فور إعلان اتفاق الإطار لمفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، بدأت تدور تساؤلات كثيرة عما سيلي هذه الخطوة سياسياً.
في التفاوض التقني سيكون المسار طويلاً حتماً، وتعترضه تعرجات كثيرة، شروط وشروط مضادة.
حزب الله والاتفاق
لكن ما جرى فتح كوة في جدار حصار لبنان الخانق بفعل التصعيد الأميركي. والسؤال السياسي الأول المطروح الآن: كيف ينعكس هذا الاتفاق على عملية تشكيل الحكومة؟ وهل يسرِّع تأليفها بشروط أميركية هذه المرّة، بعد تعثر المبادرة الفرنسية؟
ليس من جواب واضح على هذا السؤال. لكن الأكيد أن المياه الراكدة تحركت بشكل أو بآخر، بعدما تلازم توقيت إعلان الاتفاق والترحيب به، بين لبنان والولايات المتحدة الأميركية.
لقد نجحت واشنطن في انتزاع موقف لبناني، وفي نُقل الملف من يد رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى يد رئيس الجمهورية ميشال عون والجيش اللبناني. ولا يمكن تحقيق ذلك من دون موافقة حزب الله الضمنية. وهذا يعني أن الحزب لعب ورقة على الطاولة، وينتظر الردّ الأميركي عليه.
وتوحي مواقف وزارة الخارجية الأميركية وديفيد شينكر، أن الاتفاق لا يعني وقف مسار العقوبات على حزب الله والمتحالفين معه. ولا يعني أيضاً أن واشنطن تفاوض حزب الله الذي تعتبره إرهابياً، بل تفاوض الحكومة اللبنانية.
بقاء الحزب إرهابياً
يمكن تسجل بعض الملاحظات في هذا السياق: قد يكون هدف أميركا من إعلان الاتفاق تحقيق المزيد من التنازلات من الجانب اللبناني وحزب الله خصوصاً. أو استمرارها في الضغط على حلفاء الحزب كي ينفضوا من حوله، خوفاً من العقوبات. وهناك تفسيرات تفيد أن الموقف الأميركي سيبقى على حاله، معتمداً مرونة في المضمون، لأن حزب الله قدّم تنازلاً، ولو بسيطاً.
ولكن استمرار أميركا في اعتبار حزب الله إرهابياً، يعني أنه لن يكون شريكاً في المفاوضات حول ترسيم الحدود، ولا شريكاً في أي حكومة قد تتبلور نتيجة المبادرة الأميركية. وبما أن المفاوضات ما كان يمكن أن تبدأ بلا موافقة حزب الله، يبحث كثر عن مخرج لمعضلته، على قاعدة عدم حضوره بوضوح في الحكومة، بل يسمّي وزيراً أو اثنين شبيهين بوزيري الصحة حمد حسن وجميل جبق. وهذا غير مؤكد ولا محسوم، حتى الآن. لكنه متداول في الأوساط السياسية اللبنانية.
إيران تفاوض الأصيل
بما أن المبادرة الفرنسية فشلت، ونجحت المبادرة الأميركية في مسألة ترسيم الحدود، يعني أن إيران وحزب الله اختارا التفاوض مباشرة مع الأصيل، وليس مع الوكيل، ولو كانت فرنسا.
وهناك قراءة لبنانية ترى أن إعلان الاتفاق يسرع عملية تشكيل الحكومة. ويصل الحال بالبعض إلى اعتبار أن الاستشارات النيابية قد تحصل أواخر الأسبوع المقبل. بل إن تشكيل الحكومة لن يستغرق وقتاً طويلاً، بل تُشكل سريعاً. لأن هوامش المفاوضات السرية حول إعلان الاتفاق وتحديد موعده، شملت جوانب الوضع السياسي على الساحة اللبنانية.
وهنا يستمر الحديث عن أن الخيار الذي يكاد يكون الوحيد، هو تسمية نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة. وهناك من يقول إنه الأفضل في هذه المرحلة، بما أن رؤساء الحكومة السابقين الثلاثة الآخرين غير راغبين في خوض غمار تشكيل الحكومة بالفترة الباقية من عهد عون. وميقاتي قد يكون “أفضل” من حسان دياب آخر، أو مصطفى أديب آخر.