تظاهرة في لندن دعماً لغزة (رويترز)
هناك من يقول اليوم، إن الجيش الإسرائيلي يستطيع أن “يقتل” و لكنه لا يستطيع أن “يقاتل”، و هذه كلمة كبيرة في معناها وتحمل العديد من الدلائل المهمة التي من الممكن تحليل مضمونها.
أولاً: الجيش الإسرائيلي على مدى سنوات مضت بات جيشاً بعيداً كل البعد عن مسألة المواجهة والقتال بمعناه العسكري الكلاسيكي الصحيح، لأن هذا الجيش إعتاد على ممارسة أعمال يومية في الضفة الغربية جعلته يشبه عمل ” الشرطة ” من حيث الاعتقالات و القمع و هدم البيوت.
ثانياً: وجود قيادات سياسية إسرائيلية على رأس الجيش من أمثال الوزير المتطرف “بن غفير” جعلت خطط الجيش وتحركاته مكشوفة وغير محاطة بالسرية التي كان يتباهى الإسرائيلي لزمن.
ثالثاً: التردد الحاصل الآن في مسألة الهجوم البري على قطاع غزة أو ما يسميه قادة إسرائيل “المناورة العسكرية” المرتقبة أمر يلقي بضلاله على حالة الإرباك والترهل التي تعيشها المؤسسة العسكرية في إسرائيل، على الرغم من جمع ما يقرب من نصف مليون جندي نظامي واحتياطي بحسب تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت.
رابعاً: الاعتراف بوجود جنرالات و ما يسمى مستشارين عسكريين أمريكيين بإسرائيل الآن، حقيقة جديدة تضاف إلى سجل الغموض الحاصل في مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب، أي بمعنى أصح منظومة “قيادة و سيطرة” أمريكية على مجريات أي توغل عسكري.
خامساً: مما لاشك فيه أن قضية الأنفاق التي تمتلكها القسام تحت قطاع غزة، تعطي الأفضلية بدرجة ما لحرب شوارع عويصة و معقدة، لكنها كذلك سيف ذو حدين، لأن الحزام الناري المخيف الذي تقوم به إسرائيل عبر آلاف الغارات الجوية على قطاع، تشرح أيضاً خريطة طريق مفترضة لتوسيع رقعة الاشتباك في حال حصل اجتياح بري مرتقب.
و خلاصة الأمر تتعلق بكلمتين، الأولى على سبيل المثال أن القرار الإسرائيلي الأخير صعب و يحمل مفاجآت كبرى، و لكن القسام أيضاً مارست عنصر المباغتة بطريقة لا تخطر على بال عدوها خارج سياج القطاع في الـ ٧ من أكتوبر، و الثانية هي التي كانت في السابق مجرد نقطة تحول في المشهد الفلسطيني الذي كان يعتبر ذا مستوى واحد، قصف صاروخي ثم تهدئة، و أما اليوم فإن التهدئة بعيدة المنال ، و حتى قرار أممي شكلي بوقف إطلاق الرصاص أمر لا يلقى أي قبول في أروقة مجلس الأمن الدولي من قبل أطراف داعمة لإسرائيل.