبنانيين الذين لديهم قروض منزلية أو لسيارات بالدولار أو أطفال في جامعات أجنبية”.

وكان جاد شعبان، الاقتصادي والناشط، قد كتب على تويتر:” إن شعب لبنان يشهد أكبر عملية سرقة وإفقار منظمين في تاريخه من قبل القلة الحاكمة، في ظل صمت المجتمع الدولي”.، “أمّا المقرضون الدوليون، بما فيهم صندوق النقد الدولي، فيقولون أنهم مستعدون للمساعدة بمجرد أن يظهر لبنان أنه جاد بشأن إنهاء الفساد وإعادة هيكلة الاقتصاد.”

حتى الآن، تعتمد الحكومة بحسب ” بلومبيرغ” “على المغتربين المسلحين بالدولار والذين يزورون بلادهم مع إعادة فتح المطار بعد إغلاق فيروس كورونا، ولكن العديد منهم فقدوا أيضاً المدخرات التي وضعوها بعهدة المصارف اللبنانية. وفضلاً عن ذلك، فإن الذين بقوا في لبنان يتطلعون بشكل متزايد إلى المغادرة. مثال على ذلك، أمين يونس، الذي ورث محل قهوة مثقل بالديون وعمل على انمائه على مدى أكثر من عقدين ليتحول إلى ماركة مسجلة تشمل 13 فرعاً، قد اتخذ قراراً بخفض الأجر وساعات العمل. والآن، يبحث عن فرص في الخليج أو أوروبا”.

وقال لـ “بلومبيرغ” “أنا متفائل بطبيعتي. لقد كنت دائماً الشخص الذي يقول أنّ الأمور ستكون على ما يرام ولكن الآن لا أستطيع رؤية أي أمل. “تستيقظ فترى كل شيء محطماً، كل شيء عملت لأجله وصببت شغفك فيه تخسره دون أن تملك أي سيطرة لإيقاف ذلك.”

للأسف اوصلت الطبقة الحاكمة لبنان إلى الهاوية، اللبنانيون يعيشون معاناة لم يشعروا بها حتى في الحرب الأهلية، ويبقى الأمل الوحيد بالثورة، وبأن يأتي اليوم الذي تطيح فيه بالفسادين لبناء وطن يحلم به الجميع.