الخميس 18 رمضان 1445 ﻫ - 28 مارس 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

(ساعر6) في حيفا.. هل تحدّ من صواريخ حزب الله؟

سامي خليفة - المدن
A A A
طباعة المقال

تستقبل إسرائيل بداية الشهر المقبل، أول سفينة حربية، من أصل أربع، من طراز “ساعر 6″، في قاعدة حيفا البحرية، كجزء من تحول واسع في العقيدة العسكرية الإسرائيلية للدفاع عن المزيد من المناطق البحرية.

ويشير وصولها من ألمانيا، حسب المصادر العسكرية الإسرائيلية، إلى مرحلة جديدة في تطور البحرية الإسرائيلية من حيث قدرتها على الدفاع عن البنية التحتية الحيوية (منصات الغاز والنفط، المرافئ..) وفي قدراتها الهجومية، وتحديداً ضد تهديدات حزب الله الصاروخية.

سفن حربية فائقة التطور
أعلنت البحرية الإسرائيلية بترحيبٍ مهيب، عن وصول أول سفينة صواريخ من نوع “ساعر 6” تحمل اسم “آي إن إس ماغن”، الأكبر والأكثر تطوراً على الإطلاق، التي تصنعها شركة “تيسن غروب” الألمانية، وتسلحها إسرائيل بأنظمة دفاعية محلية. ومن المقرر أن تستقبل الدولة العبرية أربع سفن متطورة من هذا الطراز بحلول تشرين ثاني 2021، بحيث تبلغ تكلفة كل سفينة 400 مليون دولار، تتحمل الحكومة الألمانية ثلث تكلفة كل واحدة منها.
وتُعد سفن “ساعر 6” الأكثر حداثة، مزودة بقدرات تكنولوجية فائقة التطور، ما يميزها بقدرات دفاعية وهجومية هائلة. إذ سيتم تجهيزها بأحدث وأقوى أنظمة الرادار القادرة على رصد أي هدف للعدو في عرض البحر أو في البر وحتى جواً وتأمين استجابة سريعة للرد على أي تحدٍ، من خلال إمكانياتها المتقدمة واحتوائها على منصة لطائرات مروحية من طراز “سي هوك” القادرة على العمل في مسافاتٍ بعيدة ولفترات طويلة.

يتم تصنيع هذه السفن من قبل شركة “تيسن كروب مارين سيستمز”، وهي عملاق ألماني في بناء السفن العسكرية والغواصات، تعمل بشكلٍ وثيق مع البحرية الإسرائيلية من حيث تصميم السفن. وقد علّق قائد سلاح البحرية الإسرائيلي الأدميرال إلياهو شارفيت، في حفل استلام السفينة حضره كبار القادة العسكريين يوم الحادي عشر من الشهر الجاري لاستبدال العلم الألماني بالعلم الإسرائيلي على السفينة المصنوعة في مدينة كيل بألمانيا، بالقول “إن الدفاع عن الأصول الاستراتيجية لإسرائيل في مياهنا الاقتصادية هو سبب وجودنا هنا اليوم، سيتم تسليح السفينة بأفضل أنظمة هجوم ودفاع، وبأحدث أنظمة القتال العسكرية التكنولوجية، ومعظمها صُنع في إسرائيل”.

تغيير العقيدة القتالية
يعكس وصول هذه السفن تغييراً عميقاً فيما يتعلق بدور البحر في الأمن القومي لإسرائيل. ولا سيما أن تل أبيب اعتمدت في الماضي على عقيدة قتالية تقضي باستخدام السفن الصغيرة السريعة التي تحمل صواريخ قصيرة المدى مع مدافع. وهذا ما حصل بالفعل في حرب أكتوبر عام 1973 التي فوجئت فيها إسرائيل بامتلاك سوريا صواريخ بعيدة المدى.
خلال حرب تموز 2006، أصيبت سفينة صواريخ إسرائيلية من طراز “ساعر 5” تحمل اسم “حانيت”، بصاروخ مضاد للسفن من طراز C-802 صيني الصنع، وقُتل أربعة بحارة. لقد كانت صدمة مدمرة لمؤسسة الدفاع الإسرائيلية لا تزال متأصلة بعمق في ذاكرة البحرية الإسرائيلية التي أدركت إثرها أن الوقت قد حان لبناء عقيدة جديدة.
وفي هذا الصدد، يعلّق مصدر عسكري إسرائيلي رفيع على تغيير العقيدة البحرية بعد حرب تموز شارحاً “ما تغير هو في الأساس سباق التسلح. لقد فهمنا أن حزب الله ومنظمات إرهابية أخرى قد امتلكوا قدرات صاروخية دقيقة التوجيه من أجل ضرب أهداف في إسرائيل براً وبحراً. وبديهي القول إن تطور صواريخ أرض – أرض يعني أن صواريخ أرض – بحر أصبحت أيضاً أكثر فتكاً”.

