الخميس 22 شوال 1445 ﻫ - 2 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

أول خريطة عالمية للانهيارات الصخرية على سطح القمر

في أكتوبر/تشرين الأول 2015، حدث انهيار صخري مذهل في جبال الألب السويسرية في ساعات الصباح المتأخرة، حيث انفصلت فجأة كتلة كبيرة من الصخر مغطاة بالثلوج يبلغ حجمها أكثر من 1500 متر مكعب من قمة ميل دي لا نيفا.

 

توقفت كتلة الانهيار في طريقها إلى المنحدر، لكن بعضا من جلاميد الصخر استمرت في رحلتها حتى بلغت الوادي، وتوقف أحدها عند السفح بالقرب من كوخ جبلي، بعد قطع أكثر من 1.4 كيلومتر.

مثل تلك الانهيارات الصخرية تحدث هنا وهناك على السلاسل الجبلية الأرضية، فهل تحدث مثلها على سطح القمر، وأين ولماذا؟

خريطة الانهيارات

على سطح القمر، تحدث الانهيارات الصخرية مرارا وتكرارا حيث تسافر كتل الصخور إلى المنحدرات، تاركة وراءها مسارات مثيرة للإعجاب والدهشة، وهي ظاهرة لوحظت منذ أولى الرحلات إلى القمر في الستينيات.

وخلال مهام أبولو، قام رواد الفضاء بفحص عدد قليل من هذه المسارات في الموقع الذي نزلوا فيه وعادوا منها بعينات كتل الصخور المنهارة إلى الأرض.

مع ذلك، وحتى بضع سنوات مضت، ظل من الصعب الحصول على نظرة عامة حول مدى انتشار مثل هذه الانهيارات الصخرية وأين تحدث بالضبط فوق سطح القمر.

استمر ذلك حتى قام باحثون من معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي (MPS) في ألمانيا والمعهد السويسري الفدرالي في زيورخ (ETH Zurich) بتحليل أرشيف يضم أكثر من مليوني صورة للسطح القمري، وتقديم أول خريطة عالمية للانهيارات الصخرية على القمر.

وقد نشرت نتائج تلك الدراسة في دورية “نيتشر كوميونيكيشنز” بتاريخ 8 يونيو/حزيران الجاري.

 

صور مستكشف القمر المداري

يوضح فالنتين بيكل من معهد ماكس بلانك والمعهد السويسري، المؤلف الأول للدراسة “يبلغ قطر الغالبية العظمى من الصخور المنهارة على سطح القمر ما بين سبعة وعشرة أمتار”.

وأوضح أن المسابر الفضائية السابقة التي درست القمر لم تتمكن من اكتشاف تفاصيل بشأن تلك الصخور، غير أنه ومع إطلاق وكالة ناسا “مستكشف القمر المداري” عام 2010، أتيحت صور لسطح القمر بأكمله، مع التحديد الدقيق للأماكن.

وأظهرت خريطة للسطح القمري بين خط عرض 80 درجة شمالا وجنوبا أكثر من 136 ألف انهيار صخري بأقطار تتجاوز مترين ونصف المتر.

يقول الدكتور أورس مول من معهد ماكس بلانك “تمكننا هذه الخريطة لأول مرة من إجراء تحليل منهجي لحدوث الانهيارات الصخرية وأسبابها على جسم سماوي آخر”.

تش عن الكويكبات

افترض العلماء في السابق أن الزلازل القمرية على وجه الخصوص هي المسؤولة عن زحزحة جلاميد الصخر، لكن الخريطة العالمية الجديدة للانهيارات الصخرية تشير إلى أن تأثيرات الكويكبات تلعب دورا أكثر أهمية في ذلك، إذ يبدو أنها مسؤولة – بشكل مباشر أو غير مباشر- عن أكثر من 80% من جميع حالات الانهيار الملحوظة.

يقول الدكتور سيمون لوف من المعهد السويسري “تم العثور على معظم الانهيارات الصخرية بالقرب من جدران الحفر الصدمية”. وهي الحفر الناتجة عن ارتطام نيزك أو كويكب أو جسم فضائي بالأرض أو القمر أو غيره من الأجرام السماوية.

وتزحزحت بعض الصخور بعد وقت قصير من الاصطدام، في حين تزحزح البعض الآخر بعد ذلك بكثير. ويفترض الباحثون أن التأثيرات تتسبب في حدوث شبكة من الشقوق التي تمتد في الأساس الصخري.

وبالتالي، يأخذ الزمن مداه حتى يظهر تأثير شبكة الشقوق تلك، ويمكن أن تصبح أجزاء من السطح غير مستقرة حتى بعد فترات طويلة جدا.

جميع النقاط الساخنة المكتشفة من الصخور المنهارة على القمر على شكل بقع برتقالية أو حمراء (ناسا/فيز.أورغ)
حتى بعد مليارات السنين

 

جميع النقاط الساخنة المكتشفة من الصخور المنهارة على القمر على شكل بقع برتقالية أو حمراء (ناسا/فيز.أورغ)

جميع النقاط الساخنة المكتشفة من الصخور المنهارة على القمر على شكل بقع برتقالية أو حمراء (ناسا/فيز.أورغ)

والمثير للدهشة، أنه حتى في أقدم المشاهد الطبيعية القمرية، التي تشكلت منذ 4 مليارات سنة أو قبل ذلك، يمكن العثور على آثار لأحداث الانهيارات الصخرية.

ونظرا لأن هذه البصمات تختفي عادة بعد بضعة ملايين من السنين، يبدو أن تلك الأسطح لا تزال عرضة للتآكل نتيجة سقوط الصخور.

يقول المؤلف الأول للدراسة المذكورة “من الواضح أن تأثيرات الاصطدامات وما يليها من تشققات على جيولوجيا منطقة ما تمتد على مدى نطاقات زمنية طويلة جدا”.

وتشير النتائج أيضا إلى أن الأسطح القديمة جدا للأجسام الخالية من الهواء -مثل كوكب عطارد أو الكويكب الكبير فيستا- ربما لا تزال تتطور أيضا حتى الآن.