الأربعاء 21 ذو القعدة 1445 ﻫ - 29 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الترسيم: هدايا عونية "مجانية" ووعود إسرائيلية "وهمية"

نداء الوطن
A A A
طباعة المقال

لا يكاد حليف ولا خصم يختلفان على حقيقة أنّ العهد وتياره أدخلا ملف ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في “بازار” التفاوض مع الأميركيين على رفع العقوبات عن جبران باسيل، حتى “حزب الله” لم تعد خافية مساهمته بشكل أو بآخر في رعاية هذا “البازار”، بالحد الأدنى من باب “التطنيش”، وبالحد الأقصى من زاوية تشكيل “الحزب” ظهير دعم لتغطية التراجع العوني عن الخط 29 إلى الخط 23 في حدود لبنان البحرية الجنوبية، وهو ما تجسّد بالرسالة التي نقلها المعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل إلى الرئيس ميشال عون لطمأنته إلى وقوف الحزب خلف موقف الدولة في مسار الترسيم “أيا كان هذا الموقف”، ما يعني عملياً الموافقة على الالتزام العوني أمام الوسيط الأميركي بحدود الخط 23.

ولم يعد سراً أنّ رئيس “التيار الوطني الحر” أخذ على عاتقه خلال لقائه الأخير مع الوسيط الأميركي السفير آموس هوكشتاين “تسهيل مهمته في تأمين تراجع لبنان عن سقف التمسك بالخط 29″، وبالفعل هكذا كان مع تبدّل الموقف الرئاسي من متمسك بحق لبنان في المطالبة بهذا الخط في نصّ الرسالة التي أوعز عون لوزير الخارجية بإرسالها إلى الأمم المتحدة عشية زيارة هوكشتاين، إلى موقف ملتزم بالخط 23 مع وصول المبعوث الأميركي إلى بيروت… وأمام ما بدا من تبدل فاقع في المواقف، توالت التعليقات وتفاوتت بين إدانات بلغت حد اتهام رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى، وبين مطالبة الرئاسة الأولى بالكشف عن المعلومات الرسمية المتصلة بعملية التفاوض الحدودي، فآثر رئيس الجمهورية في المقابل التزام التكتم وعدم البوح أمام الرأي العام بأي من هذه المعلومات على اعتبار أنّها من “أسرار الدفاع الوطني والأمن القومي”، بينما أكدت مصادر مواكبة للملف أنّ “التكتم العوني ناتج في حقيقة الأمر عن ضعف الحجة القانونية في تبرير التخلي عن الخط 29، والعجز عن شرح موجبات تقديم هدايا مجانية لإسرائيل جعلتها الفائز الأكبر على طاولة المفاوضات لا سيما وأنّها لم تقدم أي شيء ذي قيمة نظير تخلي لبنان عن خطوطه الحدودية المتقدّمة”.

وأوضحت المصادر أنّ “خبراء عسكريين وتقنيين يؤكدون أنه لا أساس قانونياً للخط 23″، مشيرةً إلى أنّ “مجرد التزام لبنان بهذا الخط أعطى الجانب الإسرائيلي مبتغاه في حرف خط الترسيم اللبناني مقابل تقديم وعود وهمية من المستحيل تحققها”، ولفتت الانتباه في هذا السياق إلى أنّ “عملية تبادل أو تقاسم الحقول تبدأ ولا تنتهي، وخير شاهد على ذلك “حقل أفروديت” القبرصي – الاسرائيلي حيث بدأ النقاش لتقاسمه بين الجانبين عام 2012 ولا يزال مستمراً حتى اللحظة، علماً أنهما دولتان صديقتان، فكيف الحال بنقاش مماثل بين دولتين في حالة عداء؟”، وأضافت: “إذا كان هناك أمل بالتوصل الى حل قبل وصول سفينة الانتاج الى حقل كاريش بعد شهرين تقريباً، وهذا الحل الذي يسمح للبنان ببدء التنقيب جنوبا والاستفادة من الثروة النفطية لتكون عاملاً مؤثراً في إعادة الثقة الاقتصادية بلبنان، أصبح الآن هذا الأمل مفقودا بعدما تخلى لبنان عن الخط 29، لتغرق مفاوضات تحصيل الحقوق اللبنانية في نقاش حول تبادل الحقول أو تقاسمها قد يستمر عشرات السنين دون الوصول إلى نتيجة تحت وطأة المراوغة الإسرائيلية”.