التحولات البحرية
يأتي هذا التحول المرتقب عقب توقيع إسرائيل صفقة لمد خط أنابيب في شرق المتوسط مع قبرص واليونان في الصيف الماضي، والانضمام إلى منتدى غاز شرق المتوسط إلى جانب قبرص واليونان ومصر والأردن والسلطة الفلسطينية. كما يأتي وسط استثمارات جديدة في ميناء حيفا الإسرائيلي وانطلاق مفاوضات ترسيم الحدود مع لبنان.
وبينما بات معلوماً امتلاك حزب الله لصاروخ كروز الأسرع من الصوت “ياخونت” المضاد للسفن، والذي يُرجح أنه الأسرع والأكثر تطوراً في ترسانة الحزب العسكرية ويبلغ مداه 300 كيلومتر. يتوقع الجيش الإسرائيلي أن تدافع “ساعر 6” عن منصات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط ضد التهديدات الصاروخية المحتملة. فمنصات الغاز الاستراتيجية سهلة الاستهداف، ويمكن لضربة صاروخية واحدة القضاء عليها. في الوقت الذي تستقبل فيه إسرائيل 98 في المئة من وارداتها عبر البحر.
إلى جانب هذه الاتجاهات، أصبحت موارد الطاقة البحرية الإسرائيلية ذات أهمية قصوى في السنوات الأخيرة. بما في ذلك حقول كاريش وتنين وليفياثان وتمار الإسرائيلية التي تمثل البنية التحتية الحيوية. والنتيجة، كما أوضح المسؤول البحري الإسرائيلي، هي إنشاء عقيدة بحرية جديدة تُسمى “حرب المياه البنية”، والتي تعني القدرة على القتال بالقرب من الشاطئ، وامتلاك القدرات لهزيمة الأعداء على الأرض.

قدرات خارقة
فهمت القيادة العسكرية الإسرائيلية أن السبيل الوحيد لحماية منصات الغاز هو استخدام السفن. وهنا يأتي دور “ساعر 6″، إذ سيتم تزويدها بأنظمة دفاع جوي متطورة من طراز Rafael’s C-Dome Navy Iron Dome، وهي نسخة من نظام القبة الحديدية الشهير، إضافةً إلى نظام الدفاع الجوي والصاروخي “باراك 8” التابع لصناعات الطيران الإسرائيلية.
سيتحكم نظام الرادار القوي “أدير”، في جميع أنظمة القتال الموجودة على متن السفينة. وهو قادر على اكتشاف وتتبع مجموعة واسعة من التهديدات المحمولة جواً. كما ستعمل أنظمة الحرب الإلكترونية على متن السفن أيضاً على تعطيل صواريخ العدو، وستكون السفن قادرة في الوقت عينه على مشاركة بيانات الهدف مع سلاح الجو الإسرائيلي، ما يعني بنائها لجدار ناري.
وتتميز هذه السفن بقدرتها على التواجد في المياه لفترات كبيرة تبلغ 2000 ساعة في السنة ولمدة 30 عاماً. وتالياً تشكل تفوقاً عسكرياً إضافياً للجيش الإسرائيلي نظراً لقدرتها على تأمين نظام دفاع متكامل وشامل، يعزز القيام بإجراءات وقائية مضادة، تضمن لها حماية سيادتها البحرية.
يصل طول السفينة إلى 90 متراً وعرضها 13.2 متر وارتفاعها 21.5 متر ووزنها 2000 طن، وتصل السرعة القصوى للسفينة إلى نحو 26 عقدة ( 46 كيلومتر في الساعة)، وأقصى مدى لها يبلغ 4500 كيلومتر.
وتأمل مصادر البحرية الإسرائيلية أن تمكّن هذه السفن سلاح البحرية من الدفاع عن المياه الاقتصادية لإسرائيل، وتأمين الطرق البحرية الإسرائيلية والقيام بمهامٍ أخرى. لا سيما بعدما صرح قائد القاعدة البحرية الإسرائيلية في حيفا العقيد غيل أغينسكي، منذ بضعة أشهر، عن نية الحزب استهداف منصات استخراج الغاز الإسرائيلية الموجودة في عرض البحر المتوسط في الحقول الإسرائيلية لاستخراج الغاز، وأن الحزب يقوم بتطوير قدرات عسكرية تمكنه من تنفيذ ذلك في أي مواجهة عسكرية مستقبلية، وذلك على ضوء التوتر الذي تشهده الجبهة الشمالية بين الفينة والأخرى.

حماية مطلقة!
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، قد غرّد على “تويتر”، قبل بضعة أسابيع مهنئاً الإسرائيليين بالقول: “نشهد اليوم حدثاً تاريخياً في ألمانيا يتمثل بتسلم النموذج الأول من سفينة سلاح البحرية “ساعر 6” التي تحمل اسم “آي إن إس ماغن”. وتابع: “هذه السفينة ضمن سلسلة السفن الحربية التي تشكل جداراً دفاعياً عن المياه الاقتصادية والمصالح الاستراتيجية لدولة إسرائيل وهي المهمة الأمنية المركزية والأساسية لسلاح البحرية”.
من جهتها، اعتبرت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية إن سفن “ساعر 6″، ستدافع خلال العقود المقبلة عن الأصول البحرية الاستراتيجية الإسرائيلية من هجمات أعداء، مثل حزب الله. وأن تصميم “ساعر 6” يتعامل مع التهديدات الجوية الآتية وشعارها أنه “لن توجد إصابات”.
وأضافت الصحيفة أن سفن “ساعر 6” هي جزء من استراتيجية الحرب متعددة الأبعاد الجديدة للجيش الإسرائيلي والتي تُعد جزءاً أساسياً من خطة الزخم متعددة السنوات للجيش الإسرائيلي لهزيمة العدو بسرعة وكفاءة. وفي حالة اندلاع حرب، سيتم نشر ما لا يقل عن سفينتين من طراز “ساعر 6” لحماية “المنطقة الاقتصادية الحصرية” ومنصات الغاز، بينما يساعد باقي الأسطول القوات البرية بقصف قوات العدو وأنظمة الأسلحة التي يمكن أن تستهدف كل من الجبهة الداخلية ومنصات الغاز، مع تدمير أي أهداف جوية يتم إطلاقها باتجاه الأصول البحرية والسفن البحرية.