مجدداً… انهارت الهدنة الهشة في مخيّم عين الحلوة ودارت اشتباكات بين حركة «فتح» و»تجمع الشباب المسلم» على مختلف محاور القتال من جبل الحليب – حطين وصولاً إلى البركسات – بستان القدس – الطوارئ، رغم كل الحراك السياسي الفلسطيني واللبناني، والذي تقاطع بين قيادتي حركة «فتح» و»حماس» وقد أسفرت عن سقوط 5 قتلى وأكثر من ١٥ جريحاً، ليرتفع العدد إلى 13 قتيلاً وأكثر من 125 جريحاً منذ بدء الاشتباكات الخميس في 7 أيلول الماضي.
ولكنّ المفاجأة في خارطة الطريق تمثّلت في إعلان عضو اللجنة المركزية المشرف على حركة «فتح» عزام الأحمد، عن وجود مهل زمنية لتسليم الجناة والمشتبه فيهم في جريمة اغتيال قائد الأمن الوطني في منطقة صيدا اللواء أبو أشرف العرموشي ورفاقه، وهو ما نفته حركة «حماس»، مؤكدة الالتزام بالبنود الستة التي خرج بها اجتماع السفارة الفلسطينية في بيروت بين القيادتين.
وأوضح الناطق الرسمي باسم «حماس» جهاد طه لـ»نداء الوطن»، «أنه لم تحدّد مهل زمنية في الاجتماع، ونحن ملتزمون بقرار هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان بتسليم المطلوبين المتهمين باغتيال العرموشي ورفاقه وعبد الرحمن فرهود للقضاء اللبناني لاتّخاذ ما يجب بشأنهم بتكليف القوة الأمنية المشتركة القيام بالواجب الموكل إليها».
واتفقت «فتح» و»حماس» على العديد من النقاط أيضاً وأبرزها «وقف الحملات الإعلامية كافةً والعمل لتسهيل عودة المهجّرين إلى منازلهم، وإخلاء المدارس في أسرع وقت من أجل إعادة إعمار ما لحق بها من أضرار بالسرعة القصوى، والعمل بشكل مشترك لبلسمة جراح أبناء شعبنا والتخفيف من معاناته والاستمرار بالتنسيق مع الدولة اللبنانية ومؤسساتها كافة».
وزار الأحمد، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يرافقه السفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور وأمين سر حركة «فتح» فتحي أبو العردات، بمشاركة قائد الجيش العماد جوزاف عون، المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي.
ودعا الأحمد إلى عدم استغلال الأوضاع السياسية والاقتصادية الحالية في لبنان والفراغ الموجود للعبث بلبنان الشقيق»، مشيراً إلى «أنّ الأخوة في القيادة اللبنانية سيجرون اتصالات مع كل الأطراف التي يمكنها إيصال هذا القرار الى الجميع من دون استثناء بمن فيهم من يتحصّنون في المدارس التي لا بدّ من إخلائها أيضاً في أقرب وقت ممكن»، مضيفاً «لقد وضعنا سقفاً زمنياً وهو ليس طويلاً، وهو على قاعدة النقاط التي وضعناها أي تسليم القتلة للقضاء اللبناني الذي هو صاحب السيادة».
وفي حال رفضوا التسليم هل يعود الخيار للحسم العسكري؟ أجاب الأحمد «كل الخيارات مطروحة أمامنا واتفقنا عليها، ونحن نفضل خيار العقل»، مضيفاً «ننسّق كل شيء خطوة خطوة، ولا نقدم على عمل منفرد ولا يقدم الأخوة في الحكومة اللبنانية ومؤسسات الدولة اللبنانية على عمل منفرد أيضاً. وهذه مناسبة لنؤكد لأبناء صيدا وفاعلياتها وقواها وأحزابها وأيضاً للجوار، أن هناك من يريد توسيع الفوضى والصدام. وأكرّر، جرى اتصال من استخبارات دولة أجنبية في داخل لبنان مع هؤلاء حول الوضع، للتحريض وتقديم إغراءات خدمة للبرنامج، وإسرائيل ليست بعيدة عمّا يدور».
بالمقابل، جال نائب رئيس «حماس» في الخارج موسى أبو مرزوق على رأس وفد ضمّ رئيس دائرة العلاقات الوطنية في الخارج علي بركة وممثل الحركة في لبنان أحمد عبد الهادي، على المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، والمفتي دريان والأمين العام لـ»الجماعة الإسلامية» في لبنان الشيخ محمد الطقوش.
وبعد لقاء المفتي دريان، قال أبو مرزوق «عقدنا اتفاقيات ملزمة بوقف إطلاق النار وسحب المظاهر العسكرية وعودة المهجرين وتسليم المطلوبين وتحريم الإقتتال الفلسطيني والدم الفلسطيني، وأن لا يستخدم السلاح بين أبناء شعبنا الفلسطيني على الإطلاق. فهذا السلاح هو للدفاع عن فلسطين وليس للاقتتال. وتمّ الإتفاق مع «فتح» على أن المسؤول عن الأمن يجب أن يكون قوة مشتركة وليس فصيلاً واحداً، فكل الفصائل مسؤولة عن المخيّم. كما اتفقنا على سحب المسلحين من المدارس وتهدئة الأجواء».
ميدانياً، بقي اتفاق وقف إطلاق النار يتعرّض لخروقات متكرّرة وخصوصاً على محور حطين – جبل الحليب حينا وعلى محور الطوارئ – البركسات حيناً آخر، وعصراً اشتدّت على محور حطين مع استخدام القذائف الصاروخية، ولم يتح ذلك للعائلات النازحة العودة الى المخيم لتفقّد ممتلكاتها، في وقت ظلّ النزوح يؤرق المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين رغم قيام «الأونروا» بفتح مدرسة «نابلس» في صيدا ومدرستين في مركز «سبلين» المهني في إقليم الخروب.
صيداوياً، تنفّست المدينة الصعداء وانعكست أجواء وقف إطلاق النار إيجابياً على المدينة، حيث عادت الحركة إلى طبيعتها في شوارعها وطرقاتها وفتحت المحال أبوابها، رغم استمرار إقفال الدوائر الرسمية في سراي صيدا الحكومي وفروع الجامعة اللبنانية، فضلاً عن الجامعات الخاصة.
وزار كل من النائب ميشال موسى والنائب أسامة سعد، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان في مكتبه في دار الفتوى وجرى التأكيد على ضرورة متابعة الجهود من أجل تثبيت وقف إطلاق النار.