السبت 11 شوال 1445 ﻫ - 20 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

الحرب جاهزة.. مَن ينازل حزب الله؟

كتب فاروق يوسف في صحيفة “العرب”: ما حدث في خلدة ببيروت سيضعه اللبنانيون في حساباتهم باعتباره تمرينا صغيرا على حرب يمكن أن يشنّها حزب الله عليهم في أي لحظة.

ومع اقتراب الذكرى الأولى للانفجار العظيم الذي محا نصف بيروت التاريخية والذي نتج عن تخزين مادة نترات الأمونيوم المتفجرة في الميناء لصالح حزب الله، فإن تمرين خلدة يبدو ناتجا عرضيا لذلك الدرس الهائل في عنف معانيه.

مزيج من إنكار الحقيقة والاستقواء بالسلاح هو العامل الذي يحرك حزب الله في تعامله مع اللبنانيين الذين انتقلوا تدريجيا إلى درجة العبيد من وجهة نظر زعماء المقاومة.

فمن خلال ردود أفعال حزب الله على تلك الحادثة التي أدت إلى مقتل أحد قيادييه ثأرا يمكننا التثبت من الحقائق التالية:

لا تملك السلطات الأمنية اللبنانية القدرة على إلقاء القبض على أي مشتبه فيه ينتمي إلى حزب الله. وهي لا تملك أيضا القدرة على مساءلته أو تقديمه إلى المحاكم، بغض النظر عن الجرم الذي ارتكبه، صغيرا كان أم كبيرا.

حزب الله من جهته لا ينظر بعين الاحترام للأجهزة القضائية والأمنية اللبنانية بل إنه يتعامل باستخفاف مع الدولة اللبنانية كلها بحيث تحول إلى مأوى للمجرمين المدانين المطلوبين للعدالة من غير أن يجرؤ أحد على المسّ بهم أو المطالبة بتقديمهم إلى القضاء.

يتعامل حزب الله مع العدالة الاجتماعية بمنطق العدو الذي يعتقد أن أي استجابة لقرارات تتعلق بفرض العدالة إنما تعد تنازلا منه في حرب، سيكون عليه أن يحسمها لصالحه ظالما أو مظلوما.

وبهذا تخلى حزب الله عن كونه فريقا لبنانيا بل هو قوة تقع فوق الجميع الذين يجب عليهم أن يتعاملوا معه من موقع هو أدنى وأضعف من أن يتمكن من محاسبته أو حتى مساءلته.

لقد عطّل حزب الله القانون اللبناني فارضا قانونه على الدولة ومن خلالها على المجتمع. فمَن أراد التعامل مع فرد من أفراد حزب الله فعليه أن يرجع إلى الأصول التي يتّبعها الحزب حيث النظر إلى الوقائع وتقييمها لا علاقة لهما بالقوانين السائدة. من غير ذلك فإن أي محاولة لفرض الإجراءات القانونية الرسمية تعد نوعا من الانتحار الذي لا أحد يمكنه التنبؤ بحجم الأضرار التي يمكن أن تنتج عنه أو تليه.

لقد فشلت المحكمة الدولية الخاصة بمقتل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري في الإمساك بمنفذ الجريمة واكتفت بأن حكمت عليه عن بعد. بينما كان ذلك القاتل يتنقل بشكل علني في شوارع الضاحية الجنوبية.

يحمي حزب الله قتلته بذريعة أنهم ضحايا التآمر عليه. هناك مؤامرة كونية تساهم فيها دول غربية وعربية وأحزاب لبنانية وقبلها إسرائيل تهدف إلى إلحاق الهزيمة بالمقاومة. لذلك فإن الحزب غير مستعد لمناقشة الاتهامات التي توجه إلى أفراده ولا النظر في الأدلة والقرائن وأقوال الشهود التي تدينهم، لا لأنهم أبرياء بل لأنهم جزء من الجسد المقاوم الذي يجب ألا يُمس.

غير مرة حذّر حسن نصرالله وهو زعيم حزب الله من ضرورة أن يبقى ذلك الخيط غير المرئي قائما. فليس من مصلحة أحد أن تضطر المقاومة إلى الدفاع عن نفسها حسب قوله.

وللتوضيح فإن المقاومة هي حزب الله ومقاتلو المقاومة هم كل أفراد الحزب. لذلك فإن سوء الحظ وحده هو ما يضع أحدا ما في خلاف مع مقاوم. فإذا نجا من القتل فإن حقوقه كلها ستتعرض للنهب وسيلجأ إلى الصمت مضطرا، وهو يعرف أن الدولة عاجزة عن حمايته أو استرداد حقوقه.

لقد حوّل حزب الله كذبة المقاومة العبثية والزائفة إلى عبء ثقيل يرزح تحته اللبنانيون الذين فقدت مؤسساتهم الرسمية تدريجيا القدرة على مواجهة المقاومين الذين صار السلاح هو لعبتهم الوحيدة. فأول ما يملك أن يفعله المقاوم أن يلجأ إلى سلاحه ومن ثم يتفاوض.

ذلك هو الواقع الذي فرضه حزب الله على الشعب بعد أن تأكد أن الدولة بكل مفاصلها صارت ملك يديه. يكفيه أن يؤشر فيهبّ لتنفيذ أوامره لبنانيون من مختلف الطوائف صاروا بمثابة دمى في مسرحه. وليس رئيس الجمهورية ميشال عون حالة استثنائية في ذلك.

سرق حزب الله الدولة اللبنانية. سرق إرادتها وقرارها ومصادر قوتها ووظيفتها وعلاقتها بالمواطن وعلاقتها بالدول. الدولة عبارة عن خرقة يلوّح بها حزب الله. وهو حزب المقاومين الذي تُحاك من أجل إسقاطه الدسائس العالمية العربية المحلية.

يحتاج الحزب إلى تمرين خلدة بين حين وآخر ليتذكر اللبنانيون أن المقاومة جاهزة للحرب.