الأثنين 20 شوال 1445 ﻫ - 29 أبريل 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

سوق العملات الرقمية المشفرة ينتعش في لبنان بعد اليأس من النظام المصرفي

الجزيرة
A A A
طباعة المقال

بات من المسلًم به أن لبنان اليوم يمر بأسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، تكشفت أوراقها مع انطلاقة ثورة 17 تشرين الأول عام 2019، حيث بدأ الليرة اللبنانية بتسجيل أول انخفاض في قيمتها أمام الدولار بقيمة 1700 ليرة مقابل كل دولار، وصولاً إلى تسجيلها في منتصف ديسمبر 2021، ما يقارب 27000 ليرة مقابل كل دولار، فيما بات يعرف اسمه بالسوق السوداء.

وقد انعكس ذلك التدهور، إلى انهيار شبه تام في مختلف القطاعات الحيوية، كالطاقة والتعليم والطبابة، لارتباطها بعدم الانهيار الاقتصادي الحاصل، وعدم قدرة الدولة على تأمين الدعم اللازم للأمور الأساسية في حياة اللبنانيين، كتأمين الدعم للمحروقات والطحين والدواء.

في خضم كل ذلك، استقطب سوق التداول بالعملات الرقمية، الكثير من الشبان اللبنانيين، خاصة الضالعين في مجال التكنولوجيا الرقمية، الباحثين عن بدائل حقيقية لسوق العمل والاستثمار.

وكان لهذا السوق الكثير من الآمال، في تأمين مصدر دخل جيد بالدولار فريش، في مقابل الكثير من التحديات كأزمة الكهرباء والإنترنت وظهور بعض جهات الاحتيال التي استغلت البعض في عملياتها.

وكان من أشهر عمليات الاحتيال، تلك المعروفة بقضية ” Binancesfund”، حيث تعرض عدد من اللبنانيين المستثمرين من خلالها لعملية احتيال كبيرة، أدت إلى خسارات كبيرة بملايين الدولارات.

حيث قررت المنصة التي اشتهرت بعوائد الربح الكبيرة التي تؤمنها للمتعاملين معها، التوقف عن الدفع للمستثمرين فجأة، مما أدى لخسارات تجاوزت الـ300 مليون دولار أمريكي تقريبا”.

وفي تقرير لموقع “الجزيرة. نت”، فقد تم رصد 3 أنواع من الأنشطة بالعملات الرقمية في لبنان:

• تعدين العملة الرقمية، وينشط فيها أشخاص يُلقبون بعمال المناجم، يقومون بإنشاء عملات جديدة وفك الشفرات وتتبع عمليات التداول عبر تسجيلها بـ”سلاسل محاسبية” (Block chain)، بواسطة أجهزة كمبيوتر تتميز بكفاءة عالية مصممة لهذه الغاية، وتستهلك طاقة كهربائية ضخمة.
• “المؤثرون” والوكلاء المروجون (Influencers)، وهم الفئات التي تستثمر بالعملات الرقمية ويكون لديها رصيد خارجي ويلعبون دور الوسطاء بتبادل الوحدات الرقمية.
• الهواة من مبتدئين ومستثمرين صغار، وربما هم الفئة الأوسع، إذ لا تتعدى قيمة استثماراتهم بضع مئات الدولار، ويشتري بعضهم عملات بقيمة 10 دولارات، على سبيل المثال.

وفي النوع الأول، ينشط منذ 8 أشهر اللبناني نافع سعد (42 عاما) الذي يعمل مبرمجا بشركة خاصة، ويشير -للجزيرة نت- إلى أنه استثمر بداية نحو 3 آلاف و800 دولار، ويحقق شهريا أرباحا بقيمة 300 دولار.

والذي جذب نافع لعالم تعدين العملات الرقمية هو شغفه بالتحقق منها والعمليات الحسابية وتتبع طريق تحويلها، ونظرا لأزمة الكهرباء وانقطاعها نحو 18 ساعة يوميا، اشترى نافع بطاريتين كهربائيتين لمنزله، وفصل شبكة الكهرباء لأجهزته الكمبيوتر المخصصة للتعدين.

يدرك نافع أن تعدين العملات الرقمية يستغرق مجهودا كبيرا، لكن الانهيار الاقتصادي، كان دافعا لخوض غمار تجربته، ويرى أنه -بوصفه لبنانيا- فقد ثقته في الليرة والنظام المصرفي على حد سواء، وبالتالي، وجد في العملات الرقمية سبيلا لتحقيق الأرباح، لافتا إلى أنه رصد أشخاصا يحولون الأموال إلى لبنان عبر العملات المشفرة بدل المصارف؛ وآخرين يشترون عملات لإبقائها بهواتفهم كوحدات أملا في ارتفاع قيمتها.

وفي الصنف الثاني، ينشط اللبناني عمر خطاب (31 عاما) الذي يعمل بمجال إدارة الأعمال، وهو من المؤثرين بلبنان بمجال العملات الرقمية، ولديه قناة على “يوتيوب” (YouTube)، وعلى “تيك توك” (TikTok).

دخل عمر مجال التداول بالعملات الرقمية منذ عام 2017، ويقول -للجزيرة نت- إنه يعمل على التوعية عبر فيديوهات حول كيفية التحليل الفني للعملات الرقمية والمشاريع الأكثر تحقيقا للأرباح بعد خضوعه لدورات على الإنترنت بالمجال.

ولاحظ عمر تفاعلا لبنانيا واسعا معه، وتحديدا الشباب ما دون 35 عاما، الذين يتأثرون برأيه لعدة عوامل: الموجة العالمية على العملات الرقيمة، ومتابعة تاريخ البتكوين، حين بدأت بقيمة قدرها سنت واحد قبل نحو 10 سنوات، وبلغت أخيرا نحو 60 ألف دولار.

ولا ينفي عمر وقوع خسائر كبير نتيجة عمليات الاحتيال وعدم دراية كثيرين بهذا العالم، ويربط الإقبال عليها في لبنان بعدم الثقة بالمصارف أو تخزين المدخرات النقدية بالمنازل، ناهيك عن سهولة نقل الأموال مهما كانت ضخمة بلا معاملات.

ويشجع على الاستثمار بالعملات الرقمية ذات المشاريع مثل بتكوين أو “إيثريوم” (Ethereum)، بدل عملات أخرى غير آمنة مثل “شيبا” (Shiba).
ومن الصنف الثالث، يحدثنا أحد المتداولين، وهو شادي حنوش الذي يعمل بمجال التكنولوجيا، ويعتبر أنه لم يدخل عالم التداول بشكل احترافي، مشبها العملات الرقمية بعالم البورصة.

ويؤمن شادي بأن كل عملة رقيمة تتصاعد بلحظة ما، لها قيمة مستقبلا، وأنه يسعى لتطوير محفظته؛ وقال إنه حقق أرباحا بمقدار 5.5 أضعاف الأموال التي استثمرها.