السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"إعادة هيكلة المصارف" بين الضرورة.. والتوقيت السيّء!

تعيش البلاد في مرحلة “الهدوء ما قبل العاصفة” مع بعض “الخروقات المحدودة”، لتمرير عيدَي الميلاد ورأس السنة بعيداً عن ترجمة التحديات والشروط السياسية على الواقع الرئاسي والحكومي والتشريعي لا سيما هنا مشروع قانون الـ”الكابيتال كونترول”، تجنّباً لإثارة الاستفزازات والتشنجات التي تُجفّل المغترب والسائح وحتى المستهلك في عزّ موسم صرف العملة الصعبة في السوق المحلية، لتأمين كمية لا بأس بها من الدولارات تحرّك مفاصل الاقتصاد المُتحلل.

لكن تلك الدولارات بالتأكيد لم ولن تدخل من الباب المصرفي لتعزيز موجودات المصارف من العملات الأجنبية وتحديداً الدولار الأميركي، وهذا أمرٌ مفروغ منه بفعل انعدام الثقة بقطاع أنهَكته ديون الدولة السيادية وأضعفته حملات شوّهت سمعته محلياً وخارجياً، هزَّته وكادت توقِع به لولا الحاجة الوطنية المُلحّة إليه التي دفعت بالمسؤولين إلى المحافظة على أبوابه مفتوحة “قدر الإمكان” أمام العملاء…

وعلى رغم ذلك، تجد المصارف نفسها تحت ضغط مطالبتها بتأمين “الدولار النقدي الطازج” Fresh Dollar لزوم خطة إعادة الهيكلة! علماً أن مثل هذا التدبير يُتَخذ في مرحلة تَنعم فيها البلاد بالرخاء النقدي والمالي وبوضع سياسي سليم لا تشوبه شائبة… وليس في ظل فراغ رئاسي لا أحد يعلم خواتيمه وحدود أمَده، ولا تحت نيرِ أزمة اقتصادية ومالية مستفحلة لا حلول قريبة لها مع حكومة تصريف أعمال ذات جدول أعمال مدَجَّج بـ”الكيديّة وتصفية الحسابات” السياسية، وبالتالي لا توجد أرضيّة صالحة لتطبيق قانون إعادة هيكلة القطاع المصرفي، إذ لا يوجَد مَن يشرِّع في مجلس نواب أصبح هيئة انتخابية، ولا مَن يقرّر في حكومة تصريف أعمال تلتئم “للضرورة” مع إشكالات دستوريّة!

ربما إعادة هيكلة المصارف طرحٌ ضروري لا بدّ منه خصوصاً أنه أحد شروط صندوق النقد الدولي في تقليص عدد المصارف معطوف على نيّة مبطّنة باستقطاب مصارف خارجية.. لكن “توقيت” إثارة الموضوع بهذا النَهج والأسلوب الضاغط وكأن البلاد بألف خير، فهو توقيت سيّء ومُربِك ومستَغرَب في آن.. فيما سيولتها عالقة لدى مصرف لبنان.

تعقيباً، يطرح مصدر مالي متابع عبر “المركزية” سلسلة تساؤلات مؤطَّرة بالتشكيك في مدى القدرة راهناً على تلبية الشروط المفروضة على المصارف في سياق إعادة هيكلتها، ومفادها:

– أي مستثمر أجنبي أو عربي سيبادر إلى الاستثمار في القطاع المصرفي اللبناني في ظل هذا الواقع السياسي والاقتصادي والمالي والنقدي المُزري؟!

– قبل النظر في هيكلة المصارف ألا يجب النظر في إعادة هيكلة البلاد التي باتت تحت ركام الإهمال والضَياع… حتى الإمّحاء؟!

– كيف المطالبة بتأمين الـ”فريش” دولار فيما تهريبه مفتوح على بركان الفراغ الرئاسي حيث مصير لبنان واللبنانيين على “كَفّ عفريت”؟!

– لماذا هذا الإلحاح والاستبسال اليوم لتطبيق قانون إعادة هيكلة المصارف في هذا التوقيت بالذات؟!

– هل بات في الإمكان مطالبة مستثمر أو مودِع أن يحوّل الدولارات الطازجة من الخارج إلى أي مصرف في لبنان، في ظل فقدان تامٍ لأي أفق سياسي مَفصلي؟! هل سيملك أحد الشجاعة على ضخّ الدولارات في مصارف لبنان حيث لا يوجد رئيس جمهورية؟!

من دون أن يغفل المصدر التأكيد أن “المصارف لا ولن تتهرّب من تأمين المطلوب، إنما تطالب بالتروّي إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية ثم تحسين أرضيّة البلاد وتحصينها، فالمصارف اليوم بالكاد تؤمّن الدولار الـ”فريش” لتلبية حاجات الزبائن المستفيدين من تعميم مصرف لبنان الرقم 158 من جهة، وتسديد قيمة الأموال المطلوبة في الحكم الصادر في حقها من مودِعين لجأوا إلى القضاء الأجنبي في الخارج”.

ويخلص إلى القول: يحاول البعض عبثاً، تقويم الاعوجاج في هذا الوقت الضائع حيث لا أحد يعلم إذا كان سيبقى هناك بلد في ظل مطالبة بعض الأطراف بـ”اللامركزية والفيديرالية”… فلنتأكد أولاً من أن لبنان الواحد باقٍ، ومن وجود نيّة بانتخاب رئيس للجمهورية وتعيين حكومة فاعلة، عندها نُطلِق عجلة إعادة الهيكلة. فيا ليت العودة إلى الخيارات الصائبة في توقيتها ومضامينها وأخذ العِبَر من القرارات العشوائية والمصلحيّة التي أوصلت لبنان إلى هذا الدَرك! اليوم قبل الغد.

    المصدر :
  • المركزية