كتب فادي خلف في “الجمهورية”:
الجواب يبدو مستحيلاً، إلّا إذا بنينا الحسابات على محاكاة الماضي وأرقامه في الفترة ما بين العامين 1983 – 1992. أوليس اللبناني هو نفسه، والسياسيون ما زالوا هم أنفسهم؟ نعم هناك متغيّرات كثيرة ولكن عند تحليلها قد يلغي مفاعيل بعضها البعض الآخر، وأذكر على سبيل التعداد لا الحصر:
1983 – 1992: كانت الحرب قائمة ولكنها كانت تترافق مع تمويل الميليشيات من الخارج وحرّية دخول الأموال غير المشروعة على انواعها. كان القطاع المصرفي يحقّق ارباحاً ويفتح الفروع، كما كان المودع حراً بسحب ودائعه وتحويلها دون أي شرط. من ناحية اخرى لم تكن نسبة الدولرة بالمستوى التي هي عليه اليوم ولا مديونية الدولة بحجم ما نشهده اليوم.
2019 – 2028: لا حرب والحمدلله. انخفض تدفق الأموال لتمويل الأحزاب بشكل كبير باستثناء جهة واحدة. تبييض الأموال انحسر بعد فرض رقابة دولية على كافة التحويلات في العالم، مع تشدّد تجاه لبنان. ربحية المصارف تتحول الى خسائر، قيود على رؤوس الأموال، مديونية القطاع العام متعثرة وقد وصلت إلى أرقام خيالية. انتهت الحرب الأهلية وحلت محلها ثورة الجياع. ما يعانيه القطاع المصرفي وتعانيه الودائع ومديونية الدولة تجعلنا نعيش اليوم حرباً مالية توازي في مآسيها أعتى الحروب.
تفيد هذه المحاكاة أنّ نِسب الارتفاع الأكبر ستكون في السنوات 2022 (للصدفة تتزامن مع الانتخابات النيابية والرئاسية )، 2023 (حاكمية مصرف لبنان) و 2028 (قد تكون السنة الأخيرة للارتفاع مع بدء تصدير النفط وإيجاد الحلول). قد يجد البعض أنّ هذه الأرقام خيالية أو أقله فيها الكثير من المغالاة. ربما ولكن، هذه الأرقام تبيّن أنّ سعر الدولار سيصل خلال العام 2020 الى 3565 ليرة، وهو رقم ليس ببعيد عن الأسعار التي يتداول بها الصيارفة حالياً، فيما السنة ما زالت في بداياتها، والله أعلم ما تخبئه الأشهر المقبلة.
أما الحدّ الأدنى للاجور فسيرتفع بحسب هذه المحاكاة من 675000 ليرة (450 دولاراً حالياً) ليصل بعد عشر سنوات الى 87567000 ليرة (82 دولاراً في 2028).
هذه الأرقام لا علاقة لها بالتوقعات، وما هي إلّا محاكاة علمية لما قد يحدث فيما لو تكرّر سيناريو الثمانينات دون متغيّرات قد تطرأ على الوضع الحالي، فهل نجد الحلول اللازمة حتى لا يعيد التاريخ نفسه؟ أم أننا أصبحنا أصلاً في صلب التاريخ؟