الخميس 23 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

9 آذار موعد وصول نيزك الانهيار: الموجة الثانية للثورة؟

9 آذار موعد وصول النيزك الاقتصادي المحلي الأول. بعد ساعات يحلّ موعد تسديد سندات اليوروبوندز، وسبقت وصول هذا المدمِّر العديد من الإنذارات والهزّات الارتدادية الواضحة.

 

وكان آخر هذه المؤشرات القرار القضائي بوضع إشارة “منع تصرّف” على أصول أغلب المصارف اللبنانية، وعلى أملاك رؤساء مجالس إدارتها. ليس من شأن هذا القرار أن يمسّ المودعين، لكن سارع الناس إلى التساؤل عن تداعياته. لا تداعيات على الناس وأحوالها، فالثقة بالمصارف معدومة أصلاً، وكذلك بالنسبة للثقة بالمصرف المركزي وحاكمه. والحال نفسه مع كل السياسيين ومن في السلطة. فالقرار، ليس إلا قنبلة دخانية داخل المحور الواحد، السلطة والمصارف.

والهدف من كل هذا الدخان تعمية الناس والإيحاء أنّ السياسيين يحاولون كبح جموح المصارف وجشعها. وحتى لو كان الصراع جدياً بين الطرفين، فذلك لا يعني أغلب اللبنانيين، صغار المودعين والمنتفضين. فهَمّ هذه الأغلبية تحصين عيشها ومنع الجوع عن طرق أبواب منازلها، وجعل المرتكبين يدفعون الثمن. علّ دخان السلطة-المصارف يتحوّل إلى قنبلة فعلية ينذر انفجارها باقتراب موعد تجديد حركة الشارع والثوار.

التحركات المتصاعدة

عادت حركة الثوار في اليومين الماضيين. توجّه قسم منهم إلى الشارع وقطعوا الطرقات في كل لبنان، تحت عنوان الفشل الحكومي وسوء الأوضاع المعيشية وارتفاع أسعار البضائع وأسعار الدولار. فلم يعد للدولار سعر موحدّ، حتى عند الصيارفة. وقرار تثبيت صرفه على تسعيرة ألفين ليرة لبنانية ضرب من خيال مصرف لبنان وحاكمه. 2680 ليرة والمزاد مفتوح، وبلا سقف مرئي. وكل هذا يعيد اللبنانيين إلى سؤال أساسي: أين تذهب دولارات الصرافين؟ إلى المصارف، ثم إلى المصرف المركزي. يعني أنّ الدولار موجود لكن مُحتكر، ولا انعكاس لاحتكاره إلا الأحوال المعيشية الموحشة للبنانيين. فسجّل أمس، تكسير زجاج مصرف في جل الديب، إقفال آخر في عاليه، تسكير العديد من محال الصيرفة في صيدا والنبطية، إضراب للتجار في بعلبك، إجبار محطة التحويل الكهربائي في حلبا على تغذية القرى بالكهرباء، وتحرّكات أخرى.

الموجة الثانية؟

وجد اللبنانيون اليوم، في كل لبنان، أنّ الاعتصامات عادت من جديد لتتصدّر المشهد. الفرصة التي منحوها للحكومة تنتهي يوم الإثنين المقبل، لأنّ الانهيار وصل. باتت الأزمة انهياراً، وحصاراً داخلياً وخارجياً.

هذا ما تؤكده كل وقائع المصارف داخلياً ويُتْم العلاقات الدولية لحكومة دياب. وبين هذين الأمرين ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية والغشّ الحكومي حتى في التعامل مع فيروس كورونا.

ومع وصول نيزك اليوروبوندز بعد أيام، دعوة لإطلاق الموجة الثانية من ثورة 17 تشرين. والموجة الثانية عنوانها الأساسي الجوع، يضاف إلى العناوين الإصلاحية السابقة. وثورة الجائع تختلف في كل شيء عن ثورة يقودها الإصلاح. اختلاف في الشكل والمضمون، فتصبح المطالبة بإسقاط الفاسد مطالبةً بإسقاط محتكر المال والرغيف معاً. وما المناوشات القليلة في اليومين الماضيين إلا مؤشر على ذلك.

ثورة الجوع

يوم وصلت أفواج ثوار طرابلس وعكار والبقاع والشوف والجنوب إلى بيروت، أيقن جميع من في الساحة أنّ المشهد في العاصمة قد تبدّل. انسحبت مجموعات الحوارات والأوراق والخطط، وحلّ محلّها أبناء المناطق الذين صدّروا خطاب الجوع ولقمة العيش.

في الأيام الماضية، دفعت الأحوال المعيشية أبناء الضاحية الجنوبية إلى التحرّك. فهؤلاء، على الرغم من سطوة الثنائي الحزبي عليهم ومصادرته لقرارهم، أحوالهم تسير نحو الأسوأ أيضاً. فشارك بعضهم في اعتصامات خجولة في قلب الضاحية، لم تقدر اليد الأمنية من منعها. وتناقل بعضهم الآخر رسائل على المنصّات الاجتماعية تؤكد أنّ “الوضع ما بقا ينحمل”. الواقع بطالة، ولو تأمّنت الوظيفة يقابلها اقتطاع نصف المرتّب. وارتفاع الدولار في الأفق. و”الثورة لما طلعنا من الشارع فشلت. ثورتنا مش ضد حزب الله وأكيد مش ضد سلاح المقاومة”. إنما ضد التجار والصرافين والمصارف: “نزلتنا على الشارع غير كل نزلات… نزلتنا مش نزلة رقص ودبكة… هل مرة مش طالعين من الشارع حتى توقف زعرنة البنوكة والصرافين وتجار المواد الغذائية”.

ليس لتلك اليد الأمنية من مبررا ت لقمعها أصلاً. وإن فعلت تكون قد وصلت حداً أقصى خطيراً. ممنوع أن تحتجّوا على الفساد، تمّ. ممنوع أن تتعرّضوا للمصارف، تمّ. ممنوع أن تقطعوا الطرقات، تمّ. ممنوع أن تسحبوا أموالكم، تمّ. ممنوع أن تطالبوا بلقمة عيشكم، ممنوع أن تحتجّوا على الجوع، ممنوع أن تقول إنّ الفاشل فاشل. كبرت لائحة الممنوعات، وتكاد أن تنفجر.

تتكامل مؤشرات الموجة الثانية، فمواجهة نيزك اليوروبوندز لن يكون إلا بنيزك شعبي شعاره الجوع ومال الناس أولاً.