لم يبقَ في النبطية من يجري صيانة المياه والكهرباء، إذ شكّل الاعتداء الثاني على بلدية النبطية ضربة قوية، بعد استهداف الجيش الإسرائيلي أمس الأول، مستودع البلدية في حيّ المشاع، حيث لاقى 5 من عمّال الصيانة حتفهم. يوم السبت وبعدما أنهى العمّال صيانة شبكات المياه والكهرباء التي تضرّرت بفعل الغارات العنيفة على المدينة، توجّهوا نحو مستودع البلدية لركن آلياتهم، غير أنه لم تمرّ دقيقة حتى أغار الطيران الإسرائيلي على المكان وأحرقه.
هي المجزرة الثانية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق بلدية النبطية، المدّة الزمنية بين الأولى والثانية شهر واحد. في السادس عشر من تشرين الأول نفّذ الإسرائيلي هجوماً كبيراً على مدينة النبطية، ومن ضمنها بلدية النبطية حيث دمّر مركز البلدية واتحاد بلديات الشقيف وسقط رئيس بلديتها أحمد كحيل وفريق لجنة الإغاثة في البلدية، ودمّر السوق التجارية في المدينة وسراي النبطية الحكومي.
في هذا السياق، تشير مصادر إلى أنّ “الإسرائيلي تقصّد تدمير البلدية، للقضاء على أي مقوّمات صمود”. 25 شخصاً من أعضاء وموظّفي البلدية قضوا في الاعتداءات الإسرائيلية، وبمقتل عمّال الصيانة، بات السؤال: هل ستتوقف الأعمال في المدينة المنكوبة التي تغيّرت معالمها، وخرجت من الحياة، ولم يبق من متاجرها وأسواقها سوى الأسماء؟ كتل الخراب مرعبة، طرقاتها خالية من المارّة، وحدهم عمّال الصيانة كانوا يجولون فيها بحثاً عن أعطالٍ.
ليست النبطية وحدها تعيش ويلات الحرب، أيضاً بلدة عربصاليم في إقليم التفاح، تنفض الغبار عن مجزرتها، عائلة بكاملها من آل حطاب قضت تحت الركام، كانت قد عادت لتوّها من نزوحها. لم يمض على عودتها نهار واحد، حتى سقط أفرادها جميعاً في غارة على منزلهم في حي اللبونة في البلدة. هي المجزرة الثالثة في منطقة النبطية، بعد مجزرتي النبطية وعين قانا. يقول علي حطاب أحد أقرباء العائلة “إنّ العائلة عادت لأنها اشتاقت لأرضها، ناهيك بضغط النزوح القاسي، عاملان دفعا بهم للعودة”. يؤكد أنّ “أقرباءه كانوا يرفضون مغادرة منزلهم، قبل أن ينزحوا نحو بشامون، ليعودوا مجدداً”. يرى أنّ “فاتورة الحرب قاسية، فالإسرائيلي ينتقم من أبناء الجنوب، لا يفرق بين هدف عسكري وآخر مدني، رغم علمه المسبق أن المنزل مدنيّ، غير أنه كلما فشل في الميدان يصعّد عدوانه وعنفه ضدّ المدنيين في القرى والبلدات”.