الخميس 9 شوال 1445 ﻫ - 18 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"التوقيت الصيفي" مدار جدل لبنانيّ.. وتداعياتٌ على المستوى الوطني!

طوني جبران
A A A
طباعة المقال

قد يكون من السخافة بمكان أن يكون القرار الذي أصدره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس الأول بتمديد العمل بالتوقيت الشتوي إلى الواحد والعشرين من نيسان المقبل بدلًا من صباح غد الأحد مدار جدل في لبنان، في وقت يقتضي فيه أن تتركز الجهود على معالجة الأوضاع المالية والنقدية الخطيرة التي دخلت بيوت اللبنانيين بلا استئذان وهددت عائلات بالجوع بعد فقدان الحد الأدنى المطلوب لتوفير القوت اليومي لها.

والأسوأ – كما يقول بعض المراقبين لـ”المركزية” يكمن في ما أعطته بعض المواقف والتحليلات الصحافية من بأعاد طائفية فرزت بين المسيحيين والمسلمين ووضعتهم عبر بعض التصريحات وجهًا لوجه بطريقة مقيتة لا يمكن قبولها مهما كانت المبررات التي ادت إليها. وخصوصًا أنه وقبل التطلع إلى مجمل الترددات السلبية التي تركها القرار الذي اتخذ على ما يبدو على خلفيات تحيي الشعور بالطائفية عن طريق القصد بطريقة إعلامية غير مسبوقة لمجرد تسريب التسجيل الصوتي لتمني رئيس مجلس النواب نبيه بري على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بـ”تمريرها هذه السنة خدمة للصائمين” في شهر رمضان الكريم، علمًا أن المهلة التي تم التمديد بموجبها تنهي التوقيت الشتوي قبل نهاية الشهر الكريم ولو بأيام قليلة.

وإن توقف المراقبون أمام الأجواء التي بثها ميقاتي في أعقاب التسريب الصوتي بقوله إنه كان يفكر بهذا الإجراء من قبل، فأعادوا تذكيره بمضمون القرار الذي انتهى إليه اجتماع عقده بعد ظهر السابع من آذار الجاري في السراي والذي جاء فيه حرفيًا: “الإبقاء على التوقيتين الصيفي والشتوي، وسيتم اعتباراً من منتصف ليل 25 – 26 آذار الجاري تقديم الساعة ساعة واحدة عملا ببدء التوقيت الصيفي”. وقبل أي مشروع نفي لهذا القرار فقد حضر الاجتماع  الذي خصص للبحث في شؤون المطار وزراء الأشغال العامة والنقل علي حمية، الصناعة جورج بوشكيان، السياحة وليد نصار، الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، البيئة ناصر ياسين، الامين العام لمجلس الوزراء القاضي محمود مكية، رئيس مجلس الادارة المدير العام لشركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت، ورئيس جهاز أمن المطار العميد فادي كفوري. وخصص للبحث عدا عن التوقيت الشتوي والصيفي بسبل تعزيز إجراءات السلامة العامة في المطار.

وبعيدا من هذه الملاحظات الدقيقة، وقبل البحث في تداعيات القرار، قال مرجع ديني اسلامي لـ”المركزية” ان هذا التفسير الطائفي الذي أسبغه البعض على القرار والإيحاء بأن البلد محكوم من ثنائي شيعي – سني لهو أسوأ التفسيرات الهزلية والسخيفة المقيتة. وعليه يمكن ان نعطيه التفسير السياسي – كما يقول المرجع – وهو قرار لن يقدم ولن يؤخر في توقيت “امساكية شهر رمضان”. فالمسلمون لا يتطلعون بالساعة عند المبادرة الى أداء فريضة الصوم والافطار في الشهر الفضيل وهي مرتبطة بلحظات الشروق والغروب ولم يتأثر يومًا بالساعة الشتوية او الصيفية.

على هذه الخلفيات، أجمعت مصادر روحية وسياسية مسيحية على رفض التفسيرات المذهبية والطائفية التي اكتسبتها بعض المواقف التي ربطت  بين ردات الفعل التي صدرت حول القرار، بعد فرزها بين مسيحية واسلامية. – وتزامنا مع عيش المسيحيين للصوم المبارك ايضا فقد – دعت الى قراءة النتائج السلبية المترتبة على تداعيات القرار التي مست قطاعات واسعة في لبنان دون ان تؤدي أي خدمة للمسلمين خارج الاستثمار في السياسة الداخلية الصغيرة. ولربما تقول المصادر ان كلا من بري وميقاتي أراد توجيه “رسالة صوتية” إلى معارضيهم في ما يعتمدونه من  اجراءات حكومية ونيابية عطلت العمل التشريعي في المجلس النيابي الى الدرجة التي قاربت الشلل في المؤسسة التشريعية الام. والتي لم تتمكن منذ فترة القيام بمهامها بعدما تعطلت فيها دعوات بري المتكررة  الى عقد جلسة تشريعية أيا كان جدول أعمالها. كما في الحكومة الى درجة يستمر فيها  التشكيك في آلية العمل الحكومي وشرعية المراسيم التي يصدرها ميقاتي وفق الأسلوب الذي اعتمده خارج الأعراف والتقاليد السابقة التي تحكمت بحكومة الرئيس تمام سلام على مدى 29 شهرا.

وبعيدا من هذه التفسيرات، انتهت المصادر الى القول ان عودة ميقاتي عن القرار مستبعدة الى حدود بعيدة، ولكن على المسؤولين احصاء المتاعب التي يعانيها لبنانيون مسلمون ومسيحيون عند تعاطيهم بقضاياهم اليومية نتيجة الفوارق بين الساعة المحلية الشتوية والساعة الصيفية الدولية وخصوصا في دوام المؤسسات العابرة للدول والقارات وفي آلية العمل المعتمدة من قبل آلاف اللبنانيين العاملين من منازلهم مع الخارج كما بالنسبة الى التداعيات على قطاعات المصارف والاتصالات والطيران وأخرى هي على تماس مع حياة اللبنانيين، الى درجة تؤدي الى تعطيل عملياتها وأنظمتها الإدارية والمالية وامكان تكاثر الأخطاء في التحديثات ومشكلات في التواصل الالكتروني وفقدان البيانات اليومية المطلوبة في كل عملية تجارية او مالية وفي اي شأن آخر.

وختامًا، حرصت المراجع المسيحية على التأكيد بأن ما ستكون عليه تداعيات القرار غير المسؤول وغير المنتظم من ضمن المهلة المسبقة للتوقيت لتدارك المصاعب التي قد تواجه تطبيقه على المستوى الوطني، لا المسيحي ولا الإسلامي، ولكن الكشف على التغيير المفاجىء لقرار ميقاتي في الساعات الاخيرة قبيل لقائه بري أربك جميع اللبنانيين إداريًا في وقت لا يمكنه أن ينفي ما أصابه هو من إرباك سياسي وضعه في مواجهة “لا نكهة فيها ولا مازية”.

    المصدر :
  • المركزية