مبانٍ دمرت في غارات إسرائيلية سابقة في خان يونس جنوب قطاع غزة في 16 يناير/كانون الثاني 2025. رويترز
قال سكان والسلطات في قطاع غزة إن 77 على الأقل استشهدوا في غارات جوية شنتها إسرائيل على القطاع خلال الليل بعد ساعات من الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى لإنهاء الحرب المستمرة منذ 15 شهرا بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وشهد أمس الأربعاء الإعلان عن الاتفاق المعقد بعد جهود وساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة على مدى أشهر.
ويحدد الاتفاق، الذي يسري اعتبارا من يوم الأحد، ستة أسابيع من وقف إطلاق النار بشكل مبدئي وانسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة الذي استشهد فيه عشرات الآلاف. ومن المقرر إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حماس مقابل الإفراج عن فلسطينيين من سجون إسرائيل.
ويمهد الاتفاق الطريق إلى زيادة المساعدات لغزة التي نزح معظم السكان فيها. وقال خبراء الأمن الغذائي في أواخر العام الماضي إن سكان القطاع يواجهون نقصا حادا في الغذاء.
وتصطف شاحنات المساعدات في طوابير بمدينة العريش المصرية بانتظار دخول غزة بمجرد إعادة فتح الحدود.
وقال مسؤول إسرائيلي إن قبول إسرائيل للاتفاق لن يصبح رسميا إلا بعد موافقة مجلس الوزراء الأمني المصغر والحكومة الإسرائيلية، إذ من المقرر التصويت على الاتفاق اليوم الخميس.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتهم حماس بتقديم مطالب في اللحظة الأخيرة والتراجع عن الاتفاقات.
وقال مكتب نتنياهو في بيان “لن تجتمع الحكومة الإسرائيلية حتى يخطر الوسطاء إسرائيل بأن حماس قبلت كل بنود الاتفاق”.
ولم يتضح بعد تأثير هذا التأجيل الأحدث على الاتفاق.
وقال عزت الرشق القيادي البارز في حماس اليوم الخميس إن الحركة الفلسطينية ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الوسطاء أمس الأربعاء.
ولا يزال المتشددون في حكومة نتنياهو يأملون في وقف الاتفاق رغم أنه من المتوقع أن يلقى تأييد أغلب الوزراء.
وقال حزب الصهيونية الدينية برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في بيان إن شرط بقائه في الحكومة هو العودة للقتال بنهاية المرحلة الأولى من الاتفاق بهدف القضاء على حماس وإعادة جميع الرهائن. كما هدد وزير الأمن الوطني إيتمار بن جفير بالانسحاب من الحكومة إذا تمت الموافقة على وقف إطلاق النار.
وسار بعض الإسرائيليين في شوارع القدس حاملين توابيت فارغة احتجاجا على وقف إطلاق النار وأغلقوا طرقا واشتبكوا مع الشرطة.
ورغم تأجيل اجتماع مجلس الوزراء، قال معلقون سياسيون في هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) إنه سيتم إيجاد حل على الأرجح لأحدث تأجيل وإن وقف إطلاق النار أصبح أمرا محسوما.
كما قلل البيت الأبيض من أهمية التقارير التي تحدثت عن وجود عراقيل في اتفاق وقف إطلاق النار اليوم الخميس.
وقال جوناثان فينر نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي في مقابلة مع شبكة سي.إن.إن “نتوقع تماما أن يتم تنفيذ الاتفاق كما وصفه الرئيس والوسيطان، مصر وقطر، أمس ووفقا للجدول الزمني المعلن. نعمل حاليا على تفاصيل التنفيذ”.
وينص الاتفاق على السماح بإدخال 600 شاحنة محملة بالمساعدات الإنسانية إلى غزة في كل يوم من أيام وقف إطلاق النار، ومنها 50 شاحنة محملة بالوقود.
وستشهد المرحلة الأولى من الاتفاق قيام إسرائيل بالإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني، من بينهم عدد كبير يقضي أحكاما بالسجن لفترات طويلة.
وسيكون من الصعب على الإسرائيليين تقبل الإفراج عن مسلحين فلسطينيين كانوا يقضون أحكاما بالسجن مدى الحياة لتورطهم في هجمات على إسرائيل.
لكن استطلاعات رأي متعاقبة أظهرت تأييدا شعبيا واسعا لاتفاق يسفر عن تحرير الرهائن حتى ولو كان الثمن باهظا.
وقالت شافا تريتيل وهي من سكان القدس “هذا هو الخيار الوحيد الذي يجب أن نتخذه كي نستمر كدولة وكأمة.. أن نعلم أننا سنفعل أي شيء لإنقاذ بعضنا البعض”.
وذكر سكان والدفاع المدني الفلسطيني أنه في الوقت الذي احتفل فيه الناس داخل غزة وإسرائيل بالاتفاق، كثف الجيش الإسرائيلي الهجمات على القطاع.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن 81 شخصا على الأقل استشهدوا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية وأصيب نحو 188.
وأضاف الدفاع المدني الفلسطيني أن 77 شخصا على الأقل استشهدوا منذ إعلان وقف إطلاق النار.
وإذا نفذ وقف إطلاق النار بنجاح، فإنه سيوقف القتال الذي دمر أجزاء كبيرة من القطاع وأدى لاستشهاد أكثر من 46 ألفا وشرّد معظم سكانه لذي كان يبلغ عددهم 2.3 مليون نسمة قبل الحرب.
ومن شأن هذا بدوره أن يخفف التوتر في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وكذلك في لبنان وسوريا واليمن والعراق وأثارت مخاوف من اندلاع حرب شاملة بين العدوين الإقليميين اللدودين إسرائيل وإيران.
وتتضمن المرحلة الأولى من الاتفاق إطلاق سراح 33 من الأسرى الإسرائيليين، وهو ما يشمل جميع النساء والأطفال والرجال فوق سن الخمسين، وذلك من بين 98 أسيراً ما زالوا في قطاع غزة.
ولاقى الاتفاق ردود فعل عالمية مفعمة بالحماسة.
وشنت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة واجتاحته بريا في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023.
ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى. ومن المتوقع أن تشمل تلك المرحلة إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، ووقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة الثالثة إعادة جثث جميع الرهائن المتبقية، وبدء إعادة إعمار قطاع غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.