الضوء
كيف يمكن للضوء أن ينجم عن الجاذبيّة؟ ربّما يقتضي بداية تقديم تعريف سريع للضوء. هو نوع من إشعاع كهرومغناطيسيّ ترصده العين ويجعل الأجسام مرئيّة. يشكّل الكون المبكر المصدر الأساسيّ لنشوء هذا الإشعاع. لكن كلّما عاد الإنسان إلى الكون المبكر، بدت الأمور أكثر غرابة.
في تقرير نشره موقع “أسترونومي”، ينقل بول ساتر القرّاء إلى هذا العالم الغريب مع أمثلة بسيطة من الحياة اليوميّة لتوضيح الصورة:
كتب ساتر أنّ الباحثين وجدوا كيف أنّه في الظروف الغريبة للكون المبكر، قد تكون موجات الجاذبيّة قد هزّت الزمكان بشدّة إلى درجة أنّها أحدثت إشعاعاً تلقائيّاً.
ينطلق ساتر من فكرة المفهوم المادّي للرنين في الحياة اليوميّة. عندما تجلسون على أرجوحة وترغبون في التأرجح إلى نقطة أعلى، تبدأون بشكل طبيعيّ في ضغط أرجلكم ذهاباً وإياباً. يمكنكم العثور بسرعة كبيرة على الإيقاع الصحيح لجعل التأرجح يرتفع بكم إلى نقطة أعلى. إذا خرجتم عن الإيقاع، فستتوقف الأرجوحة عن الارتفاع. يُعرف هذا النوع الخاص من الظاهرة بالرنين البارامتري.
في هذا الإطار، تعمل أرجلكم كآليّة ضخّ خارجيّة. عندما تتطابق مع تردّد الرنين للنظام، وفي هذه الحالة جلوسكم على أرجوحة، فهي تكون قادرة على نقل الطاقة إلى النظام ممّا يجعل التأرجح يرتفع.
أوضح الكاتب أنّ هذه الأنواع من الرنين تحدث في كل مكان، وقد اكتشف فريق من الباحثين أنّ شكلاً غريباً من الرنين البارامتريّ ربّما حدث في الكون المبكر جداً.
ربّما كان الحدث الأكثر دراميّة في تاريخ الكون بأكمله هو التضخّم. هذا حدث افتراضيّ وقع عندما كان عمر الكون أقلّ من ثانية. أثناء التضخّم، توسّع كوننا إلى أبعاد هائلة، ليصبح أكبر بأضعاف مضاعفة ممّا كان عليه من قبل. كانت نهاية التضخّم حدثاً فوضويّاً للغاية، حيث انخضّت موجات الجاذبيّة ذهاباً وإياباً في جميع أنحاء الكون.
لكن عادة ما تكون موجات الجاذبيّة ضعيفة للغاية. يجب بناء مراصد قادرة على قياس مسافات أقلّ من عرض نواة الذرّة من أجل العثور على موجات الجاذبيّة التي تمرّ عبر الأرض. غير أنّ الباحثين أشاروا إلى أن موجات الجاذبيّة هذه ربّما أصبحت قويّة جداً في بدايات الكون.
بناء على هذه الفرضيّة، ربّما قامت الموجات القويّة بإنشاء أنماط موجيّة ثابتة حيث لم تكن موجات الجاذبيّة تنتقل وإنّما ظلّت ثابتة، متجمّدة تقريباً في مكانها في جميع أنحاء الكون. بالنظر إلى أنّ الموجات الثقاليّة هي حرفيّاً موجات جاذبيّة، فإنّ الأماكن التي تكون فيها الموجات أقوى تمثّل مقداراً استثنائيّاً من الطاقة الثقاليّة.
وجد الباحثون أنّ هذا قد يكون له عواقب وخيمة على المجال الكهرومغناطيسيّ الموجود في الكون المبكر. قد تكون مناطق الجاذبيّة الشديدة قد حفّزت المجال الكهرومغناطيسيّ بدرجة كافية لإطلاق بعض طاقته على شكل إشعاع، مما أدّى إلى إنتاج الضوء.
تؤدّي هذه النتيجة إلى إنتاج ظاهرة جديدة تماماً: إنتاج الضوء من الجاذبيّة وحدها. لا يوجد وضعٌ في الكون الحاليّ يمكن أن يسمح بحدوث هذه العمليّة، لكنّ الباحثين أظهروا أن الكون المبكر كان مكاناً أكثر غرابة ممّا يمكن أن نتخيّله بحسب ساتر.