الأزمة الاقتصادية اللبنانية تنفجر مهددة عقوداً من الازدهار
ولفتت الصحيفة إلى ان” اللبنانيين في الشرق الأوسط لطالما عرفوا بحبهم للحياة وعدم سماحهم للاضطرابات السياسية أو العنف أن يقف في طريق استمتاعهم بأروع اللحظات، حيث بقيت ابواب النوادي الليلية والفنادق مفتوحة على الرغم من الحروب، في وقت لم تكن المياه صالحة للشرب والكهرباء غير متوفرة،
وحتى الطبقة الوسطى كان بامكانها تحمل تكاليف شراء ملابس واستقدام عاملات منزليات اضافة الى القيام برحلات الى دول اجنبية “معتبرة ان” تمكّن اللبنانيين من اتباع أسلوب الحياة هذا سببه سياسة حكومية طويلة الأمد حافظت على قيمة الليرة اللبنانية المرتبطة بالدولار، وتفاعلت بسلاسة مع الاقتصاد العالمي،
الا ان هذا النظام تفكك في الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى انهيار اقتصادي تفاقم بسبب الإغلاق المفروض من قبل الحكومة لوقف انتشار فيروس كورونا، الامر الذي دفع محللون الى التحذير من انكماش اقتصادي يعيق الطبقة الوسطى، ويجعل من الصعب الخروج من الازمة”.
” مشاكل لبنان الاقتصادية تتراكم منذ سنوات” بحسب “نيويورك تايمز” فالبلد الذي يضم عددا من الطوائف الدينية واعداد كبيرة من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، عانى منذ فترة طويلة من الصراع الداخلي وانتشار الحروب وقد اعتمدت حكوماته الضعيفة على الديون للنهوض بالبلد، الا انها فشلت في تنفيذ إصلاحات كان من الممكن أن تعزز اقتصادها أو تجلب المساعدات الدولية، ما جعلها ثالث أكثر الدول مديونية في العالم”.
كما اعتبرت الصحيفة ان” العلامات الواضحة على وجود ازمة ظهرت في أواخر العام الماضي، عندما بدأت المصارف بالحد من السحوبات، حيث اندلعت احتجاجات مناهضة للحكومة في جميع أنحاء البلد، فانهار سعر صرف الليرة بعدما شح الدولار من السوق، وبما أن لبنان ليس بلداً منتجاً يرتكز على التصدير،
فإن المصدر الرئيسي للدولار كان ودائع المستثمرين الأثرياء في المصرف المركزي. وللحفاظ عليها رفع المصرف المركزي أسعار الفائدة على الودائع الكبيرة، على ان يتم تغطية عوائدها من خلال الودائع الجديدة بمعدلات أعلى.
ازمة الدولار في لبنان ارخت بظلالها بحسب الصحيفة” على صغار المودعين الذين يصطفون خارج المصارف في محاولة لسحب جزءاً من أموالهم”، وقد تحدّثت الصحيفة إلى عدد من اللبنانيين الذين شرحوا كيف انخفضت قدرتهم الشرائية بعدما خسرت رواتبهم قيمتها وكيف تغيرت حياتهم، متوقعة أن يكون وقع الأزمة كبيراً على الفقراء، مذكّرة بتحذير البنك الدولي من ارتفاع نسبة الفقراء في لبنان إلى 50%، وذلك قبل انهيار الليرة وتفشي كورونا، ما يجعل الأمور أسوأ الآن.
وتطرقت الصحيفة الى تحذير” هيومن رايتس ووتش” الشهر الماضي من أن الملايين من سكان لبنان بما في ذلك أكثر من مليون لاجئ سوري، معرّضون لخطر الجوع أثناء الإغلاق إذا لم تساعدهم الحكومة، مشيرة الى ان اليأس جعل الاحتجاجات في البلاد أكثر عنفاً، من احراق فروع لمصارف وقتل أحد المتظاهرين في مدينة طرابلس بعدما اطلقت القوى الامنية الرصاص المطاطي والذخيرة الحيّة.
واضاءت الصحيفة على فندقين استطاعا تجاوز مرحلة الحرب الأهلية الا انهما اضطرا الى إغلاق أبوابهما الآن، وعلى ما أعلنه رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري من أنّ الجامعة تواجه واحدة من كبرى الازمات التي عرفتها منذ تأسيسها عام 1866.
كما تطرقت الصحيفة الى فشل الحكومة في شهر اذار الماضي بدفع المترتب عليها من السندات الاجنبية بقيمة 1.2 مليار دولار، وهو أول تقصير من هذا القبيل في تاريخ لبنان، مشيرة الى اعلان الحكومة عن خطتها الاصلاحية في 30 نيسان وبانها ستطلب 10 مليارات دولار من المساعدات من صندوق النقد الدولي، وبأن المساعدات التي وعدت بها من قبل لم تصل لأن لبنان فشل في إحراز تقدم في الإصلاحات المطلوبة من الممولين،
وحتى ان حصل ذلك فإن الامر قد يستغرق سنوات لكي يستفيد منه أشخاص كتاجر الخضر أبو هيثم سرحال الذي يشتري بالدولار ويبيع بالليرة اللبنانية والذي يشاهد هامش ربحه الضئيل يختفي، حيث قال “لم أشهد أبداً أي شيء من هذا القبيل في تاريخ لبنان. هذه أسوأ فترة على الإطلاق”.