سلامة لا يعرف
هو ركضٌ بلا جدوى في ممرٍ ضيّق، فيما السقف المشبع بالماء يوشك على الوقوع، إذ تقاطرَ الماء من كل اتجاهاته زمناً كافياً لتآكل الحديد والاسمنت. وما عادت الأوعية تحت السقف قادرة على احتواء المياه المتسرّبة. ما الحل؟ اجتمَع المهندسون وقرروا فتح تحقيق، فيما العائلة تنام تحت السقف.
سنوات من الابداع والتفنّن في نهب المال العام، لم يعرف بها سلامة، فربما كان مشغولاً بعدّ راتبه الشهري وتوزيعه لسدّ القرض السكني وأقساط مدارس أولاده، مع احتساب ثمن البنزين ومتطلبات الأكل والشرب.. معذورٌ هو بانشغاله، فأحياناً لا يكفيه الراتب لتأمين التغطية الصحية في المستشفى.
لا يعرف سلامة شيئاً، هكذا أكّد بلسانه عبر إطلالاته الهوليوودية النادرة في عزّ أزمة تحتاج الى استنفار لا محدود من قِبَل شخص بمركزه. لكن عذراً، هذا في الدول التي تحترم نفسها وشعبها وقوانينها وأخلاقها.
عدم المعرفة عبّر عنها سلامة بدايةً حين طمأنَ اللبنانيين أن “الليرة بخير” حين كانت قد بدأت بالتهاوي. واختفى، ليتجلّى ظهوره في اجتماع لجنة المال والموازنة النيابية يوم الخميس 26 كانون الأول، المخصص لبحث الملف المصرفي وتحديداً التحويلات الى الخارج. وبعد الاجتماع،
هي التحقيقات إذاً، لِمَ لا؟ فلتشمل التحقيقات أيضاً سعر صرف الدولار، فالحاكم قال أن “ما حدا بيعرف” ما سيكون عليه سعر الصرف مستقبلاً. نعم في الواقع لا أحد يعرف.
وإن كنت لا تعرف، فنحن نعرف، ونحن استبقنا ما يحصل وحذّرنا منه انطلاقاً من قراءات اقتصادية علمية كانت واضحة جداً لمن يريد أن يعرف.
فضل الله البريء
بنظرات توحي بالبراءة، أطل النائب حسن فضل الله عقب الاجتماع العجائبي. حَمَل فضل الله إلى الناس معجزة فتح الملفات والتحقيقات، وهو البارع في الحديث عنها، إذ لديه ملفات لو كشف عنها لأطاحت برؤوس كبيرة فاسدة، وأدخلتها السجن. فأين تلك الملفات والأسماء؟ محفوظة بحمى الحلفاء ووحدة الصف الشيعي.
هو القانون استُحضِر على لسان فضل الله. فأين كان القانون طيلة سنوات؟ ماذا لو أصاب تطبيق القانون الحلفاء؟ هل يُضرَب صفّ الشيعة والمقاومة لأجل قضية “تافهة” كأموال الناس ولقمة عيشهم؟ ما هكذا الظن بكم يا نواب حزب الله.
ومع ذلك، والتزاماً بحسن النوايا – فنحن الشعب لدينا نوايا حسنة أيضاً- فإن استعادة “نحو 11 مليار دولار حوّلت للخارج” يكون بالكشف الحقيقي عما يجري في البلاد، فأنتم أيضاً تعلمون، ولديكم حلفاء يعلمون واستفادوا من الهندسات المالية ومن الصفقات المخالفة للقانون ومن مشاريع في وزارة الطاقة وغيرها.. فهذه المرة لن تنفع عبارة “لو كنت أعلم”.
خلص فضل الله إلى ضرورة توفير “بين 5 الى 10 مليار دولار”. يريد فضل الله توفيرها عبر “المسار القانوني” الذي يقتضي التحقيق. فهللويا في زمن الميلاد. سيُفتَح تحقيق، وستجتهد اللجان وتضع خلاصاتها وتصوراتها وستُشَكَّل لجان أخرى لمباشرة العمل، سيُستدعى القضاء ويجري تحقيقاته.. والأزمة الاقتصادية ستنتظر النتائج بكل ما أُوتيت من انخفاض لسعر الليرة وغلاء الأسعار وارتفاع معدل البطالة.
لو أنك لم تتكلم وجلست في صالون شركائك في الحكم منتظراً لا منظَّراً. فالتنظير يكشف المستور. ألم يقل سقراط “تكلم كي أراك”؟ وأنت تكلمت كثيراً ورأيناك في أكثر من قضية، ولم نرَ معك سوى الملفات،
ليتكما لم تخرجا إلى العَلَن، فإن ابتُليتم بالمعاصي فاستتروا، فكيف ان كنتم أنتم المعاصي بذاتها عبر سياساتكم ومشاركتكم وتستّركم على الفساد؟ الشعب ليس “أهبَل”، أي هي البلاهة بلغة الشعب التي لا تفهمونها. الشعب خرج ضدكم كي ترحلوا لا كي تشكّلوا لجاناً تحقق في فسادكم فيما يموت هو وتسرق المصارف أمواله.