أطفال في غزة
من إنزال المساعدات الإنسانية جوا إلى الاستعانة بسفن إمدادات من قبرص، تسعى الولايات المتحدة على وجه السرعة لإيجاد سبل لتوفير طعام لسكان غزة في الوقت الذي تقاوم فيه إسرائيل مساعي واشنطن لتوصيل مزيد من المساعدات، وينفد فيه صبر العالم انتظارا لثمار جهود الوساطة الأمريكية من أجل إحلال هدنة.
ويواجه أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة المحاصر شبح مجاعة يلوح في الأفق مع استمرار الهجوم العسكري الإسرائيلي. ويتملك السكان شعور باليأس، فيما سيطرت الفوضى على عمليات تسليم المساعدات بما في ذلك سقوط قتلى.
وقال مسؤولو صحة فلسطينيون إن أكثر من 100 فلسطيني لاقوا حتفهم أمس الخميس بنيران إسرائيلية أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات. ونفت إسرائيل مسؤوليتها عن الحادث قائلة إن كثيرين دهستهم شاحنات المساعدات.
وتبحث إدارة بايدن التي تتعرض لضغوط من الداخل ومن حلفائها في الخارج مقترحات باهظة الكلفة لم تكن ترد في الأذهان سوى في أوقات الكوارث الطبيعية وفترة الحرب الباردة.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الإنزال الجوي للمواد الغذائية والامدادات هو أحد الخيارات. وأرسلت فرنسا، مع الأردن ودول أخرى في المنطقة، بالفعل بضع شحنات جوا إلى غزة.
وقال مسؤول أمريكي إن الحل الآخر هو شحن المساعدات بحرا من قبرص التي تبعد نحو 210 أميال بحرية من ساحل غزة. وقال المسؤول إن مسؤولين أمريكيين زاروا قبرص هذا الأسبوع لبحث عملية محتملة لإرسال مساعدات إنسانية بحرا.
ولم تتضح تفاصيل مثل هذه العملية التي تتضمن المكان المحتمل لتفريغ الإمدادات في غزة. وقال المسؤول إن الإدارة تبحث احتمالات استخدام السفن الحربية أو التجارية، وإن الأمر سيكون “معقدا من حيث تأمين موقع الرسو”.
وقال المسؤول إنه لم يُتخذ قرار بشأن مشاركة عسكرية في مثل هذه العملية وإن الإسرائيليين “متقبلون جدا” لخيار الجسر البحري لأنه سيتفادى تعطيلا من محتجين يغلقون المعابر البرية أمام قوافل المساعدات.
وأثارت فكرة الإنزال الجوي شكوكا من بعض جماعات المساعدات الإنسانية.
وقال جيرمي كونينديك، رئيس المنظمة الدولية للاجئين “من الجنون أن الكيان الذي يجعل اللجوء لهذا الحل المكلف ضرورة ليس تنظيم الدولة الإسلامية… أو السوفييت… بل حليف للولايات المتحدة يخوض حربا بدعم أمريكي كامل”.
وأضاف “عمليات الإنزال الجوي باهظة الكلفة وصغيرة الحجم… وحقيقة أنه يتعين التفكير فيها تمثل فشلا ذريعا للسياسة”.
وتقول إسرائيل إنها ملتزمة بتحسين الوضع الإنساني في غزة، وتتهم مسلحي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بتعريض المدنيين الفلسطينيين للخطر باستخدامهم دروعا بشرية.
وردا على سؤال عن الخيارات التي تدرسها الولايات المتحدة، أشار متحدث باسم السفارة الإسرائيلية في واشنطن إلى بيان صدر أمس الخميس قال فيه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري إن إسرائيل تنسق عمليات تسليم المساعدات وتريد وصول المساعدات الإنسانية إلى سكان القطاع.
وقال هاجاري في بيان مصور “نعمل على مدار الساعة لتحقيق ذلك… إسرائيل لا تضع قيودا على حجم المساعدات التي يمكن دخولها إلى غزة”.
كانت عمليات تسليم المساعدات إلى غزة وخاصة للشمال نادرة وتتم بشكل عشوائي إذ أدى تزايد الفوضى والنهب وانهيار النظام العام في أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي الذي أودى بحياة أكثر من 30 ألف فلسطيني إلى حمل عمال الإغاثة على العمل في ظروف غير آمنة على الإطلاق.
ونشب الصراع عندما شن مسلحو حماس هجوما على جنوب إسرائيل من قطاع غزة في السابع من أكتوبر تشرين الأول مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة، بحسب الإحصاءات الإسرائيلية.
وكان الحادث الذي وقع أمس الخميس بالقرب من مدينة غزة أكبر خسارة في أرواح المدنيين منذ أسابيع. وقالت حماس إن ذلك قد يعرض المحادثات الجارية في قطر للخطر والتي تهدف إلى ضمان وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. وتزايدت الآمال بالتوصل إلى هدنة قبل بداية شهر رمضان في العاشر من مارس آذار.
وانتقدت الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة إسرائيل لرفضها محاولات نقل المساعدات الإنسانية إلى الأجزاء الشمالية من غزة، مما أدى إلى تقييد الحركة والاتصالات.
وتقول إدارة بايدن إن الحل الأفضل للأزمة الإنسانية هو وقف مؤقت لإطلاق النار. وتظهر الإدارة الأمريكية استياءها من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رغم استمرار المفاوضات.
وفي اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الثلاثاء بشأن المجاعة في غزة، أشارت الولايات المتحدة صراحة إلى أن حليفتها إسرائيل تتحمل المسؤولية.
وقال روبرت وود نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن “ببساطة يجب على إسرائيل أن تبذل مزيدا من الجهد”.
وأصبحت مسألة تحديد مَن يقوم بتوفير الأمن لشحنات المساعدات مشكلة كبيرة. فليس لدى الأمم المتحدة مشرفون خاصون بها. وهاجمت القوات الإسرائيلية الشرطة الفلسطينية التي كانت ترافق شاحنات المساعدات، واتهمت بعض أفرادها بالانتماء إلى حماس.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، دون الخوض في تفاصيل، إن المسؤولين الأمريكيين يدرسون عددا من تدابير المساعدة. وقال أيضا إن واشنطن تجري محادثات مع إسرائيل لفتح معبر حدودي في شمال غزة.
وأضاف ميلر أن هناك “تحديات أمنية وفنية” تعترض فتح المزيد من المعابر الحدودية، لكن إسرائيل مستعدة للتعامل معها.
وتابع أن واشنطن تدخلت في السابق لإقناع إسرائيل بفتح معبرين حدوديين كانت قد أغلقتهما في جنوب غزة. وقال “إن الأمر لن يحدث بين عشية وضحاها… لكننا نضغط على نحو متواصل من أجل تحقيقه”.