الأحد 19 شوال 1445 ﻫ - 28 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

لبنان في نفق مظلم.. ورفع دعم المحروقات يدفع الشارع للانفجار

الجريدة الكويتية
A A A
طباعة المقال

أخذت مصاعب الحياة، التي يواجهها اللبنانيون في ظل الأزمة الاقتصادية الكارثية، منحى تصاعدياً جديداً، مع بدء المصرف المركزي تطبيق قرار إلغاء دعم الوقود، وفشل مجلس النواب في عقد جلسة تحقيق انفجار مرفأ بيروت.

مع تفاقم الأزمة الكارثية في لبنان، ألقى قرار رفع دعم المحروقات المفاجئ، الذي أصرّ حاكم المصرف المركزي رياض سلامة على تطبيقه وعارضه الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بظلال كثيفة على الشارع ورفع المخاوف من تزايد منسوب الفوضى على كل المستويات.

وغداة هذه الخطوة الصعبة، التي دافع عنها المصرف المركزي وحذّر عون من تداعياتها واعتبرها دياب مخالفة للقانون، أغلق لبنانيون غاضبون، أمس، طرقاً عدة، بينها الرابطة بين بيروت والجنوب والهلالية والأولي في صيدا، واكتظت محطات الوقود بالسيارات.

ومع تدهور الوضع، كلف النائب العام علي إبراهيم القوى الأمنية تسيير دوريات على محطات المحروقات كافة، للتأكد من بيع مخزونها من المحروقات من مادتي المازوت والبنزين.

كما أقفلت جميع محطات تعبئة الوقود في منطقتي المتن الأعلى وعاليه، مما تسبب بغضب شعبي، وحاول العديد من المواطنين اقتحامها، إلا أن القوى الأمنية منعتهم.

وعلى وقع تراجع الاحتياطي الأجنبي من 32 إلى 14 مليار دولار وشروع السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم عن سلع رئيسية أبرزها الطحين والوقود والأدوية، فتح المصرف المركزي اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، مما يعني عملياً ارتفاع سعر هذه المواد الحيوية إلى 30%.

وقدّر مركز الدولية للمعلومات أن يرتفع سعر صفيحة البنزين من 75.600 ليرة (3.78 دولارات بحسب سعر الدولار في السوق السوداء) إلى 336 ألف ليرة (16.8 دولارا)، وسعر صفيحة المازوت من 57.100 ليرة (2.8 دولار) إلى 278 ألف ليرة (13.9 دولارا).

عون ودياب

وبعد استدعائه محافظ البنك المركزي، ترأس عون لاحقاً اجتماعاً في حضوره مع وزيري المالية والطاقة لبحت قانون البطاقة التمويلية التي تربط رفع الدعم بإصدارها، وكذلك بالموافقات الاستثنائية لمجلس الوزراء للمصرف باستعمال الاحتياطي الإلزامي لفتح اعتمادات لشراء المحروقات ومشتقاتها والتقيد بها.

وفي حين لم يتراجع سلامة عن خطوته وأصر على سن قانون يسمح باستخدام الاحتياطيات الإلزامية، حذره عون من أن قراره له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة، وطالبه بتنسيق أي قرار يتخذه مع سلطة وضع سياسة الدولة في جميع المجالات، داعياً وزير الطاقة والمياه ريمون غجر إلى ضبط الكميات الموزعة من المحروقات والمخزنة لعدم التلاعب في أسعارها واحتكارها.

وخلال اجتماع طارئ بالسراي الكبير، اتهم دياب سلامة باتخاذ قرار رفع الدعم منفرداً، مؤكداً أن لبنان لا يحتمل تداعياته الخطيرة على كل شيء بما فيها لقمة عيش المواطنين، وصحتهم، والاقتصاد، وأيضاً مؤسسات الدولة التي ستكون مربكة في التعامل مع واقع جديد غير جاهزة له، فضلاً عن الرواتب وحضور الموظفين.

