الخميس 23 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

التمديد لقادة الأجهزة على قاعدة القانون.. هل تُجيزه حالة "الحرب"؟!

جوانا فرحات
A A A
طباعة المقال

لافتاً كان الخبر الذي نشر اليوم عن “إمكانية طرح وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي مسألة تأجيل تسريح المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري لستة أشهر وذلك من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقررة غدًا. وتأتي هذه الخطوة قبل موعد إحالة البيسري على التقاعد في 3 كانون الأول المقبل”.

مصدر أمني أوضح لـ”المركزية” أن إمكانية طرح المولوي مسألة تأجيل تسريح اللواء البيسري في الجلسة الوزارية المقررة غدًا مستبعدة لأن تاريخ إحالة البيسري إلى التقاعد هو 3 كانون الأول 2024 وليس 2023 أي أن هناك ما لا يقل عن السنة. وما بينهما الكثير من التغييرات والأحداث والمحطات التي قد تقلب الأوراق داخليا وعلى مستوى المنطقة.

في السياسة الموضوع يختلف. فوزير الداخلية الأسبق مروان شربل يفضل عدم الدخول في زواريب طرح التمديد للقادة الأمنيين. “اليوم هناك ملف قيادة الجيش المطروح على طاولة تأجيل التسريح، وغدًا مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وبعده مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري”. ويضيف “أن قانون الأمن الداخلي يختلف كليًا عن مسألة التمديد لقائد الجيش”.

ومنعًا لأي تعدٍ على القانون، يلفت شربل إلى أن عملية تعيين البيسري مديرًا عامًا للأمن العام إنما حصل وفقاً للقانون كونه الضابط الأعلى رتبة بعد إحالة اللواء عباس ابراهيم إلى التقاعد، وليس باقتراح من قبل وزير الداخلية. وعليه عندما يبلغ اللواء البيسري السن القانونية وقبل أن يُحال إلى التقاعد يجب أن يتسلم مهامه الضابط الأعلى رتبة في مديرية جهاز الأمن العام. وإلا نكون أمام دولة “بتمدِدلي تا مدِدلك”!

ويختم شربل: “يجب تحييد الأجهزة الأمنية عن الصراعات السياسية والطائفية واحترام القانون، هذا كل ما نتمناه وما يمكن قوله في هذه اللحظة المصيرية من حياة الوطن”.

الأكيد أن المقاربة في مسألة تأجيل تسريح قادة الأجهزة الأمنية لا تجوز، إذ أن لكل جهاز وضعيته الخاصة. وأي اقتراح مماثل من قبل الوزير المعني يحتاج إلى مرسوم يصدر عن مجلس الوزراء أو قانون عن مجلس النواب يعدِّل سن التسريح القانوني.

رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ الدكتور بول مرقص يوضح لـ”المركزية” أن المادة 19 من المرسوم الإشتراعي رقم 102 الصادر عام 1983 نصت على أن “يعين قائد الجيش من بين الضباط العامين المجازين بالأركان الذين لم يسبق أن وضعوا في الاحتياط بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير الدفاع الوطني. ويحمل قائد الجيش رتبة عماد ويسمى “العماد قائد الجيش ” ويرتبط مباشرة بوزير الدفاع الوطني”.

وفي ما يتعلّق بالسنّ القانوني للتسريح الحكميّ للعسكريين ومن بينهم قائد الجيش، فقد نصّت عليه المادّتان 56و57 من المرسوم الاشتراعي رقم 102. ويلفت مرقص إلى أن ” المرسومين الاشتراعيين 102 و112 لم يتناولا أي أحكام تتعلّق بتمديد سنّ التقاعد، مما يشير إلى ضرورة صدور تشريع يسمح بذلك، وهذه ليست المرّة الأولى التي يصدر فيها تشريع للتمديد. ففي عهد رئيس الجمهورية الأسبق الياس الهراوي أقرّ مجلس النواب قانوناً أدى إلى تمديد ولاية قائد الجيش الذي كان سيحال إلى التقاعد، كما كلّ الضباط في الخدمة الفعلية الذين كانوا يحملون رتبة عماد، وذلك عبر تعديل سن التسريح الحكمي من الخدمة ليصبح 63 سنة، بدلاً من 60 سنة، وعُمل بهذا القانون لمرّة واحدة فقط. و في عهد الرئيس السابق ميشال عون، صدر قانون آخر عام 2021 أقرّ بتأخير تسريح عقداء في الجيش إلى حين بلوغهم سنّ الثامنة والخمسين”.

وبصرف النظر عن الموقف المبدئي الحقوقي، رجح مرقص إمكان أن يطال أي تمديد مرتقب جميع المديرين العامين الذين هم في مواقع حسّاسة ومهمّة على الصعيد الأمني، لافتاً إلى إمكانية أن يتمّ ذلك بموجب قانون واحد من مجلس النواب. وفي حال تعذر التمديد من خلال قانون يقرّه مجلس النواب فقد يتم اللجوء إلى مرسوم يصدر عن الحكومة يوقعه الوزراء الـ24 أو الوزراء المختصون، كما حصل حين تم تمديد ولاية قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي في العام 2013 من قبل وزير الدفاع وقتذاك فايز غصن لغاية العام 2015، ثم مدد له وزير الدفاع سمير مقبل من العام 2015 حتى نهاية أيلول 2016.

إمكانية الذهاب إلى تأجيل التسريح بحسب المادة 55 من قانون الدفاع الوطني تجوز في حالتين: الأولى في وضع اعتلال لم يبت به، والثانية بناء على قرار وزير الدفاع الوطني المبني على اقتراح قائد الجيش في حالات الحرب أو إعلان حالة الطوارىء أو أثناء عمليات حفظ الأمن.

بالتالي، فإن الحلّ الأول يكمن بقانون يصدر عن مجلس النواب يعدّل السن القانوني لتسريح قائد الجيش والثاني بلجوء وزير الدفاع إلى التمديد لقائد الجيش طالما أن البلاد في حالة “الحرب” مع إسرائيل. وهذان الحلان لا يستقيمان طبعاً إلا في حال موافقة قائد الجيش الرضائية حتى لا يمس هذا القانون بحقوقه المكتسبة الكامنة في ترك السلك العسكري والالتحاق بالحياة المدنية وربما السياسية مع بلوغه سن التقاعد كما هو محدد راهناً، وخصوصاً أنه يظهر من سلوكياته أنه لا يطلب، هو، شيئاً لنفسه، كالتمديد أو خلافه” يختم مرقص.

    المصدر :
  • المركزية