الجمعة 18 رمضان 1445 ﻫ - 29 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

باسيل يستدرج الحريري إلى تنازل

أنديرا مطر - القبس
A A A
طباعة المقال

للمرة الثانية، أجهزت القوى السياسية اللبنانية على المبادرة الفرنسية، وعطّلت عملية تشكيل حكومة انقاذية لفترة محدودة برئاسة سعد الحريري، وذلك بعد قرار رئيس الجمهورية ميشال عون ارجاء الاستشارات النيابية أسبوعاً حتى الخميس المقبل، فيما البلاد تلفظ أنفاسها الأخيرة مالياً واقتصادياً وصحياً. التوضيحات التي قدمتها مصادر رئاسة الجمهورية حول أسباب تأجيل الاستشارات بدت «لزوم ما لا يلزم»، ولم تقنع الأوساط السياسية والشعبية التي رأت ان عون يكرر موقفا أطلقه قبل سنوات وقال فيه «لعيون صهر الجنرال ما تتشكل حكومة». تعطيل عملية التكليف صوّب الأنظار نحو رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي يستغل موقع الرئاسة وصلاحياته الدستورية في تصفية حسابات شخصية مع الحريري.
فقبيل صدور القرار بتأجيل الاستشارات، كانت كل المعطيات تشير الى أنها ستؤول الى تكليف الحريري تشكيل الحكومة، لا سيما بعد دخول الفرنسيين على خط محاولة انضاج التسوية، واقناعهم وليد جنبلاط بأن يكون شريكاً.

إلاّ أنّ موقف باسيل فرمل المسعى الحكومي. والبعض تحدث عن عملية استدراج للحريري لجره الى تنازل. واثار تأجيل الاستشارات امتعاض معظم الكتل النيابية، من حركة امل الى المردة والحزب الاشتراكي. ووفق اوساطهم، فإن فقدان الميثاقية المسيحية التي يتذرع بها فريق رئيس الجمهورية نسفها احد المقربين منه ايلي الفرزلي، ونسفتها تجربة تسمية حسان دياب الذي تم تكليفه بـ 6 اصوات من الطائفة السنية، لكن المفاجأة الأكبر تمثلت في اعلان عون أن «أغلبية الكتل النيابية طالبته بالإرجاء»، اذ إن الكتل بمعظمها أبدت رغبتها بالتوجه الى الاستشارات وتسمية الحريري ما عدا حزب القوات اللبنانية الذي اكد مشاركته في الاستشارات ومن دون تسمية أحد. وفي وقت متأخر، اضطر النائب عن حزب الطاشناق اغوب بقرادويان الذي تعد كتلته ثلاثة نواب للإعلان انه هو من طلب تأجيل الاستشارات. الحريري الذي رجّح البعض عزوفه عن مبادرته، التزم الصمت، فيما كل الأجواء تشير الى عدم رغبته بالانسحاب. وأكدت مصادر المستقبل أن تكليف الحريري كان محسوما في ما لو حصلت الاستشارات.

الكاتب الصحافي أسعد بشارة وضع في حديث مع القبس قرار تأجيل الاستشارات بأمر من رئيس الجمهورية في سياق إعادة انتاج حكومات الفشل والفساد والمحاصصة. فعون لا يريد إفساح المجال لحكومة مستقلين، وكذلك معظم الكتل النيابية، التي أثبتت أنها لن تتراجع عن سباقها الى تقاسم الحصص. اللبنانيون اليوم أمام أوضح صورة عن هوية وطبيعة المنظومة التي تحكم لبنان، وفق بشارة، الذي يعتبر عدم تراجع الحريري او انسحابه بعد تأجيل الاستشارات أنه مظهر آخر من مظاهر استمرار النهج القديم. فالحريري يحاول الوصول الى تسوية مع عون رغم ادراكه أن اي حكومة ستتشكل على هذا الأساس ستكون نسخة مكررة عن سابقاتها يُقدم فيها الحريري على مخاطرة.

بدوره قال الكاتب السياسي خضر الغضبان لـ القبس أن موقف النائب وليد جنبلاط وضع النقاط على الحروف وأرسل رسائل في أكثر من اتجاه. والنقطة الاساسية فيه هو التنبيه ان احدا لا يمكنه تجاوز مكون اساسي وتأسيسي في البلد، أي طائفة الموحدية الدروز، ولا الحيثية الوطنية للحزب التقدمي الاشتراكي. ولفت إلى ان مشاركة اللقاء الديمقراطي في الاستشارات تاتي حرصاً على انجاح المبادرة الفرنسية او أي مبادرة تنقذ لبنان. واعتبر أن تأجيل عون الإستشارات تحت شعار الصلاحيات الدستورية لإثبات انه الرئيس القوي في حين يبدو غائبا عن مفاصل اساسية. معتبراً ان التأجيل يصب في خانة تقوية جبران باسيل والقول انه المفتاح الأساسي لتشكيل الحكومة. كما ان ربط التكليف بالتأليف هو انتهاك للدستور ونسف لاتفاق الطائف.