وقال دياب: “هذا القرار قاومته طيلة الأشهر الماضية، وكنا نصرّ على اعتماد سياسة ترشيد الدعم لا رفعه نهائياً، ومجلس النواب أقر قانون البطاقة التمويلية، ومعها خطة ترشيد تراعي التوازن بين حماية الناس والمجتمع وبين حماية موجودات مصرف لبنان”.

وأضاف: “لبنان يعبر اليوم نفقاً مظلماً، وبكل أسف، زادت ظلمته في ظل انتشار سلوك تجاري فاسد في العديد من الجوانب الحياتية الأساسية، وساد الفساد في ممارسات قسم كبير من التجار، من مختلف أحجامهم”. وتابع :”سرقوا لقمة عيش اللبنانيين، واحتكروا المواد الغذائية والأدوية والبنزين والمازوت، وحوّلوا البلد إلى سوق سوداء للتجارة والمضاربة”.

وفي حين أثار القرار جدلاً، قال مصدر وزاري إن الحكومة تبحث مسودة قانون يسمح للبنك المركزي باستخدام الاحتياطيات الإلزامية لمواصلة تمويل واردات الوقود المدعم، بعد لقاء سلامة بعون.

واعتبر رئيس “التيار الحر” النائب جبران باسيل، في تغريدة، أن “قرار الحاكم الأحادي برفع الدعم فجأة انقلاب جديد ومخالف لقانون البرلمان ولخطة الحكومة التدريجية”، داعياً أنصاره والناس للاستعداد للتحرك.

ورفضت كتلة “حزب الله” رفع الدعم لمعارضته سياسات البرلمان والحكومة، ودعت إلى توزيع بطاقات نقدية مدفوعة مسبقاً على الفقراء، قبل اتخاذ أي خطوة أخرى لرفع أي سلع أساسية أو تقليصه.

بالمقابل، اعتبر السياسي الدرزي وليد جنبلاط، في مؤتمر صحافي، أنه لا مفر من رفع الدعم لأن الوقود يذهب إلى سورية، محذراً من أنه لو استمر الدعم فلن يتبقى من الاحتياطي الإلزامي شيء وستكون كارثة.

ودافع المصرف المركزي، في بيان، عن قراره، موضحاً أنه “دفع ما يفوق 800 مليون دولار للمحروقات في يوليو الماضي”، وأن هذه المواد لا تزال “مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها”.

وقال مصرف لبنان: “لا يمكن قانوناً المساس بالتوظيفات الإلزامية بالعملات الأجنبية”، في إشارة لنسبة مئوية تودعها المصارف الخاصة في المصرف المركزي مقابل ودائعها ويمنع القانون المسّ بها.

في الوقت ذاته، بدأت أزمة غاز، ويستمر نقص الأدوية ومواد أساسية مدعومة في الأسواق، وقدّرت الأمم المتحدة الشهر الحالي أن 78% من السكان باتوا يعيشون تحت خط الفقر و36% في فقر مدقع، مع استمرار تراجع الليرة وفقدها أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، جراء انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم، منذ منتصف القرن الماضي.

مرفأ بيروت

على صعيد مواز، أجل مجلس النواب أمس جلسة النظر في قرار الاتهام بقضية انفجار مرفأ بيروت إلى موعد لاحق، لعدم اكتمال النصاب وحضور 39 نائباً فقط، بحسب الأمين العام عدنان ضاهر.

واعتصم أهالي ضحايا وجرحى انفجار المرفأ أمام البرلمان ورددوا شعارات ضده وكل من يرفض رفع الحصانات، واصفين الجلسة بجلسة “العار”.

واقتحم محتجون مبنى قصر العدل في بيروت، لمطالبة القضاة “بأن يكونوا مستقلين عن السلطة السياسية، وليسوا تابعين لها، خصوصا في التحقيق بانفجار مرفأ بيروت”، داعين إلى “اتباع الشفافية والعمل على رفع الحصانات والاستمرار في التحقيقات المستقلة حتى جلاء كامل الحقيقة”.

وأصر المحتجون على مقابلة القضاة “لإيصال صوتهم اليهم”، عبر التجول في الأروقة في أرجاء قصر العدل، والمرور على كل المكاتب من دون استثناء.