الثلاثاء 28 شوال 1445 ﻫ - 7 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

حقيقة الطّائرات بدون طيار في حرب أوكرانيا

بالإضافة إلى الغزو البري والغارات الجوية التي تقوم بها روسيا، والتي تُجهد كِلا الجيشين الأوكراني والروسي في كييف والمناطق المحيطة بها، هناك نوع آخر من القتال، يحدث في الهواء، لا يتطلب مشاركة الإنسان وقد أثبت أنه فعال وقاتل.

لقد أصبحت الطائرات بدون طيار، أداة لكل من الغزاة والمقاومة في أوكرانيا، لجمع المعلومات الاستخباراتية وللقيام بالهجمات على حدّ سواء.

كانت أوكرانيا قد أرسلت في الفترة التي سبقت الغزو، طائرات استطلاع بدون طيار، وقد تم إطلاقها يدوياً إلى بيلاروسيا لجمع معلومات عن استعدادات وتحركات القوات الروسية التي تم تنظيمها هناك.

وفي حين أنّ هذا الإجراء كان أفضل من عدمه، إلا أنّ فائدته كانت محدودة لأنّ الاستطلاع وحده لم يتمكن من تحليل أنماط تحركات القوات لفهم كيفية تطور خطط روسيا.

قبل الغزو، استخدم الانفصاليون المدعومون من روسيا طائرات بدون طيار لإجراء عمليات “الخداع العسكري” التي تهدف إلى إقناع العالم بأنّ أوكرانيا هي المعتدية.

شنت روسيا عدة هجمات باستخدام طائرات كوادكوبتر بدون طيار، زعموا أنّ أوكرانيا هي من نفذتها.

كانت الطائرات بدون طيار التي أظهرها الانفصاليون تتميز دائماً برموز نازية للترويج للتهديد الفاشي المنبعث من أوكرانيا.

وزعمت أوكرانيا أنّ طائراتها قد دمرت المئات من المركبات الروسية المدرعة. يبدو هذا العدد مرتفعاً، بالنظر إلى الحجم المحدود لترسانة الطائرات بدون طيار التي امتلكتها أوكرانيا قبل الغزو.

وإذا كانت أوكرانيا تمتلك قوة كبيرة وهائلة من الطائرات بدون طيار كما تدعي، فمن غير المرجح أن يرسل الروس قافلة مدرعة بطول 40 ميلاً.

حققت أوكرانيا نجاحاً ضد القوات الروسية داخل حدودها باستخدام عشرين طائرة بيرقدار تركية كانت قد اشترتها قبل عدة سنوات. لكنّ هذا النجاح يرجع جزئياً إلى عدم قدرة الدبابات الروسية على التحرك بسرعة عبر الوحل.

قد نرى تقدماً روسياً في غضون أسابيع قليلة، أي عندما يتغير الطقس وتتصلب الأرض في أوكرانيا. فلا شك أنّ روسيا ستواصل توجيه الضربات الجوية إلى المطارات التي تستخدمها القوات الأوكرانية لإطلاق الطائرات بدون طيار.

وافق الرئيس الأمريكي بايدن مؤخراً على تمويل أمريكي لشراء طائرات تركية بدون طيار إضافية للجيش الأوكراني. يدلّ ذلك على أهمية هذه الحرب التي تتفوق على الحرب التقليدية.

في الواقع، قد لا نرى الدبابات في الحروب مرة أخرى في أي مكان في العالم بعد الآن، لأنّ تعطيلها وتدميرها بواسطة طائرات بدون طيار أصبح سهلاً وغير مكلف نسبياً.

والمفارقة هي أنّ الغرب قد حاول كثيراً منع تركيا من تصنيع طائرات بيرقدار بدون طيار، عبر حظر تصدير كاميرات ويسكام إم إكس-15 دي الكهربائية الضوئية، المصنوعة في كندا، ومحركات روتاكس 912 المصنوعة في النمسا، والتي فضلت تركيا استخدامها لبناء الطائرات.

فلماذا لا تُسيطر روسيا على هذه الحرب؟

لأنّ روسيا لا تملك طائرة بدون طيار فعالة. إنّ مركبة أوريون الجوية القتالية التي تنتجها شركة كرونشتادت ويستخدمها الجيش الروسي، لا يمكن مقارنتها بمركبة بيرقدار التركية (التي تنتجها شركة بايقار للدفاع، التي يملكها صهر أردوغان). ما تمتلكه روسيا فعلياً هو التفوق في مجال التكتيك الجوي باستخدام الطائرات المقاتلة التي تساعد على إبقاء السماء خالية من بيرقدار.

