السبت 10 ذو القعدة 1445 ﻫ - 18 مايو 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

"عصر الأنوار" يقترب من إطفاء شعاع الليل.. تحذير من الأضواء الاصطناعية

ربما يكون تغير استخدامات الأراضي وتغير المناخ ورش المبيدات من بين العوامل التي تقف وراء التغيير الطبيعي لكوكب الأرض، ولكن هناك أسباب أخرى قد لا تؤخذ في الحسبان.

دعت مجموعة من الخبراء والصحفيين والناشطين في رسالة مفتوحة إلى صحيفة “لوموند Le Monde” الفرنسية، إلى تخفيض الإضاءة الليلية في المناطق الحضرية، وطالبت الحكومات والمنظمات الدولية بتصنيف السماء المرصعة بالنجوم ضمن التراث العالمي.

وجاء في الرسالة أنه “بوجود أكثر من 11 مليون نقطة إنارة عامة و3.5 ملايين لافتة إعلانية، فإن “عصر الأنوار” الجديد يقترب من إطفاء شعاع الليل وأضوائه المتلألئة.

انفجار الأضواء الاصطناعية

ويرى الخبراء والنشطاء الموقّعون على الرسالة أن “انفجار الأضواء الاصطناعية” نما بنسبة 84% على مدار العقدين الماضيين في فرنسا، مما أدى إلى تلوث ضوئي لا يمكن السيطرة عليه، وكانت له تأثيرات سلبية ملموسة على التنوع البيولوجي والمناخ والصحة العامة وشكل السماء عند النظر إليها بالعين المجردة. فبالإضافة إلى تدمير البيئة وانتشار المبيدات، يعد التلوث الضوئي عاملا رئيسيا في اختفاء أعداد كبيرة من الحشرات والإخلال بالتنوع البيولوجي بشكل عام”.

وحسب الناشطين، فإنه “لا ينبغي أن نتغافل على أن 28% من الفقاريات و64% من اللافقاريات تعتبر كائنات ليلية بشكل كامل أو جزئي، وبالتالي فهي معرضة لخطر الإضاءة الاصطناعية. ومن بين الأمور التي تدق أجراس الخطر، اختفاء 38% من الخفافيش في فرنسا على مدى السنوات العشر الماضية”.

وأظهرت دراسة نُشرت بمجلة “ساينس أدفانسيس” (Science Advances) في أغسطس/ آب الماضي، تأثير إضاءة الشوارع على اليرقات الليلية التي تعيش على الأضواء الطبيعية. وأظهرت دراسة أخرى أن المروج المعرضة للتلوث الضوئي سجلت انخفاضا بنسبة 62% في زيارات الملقحات الليلية مقارنةً بالمروج غير المضاءة اصطناعيا.

ضرورة التحكم في الإضاءة الليلية

تضيف الرسالة أن “الضوء الاصطناعي يغيّر بشكل كبير الدورات البيولوجية للكائنات الحية وتفاعل وسلوك الأنواع المختلفة. كما أن هذه الأنوار تهدد الموائل الطبيعية في الليل، مما يبرز الحاجة إلى إنشاء مناطق غير مضاءة للحفاظ على الموائل واستعادتها”.

وتُظهر الإحصائيات أن الكهرباء اللازمة للإضاءة العامة ليلا تمثل 41% من الاستهلاك الإجمالي للكهرباء. ويقترح تقرير حديث من الأكاديمية الوطنية الفرنسية Academie Nationale De Medicine للطب تصنيف التعرض للضوء ليلا ضمن فئة اضطرابات الغدد الصماء، بالنظر إلى الآثار الصحية المرتبطة بالتعرض للضوء الاصطناعي.

ومن مخاطر التلوث الضوئي الليلي وفقا للرسالة، التأثير على شكل السماء، إذ يمكن مشاهدة أقل من 20 نجما بالعين المجردة في المدن مقارنة بعدة آلاف من النجوم في الأماكن الليلية الخالية من الأضواء الاصطناعية.

عندما يكون الليل استمرارا للنهار

ومن منظور ثقافي، يمكن القول -حسب النشطاء- “إننا الجيل الأول الذي يعيش الليل باعتباره استمرارا للنهار، لذلك ندعو إلى الاقتصاد في الإضاءة وترشيد استخدامها إلى الحد الأدنى من خلال إجراءات صارمة”.

وقد عقد الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة مؤتمره السنوي في مرسيليا من 3 إلى 11 سبتمبر/ أيلول الماضي، وأقيمت خلاله تظاهرة “نايت داي” للاحتفال بجمال السماء المرصعة بالنجوم.

ويختم الموقّعون رسالتهم المفتوحة بدعوة “الدول والمجتمعات المحلية والمنظمات الدولية إلى الاعتراف بالسماء المرصعة بالنجوم باعتبارها تراثا عالميا للبشرية. يجب أن نعمل جميعا على مراعاة هذا الصالح العام بشكل أفضل والحد من إساءة استخدام الضوء الاصطناعي المنبعث من الإضاءة الليلية، سواء كانت عامة أو خاصة، بما في ذلك أجهزة الإعلانات ذات الإضاءة الخلفية ومشاريع أبراج الأقمار الاصطناعية الساطعة”.