أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الأحد، أن قطاع غزة يتعرض لنكبة ثانية وحرب إبادة لم يشهد التاريخ مثيلا لها.
وشدد عباس، على أن مخطط التهجير القسري الذي تنفذه الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل “لن يمر”.
جاء ذلك في كلمة له بمناسبة الذكرى العشرين لوفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، نشرت نصها وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية “وفا”.
وأضاف عباس، أن “الشعب الفلسطيني يمر في ظروف قاسية وصعبة. هناك نكبة ثانية في قطاع غزة، فشعبنا يتعرض لحرب إبادة جماعية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها، مئات آلاف الشهداء والجرحى، دمار شامل، تشريد وجوع وأمراض وأوبئة”.
وتابع: “لقد حولت دولة الاحتلال القطاع إلى منطقة غير قابلة للحياة، وما يحدث اليوم في شمال قطاع غزة خير دليل على ذلك”.
ومضى عباس قائلا: “لا يزال سيف التهجير القسري مسلطا على رقاب الغزيين، ونقول هنا بكل وضوح وصرامة إن هذا المخطط لن يمر، ولن نسمح له أن يمر، بصمود شعبنا وبدعم وتأييد أشقائنا وأصدقائنا في العالم”.
وتوفي عرفات، في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2004، عن عمر ناهز 75 عامًا، في مستشفى عسكري في ضواحي باريس، إثر تدهور سريع في صحته لم تتضح خلفياته، عقب حصار الجيش الإسرائيلي له في مقره بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، لعدة أشهر.
وفي كلمته، قال عباس، إن الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس يواجه “الاعتداءات المتواصلة عليه وعلى أرضنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين الإرهابيين، الذين يمارسون جرائم التطهير العرقي والتمييز العنصري”.
وأضاف موجها كلامه لسكان غزة: “لن نتوقف عن بذل كل الجهود من أجل وقف حرب الإبادة المجرمة، وحتى ينسحب آخر جندي احتلالي من قطاع غزة ليعود القطاع إلى مكانه الطبيعي في الدولة الفلسطينية، كما لن يهدأ لنا بال حتى نضمد جراح أهلنا في قطاع غزة، وأن نعيد بناءه أفضل مما كان”.
ولفت عباس، إلى أن القضية الفلسطينية “تمر بمرحلة عصيبة مع وجود الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، فليس قطاع غزة وحده يتعرض لحرب إبادة ومخطط ضم وتهجير فالضفة تتعرض للمخطط ذاته، وحكومة اليمين تعتقد أن الظروف مواتية لتنفيذ أهدافها التوسعية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”.
وأضاف: “لقد تمسكنا باستمرار بخيار السلام، تمسكنا به في كل الظروف الصعبة والمعقدة، وحتى عندما تخلى عنه الطرف الآخر”.
وتابع: “نحن لا ننظر للسلام بأنه مرحلة وتمر، نحن نسعى لإقامة سلام عادل ودائم، ومؤمنين أن هذا السلام، وأن الأمن والاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بزوال الاحتلال وتحقيق السيادة والاستقلال على أرض الـدولة الفلسطينية فلسطينية بعاصمتها القدس الشرقية على خطوط عام 1967 وإيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين على أساس المبادرة العربية والقرار 194”.
والقرار 194 صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948، في أعقاب النكبة الفلسطينية وينص في مادته الـ 11 على وجوب السماح للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم بالعودة في أقرب وقت ممكن. وهذا البند حول حق العودة للاجئين يعتبر محورياً في مطالبات الفلسطينيين المتعلقة بحق العودة.
وأكد عباس، “وجود وتعزيز عمل الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) ورفض قرارات سلطات الاحتلال بشأن حظر عملها في فلسطين، وهو ما نرفضه وسنواجهه بالتنسيق مع الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين”.
وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول أقر الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) بشكل نهائي حظر أنشطة الأونروا، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة أدانتها دول إقليمية وأوروبية وغربية ومنظمات دولية.
وأردف الرئيس الفلسطيني أن “الاحتلال يُجر إلى المحاكم الدولية ولأول مرة، سيحاسب على جرائمه وعدوانه على شعبنا وأرضنا ومقدساتنا”.
وفي 29 ديسمبر/ كانون الأول 2023، رفعت جنوب إفريقيا دعوى قضائية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب “جرائم إبادة جماعية” في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب شرسة منذ أكثر من 3 أشهر.
وأشار عباس إلى التحالف الدولي “لأكثر من 100 دولة تم إنشاؤه بجهود مشكورة من اللجنة العربية الإسلامية والاتحاد الأوروبي ودول شقيقة وصديقة من أجل تجسيد دولة فلسطين وحصولها على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.
وكانت السعودية أعلنت في سبتمبر / أيلول الماضي باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين إطلاق “التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين”، وذلك خلال الاجتماع الوزاري بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام، على هامش أعمال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعقد التحالف أولى اجتماعاته الأربعاء والخميس.
وعلى الصعيد الداخلي، قال الرئيس الفلسطيني “نؤكد لكم أننا على طريق إنجاز وحدتنا الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني، صاحبة القرار الوطني المستقل”.
ومنذ 2007، تعاني الساحة الفلسطينية انقساما سياسيا وجغرافيا، حيث تسيطر حركة حماس وحكومة شكلتها على قطاع غزة، بينما تدير حكومات تشكلها حركة فتح، بزعامة الرئيس محمود عباس، الضفة الغربية المحتلة.
وجدد عباس، في كلمته التأكيد على “التمسك بالأهداف والحقوق الوطنية المشروعة والمعترف بها دوليا”، متعهدا بمواصلة “السير بالعزيمة نفسها على درب الحرية والاستقلال”.
وفي الذكرى العشرين لوفاة عرفات قال إن “الدرس الأهم من مسيرة هذا القائد الاستثنائي، ومسيرة منظمة التحرير الفلسطينية، هو أن الشعب الفلسطيني لا يمكن إلغاء وجوده، ولا إذابته، والقضية الفلسطينية لا يمكن تصفيتها، وأن لشعبنا وطنا قديما بنى عليه تاريخه وحضارته، هذه الحضارة التي قدمت للإنسانية رسالة المحبة والسلام”.
ويتهم الفلسطينيون إسرائيل باغتيال عرفات، ويقولون إنه لم يمت بسبب تقدم العمر، أو المرض، ولم تكن وفاته طبيعية.
وأعلن رئيس لجنة التحقيق بوفاة عرفات، توفيق الطيراوي، في أكثر من مناسبة، أن “بينات وقرائن تشير إلى أن إسرائيل تقف خلف اغتيال عرفات”.
وتحل ذكرى وفاة عرفات، بينما تواصل إسرائيل وبدعم أمريكي تنفيذ إبادة جماعية بغزة منذ 7 أكتوبر 2023 ، خلفت أكثر من 146 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.