إنّ أبرز القيود التي قد تؤثر على الحرب، هو جدول تركيا الزمني لإنتاج طائرات بيرقدار. لقد كانت دورة الإنتاج البطيئة مشكلة منذ البداية.

وستستغرق عملية إعادة إمداد الجيش الأوكراني بهذه الطائرات وقتاً قد لا يواكب الأحداث المتسارعة على الأرض.

تمّ استخدام طائرات بيرقدار قبل عامين في ليبيا من قبل حكومة الوفاق الوطني في الغرب، وقد أثبتت نجاحها في تنفيذ ضربات دقيقة لكنها لم تنجح في تقديم الدعم الجوي للتحركات البرية، مما يعني أنها لم تستطع تحديد الأراضي التي كانت تحلق فوقها وبالتالي كانت عرضة لنظام الدفاع الجوي.

هذا يعني أنّ فعالية طائرات بيرقدار ستنخفض إذا تقدمت القوات الروسية إلى الأمام في أوكرانيا واستولت على المزيد من الأراضي، مما يجعل بيرقدار عرضة للدفاعات الجوية الروسية مثل بانتسير.

تجدر الإشارة إلى أنّ النطاق التشغيلي لطائرات بيرقدار محدود. يتم التحكم في بيرقدار بواسطة محطة أرضية بدلاً من الاتصالات عبر الأقمار الصناعية.

وهذا يعني أنّ عمليات إطلاق بيرقدار من المحتمل أن تحدث ضمن مدى المدفعية الروسية وبالتأكيد في متناول صواريخ كروز الروسية.

تُحضر الولايات المتحدة طائرات شادو (الظل) بدون طيار من بولندا، ولكن لم يتم عرض هذه الطائرات لمساعدة أوكرانيا، لأنّ استخدامها سيشكل تدخلاً أمريكياً في الحرب، وهو خط لا يرغب الرئيس بايدن أن يتخطاه.

تقوم الولايات المتحدة بإرسال طائرات بدون طيار صغيرة من طراز سويتشبلايد إلى أوكرانيا، ولكن من المرجح أن يكون لها تأثير هامشي.

تحتوي طائرة سويتشبلايد 300 على حمولة صغيرة وقد تم تصميمها كسلاح مضاد للأفراد. في حين تحمل سوتشبلايد 600، ذخيرة صغيرة مضادة للدروع. نظراً لحجمها وقوتها النارية، سيكون لهذه الأخيرة فعالية محدودة ضد المركبات المدرعة.

يبدو أنّ روسيا تعزز مكاسبها في شرق أوكرانيا في الوقت الحالي. سيعطي ذلك روسيا الوقت لتقييم مواقفها، وإدخال طائرات بدون طيار إضافية خاصة بها إلى ساحة المعركة، وجلب أنظمة مضادة للطائرات للدفاع عن نفسها ضد الطائرات بدون طيار، كما حدث في مواجهة بيرقدار في ليبيا.

أما بالنسبة لأوكرانيا، فمن المرجح أن تستمر ترسانتها من الطائرات بدون طيار في حماية خط قواتها الأمامية، ولكنها في الوقت ذاته غير فعالة على الأراضي التي تستولي عليها روسيا.

إذا وُضعت أوكرانيا في موقف تضطر فيه إلى استعادة الأراضي، فإنها ستحتاج إلى طائرات هجوم بدون طيار، طويلة المدى، مزودة باتصالات عبر الأقمار الصناعية. تُنتج كلّ من الولايات المتحدة ودول الناتو، وأيضاً إسرائيل مثل هذه الطائرات بدون طيار. سيتعين على إسرائيل موازنة علاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا لتحديد ما إذا كانت ستنتج هذه الطائرات أم لا.

نظراً للتحديات التي تطرحها هذه الحرب على الطرفين، فمن المحتمل أن نرى دخول نماذج إضافية من الطائرات بدون طيار بقدرات أوسع إلى ساحة المعركة في وقت قصير.

ويبقى السؤال: “من سيتمكن من الحصول عليها أولاً روسيا أم أوكرانيا”؟

بقلم كيرستن فونتنروز من “أتلانتك كاونسل” وأندي دريبي من شركة “ريد سيكس سوليوشنز”