كشفت 3 مصادر في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أن الحكومة تواجه حاليا أزمة مالية خانقة غير مسبوقة، مما تسبب في تأخر صرف رواتب الموظفين لشهرين والعجز عن توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء.
وأفادت المصادر بأن الحكومة تواجه ضغوطا تسببت في تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار إلى أدنى مستوى له في تاريخ البلاد وهو 2040 ريالا لكل دولار.
وقال مسؤول كبير في البنك المركزي اليمني في عدن لرويترز أمس السبت طالبا عدم ذكر اسمه إن الحكومة تعاني وسط تراجع إيرادات الدولة إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
كانت السعودية أودعت في منتصف يونيو/ حزيران الماضي نحو 300 مليون دولار في حسابات البنك المركزي اليمني الذي يقع مقره في عدن جنوبي اليمن، كدفعة ثالثة من المنحة البالغة 1.2 مليار دولار ومدتها عام لدعم الموازنة العامة، والتي بدأت في أغسطس/ آب العام الماضي.
وأكد المسؤول أن الأزمة تسببت في الحد من قدرة الحكومة على توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء في مدينة عدن والمحافظات المجاورة لها.
وقال سكان إن عدد ساعات انقطاع الكهرباء في عدن ومحافظات الجنوب ارتفع إلى 16 ساعة في اليوم.
وأشار المسؤول إلى “عجز في ميزان المدفوعات بلغ ذروته بفعل النقص الحاد في الموارد الحكومية، وزيادة الطلب على العملة الأجنبية لتغطية فاتورة الاستيراد”.
ويحصل اليمن على 95% من معظم احتياجاته الغذائية من مصادر خارجية.
وتدهور الوضع في عدن مقر الحكومة وجنوب اليمن على وجه الخصوص منذ أن استهدفت أواخر عام 2022، عدة هجمات بطائرات مسيرة تابعة لـجماعة الحوثيين ناقلات النفط في محطات النفط الجنوبية، مما حال دون تصدير الحكومة للخام من هناك وتدفقات الوقود.
انقسام نقدي
وإضافة إلى الانقسام السياسي والعسكري، يشهد اليمن انقساما نقديا، إذ يوجد بنكان مركزيان أحدهما تديره الحكومة في مدينة عدن جنوبي البلاد ويتعامل بأوراق مالية حديثة، قيمة الدولار الأميركي فيها وصلت إلى 2040 ريالا، والآخر في العاصمة صنعاء يديره الحوثيون، ويتعامل بأوراق مالية أقدم، قيمة الدولار الأميركي فيها 531 ريالا.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أوقف البنك المركزي في عدن تعامله مع 6 من أكبر البنوك التجارية التي تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين، بعد أن رفضت نقل مقراتها الرئيسية إلى عدن، ليرد البنك المركزي في صنعاء بوقف التعامل مع 12 بنكا تعمل في مناطق نفوذ الحكومة.
ويحظى البنك المركزي في عدن باعتراف المؤسسات المالية الدولية مما يمنحه قدرة التحكم في الوصول إلى الشبكة المالية العالمية “سويفت”، كما يُعد الجهة الوحيدة التي تستطيع عبرها البنوك التجارية المحلية تمويل عمليات الاستيراد من الخارج.
في المقابل، يستمد البنك المركزي في صنعاء قوته من وجود مقرات البنوك الرئيسية في مناطق نفوذه، مما يمنحه قدرة التحكم بالأنشطة المالية والمصرفية داخل اليمن، وفي وقت سابق منع البنوك التجارية المحلية مشاركة بياناتها مع البنك المركزي في عدن.
وفي خضم هذه الأزمة كان محافظ البنك المركزي في عدن أحمد غالب المعبقي قد أعلن تقديم استقالته إلى مجلس القيادة الرئاسي في 23 يوليو/تموز 2024، إثر تراجع الحكومة عن قرارات اتخذها البنك يتعلق بعضها بتنظيم القطاع المصرفي والرقابة على البنوك. لكن مجلس القيادة الرئاسي الذي يضم رئيسا و7 أعضاء، أعلن بالإجماع رفض الاستقالة، مفيدا بأن المعبقي باق في منصبه.