ومن المرجح أن تستخدم الدولة الصهيونية الانفجار لصالحها، بينما يبحث آخرون عن بصمات إسرائيل على الكارثة.
ووفقاً لما ذكرته إسرائيل، فإنّ الانفجار عزز عامل الردع دون أن يضطر إلى إطلاق طلقة واحدة. فالانفجار الرئيسي، كما يقول البعض، أحدث انفجارات ثانوية في مخابئ حزب الله للأسلحة، مما تسبب في إلحاق أضرار كبيرة بالمنازل والبنى التحتية.
وبصرف النظر عن نظريات المؤامرة، فإن اللبنانيين بحاجة إلى تحديد المسؤول عن الانفجار؛ والعديد منهم يشيرون بالفعل إلى إسرائيل. مهما كان السبب، فإن التأثيرات سيشعر بها اللبنانيون على فترة طويلة.
ولكن على المدى القصير يتعين حصر الأشخاص المفقودين، ومعالجة الجرحى. وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت، ولكن لبنان سيتعافى. وفي غضون ذلك، هناك سؤالان يحتاجان إلى إجابات عاجلة: من المسؤول عن تخزين نترات الأمونيوم المميتة في مثل هذه الظروف غير الآمنة؟ وهل المستودع المعني ملك لحزب الله؟
إنّ التحركات تبقى هادئة نسبياً في الوقت الراهن، ربما من هول الصدمة والحاجة إلى تحليل تأثير الانفجار. ومن غير المستغرب أن يلغي حسن نصر الله الخطاب الذي كان ينوي الإدلاء به بشأن التوتر مع إسرائيل. في حين كانت إسرائيل تنتظر أن تفهم موقفه منها بعد الأحداث الأخيرة على حدودها الشمالية مع لبنان.
ولم يلتزم الإسرائيليون الصمت. فادعى الناطق العسكري أفيخاي أدرعي أن حزب الله يينقل الأسلحة الإيرانية إلى لبنان من سوريا. وقال إنّ ميناء بيروت يستخدم أيضاً كمحور بحري للأسلحة التي ترسلها إيران إلى حزب الله.
وحالما وصلت أنباء الانفجار إلى جميع أنحاء العالم، أنكرت إسرائيل أي مسؤولية بسرعة. إنّ لإسرائيل تاريخ حافل في قصف بيروت، بطبيعة الحال، واحتلال العاصمة اللبنانية، ولذلك اعتقد الناس أن قذيفة إسرائيلية كانت مسؤولة عن الدمار الذي أعقب ذلك. وإذا اعتقد ما يكفي من الناس هذا — والعديد من الناس يعتقدون ذلك — فهذا هو عامل الردع الذي أعيد تأسيسه من قبل إسرائيل، وبذلك فإنّ الدمار الذي لحق بالمدينة سيجعل من الصعب على حزب الله أن ينفذ تهديداته بالانتقام منها، والمخاطرة بمواجهة مسلحة كبيرة.
ويظل الاستقرار حلماً للبنانيين وهم يحاولون التصدي لوباء Covid-19، وأسوأ أزمتهم الاقتصادية والآن هذا الانفجار. وقد يتبع ذلك المزيد من عدم الاستقرار.
وعلى الرغم من كل ذلك، اتصلت الحكومة الإسرائيلية بلبنان مباشرة بعد الانفجار عن طريق وسطاء لتقديم المساعدة الإنسانية. ومن غير المرجح أن يقبل لبنان بهذا الأمر لأن البلدان لا تزال في حالة حرب من الناحية التقنية. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي تداعيات هذا الانفجار إلى تغيير جذري في العلاقات بين بيروت وتل أبيب، مع تضاؤل دور حزب الله السياسي في لبنان والتراجع عن موقفه الهجومي-الدفاعي على الحدود.
وترى إسرائيل أنّ عملائها كانوا يلتمسون معلومات استخبارية عن ميناء بيروت عبر مواقع أخرى كمواقع عسكرية رئيسية.
وستواصل إسرائيل رصد البرامج الإذاعية وغيرها من وسائط الإعلام بحثاً عن إجابات ولتحريك الرأي العام بشأن الانفجار. ومهما كان السبب والمسبب الانفجار، فإنّ الدولة الصهيونية تسعى أن تكون متقدمة على اللعبة، عسكرياً وسياسياً ودبلوماسياً. وفي الوقت نفسه، قد يلعب حزب الله لعبة الانتظار.
إنّ ما حدث في بيروت يوم الثلاثاء له آثار على كليهما؛ وما سيحدث بعد ذلك سيؤثر على الجميع في المنطقة.