أبرمت السعودية اتفاقات استثمارية مشتركة مع شركات كبيرة لإدارة الأموال خلال مؤتمر ضخم أقيم هذا الأسبوع، وهو ما يُظهر المسعى الجديد لدى المملكة لجذب النقد الأجنبي إليها.
وتخوض السعودية سباقا لجذب المزيد من الأموال الخارجية من أجل مواصلة تنفيذ خططها الطموحة لتنويع مصادر اقتصادها. وقد حددت المملكة لنفسها هدفا يتمثل في جذب استثمارات أجنبية مباشرة قيمتها 100 مليار دولار سنويا بنهاية العقد الحالي. وقد حققت نحو ربع هذا المبلغ في العام الماضي.
وقال فرانسوا عيسى توازي، المدير الإداري لدى شركة الاستثمار الفرنسية أرديان، لرويترز “الحديث اليوم عن الداخل (جذب الشركات الأجنبية لفتح مقار لها في المملكة) والمعاملة بالمثل. السعودية تقود هذا الاتجاه في دول مجلس التعاون الخليجي. يتمثل دور أي شركة لإدارة الأموال في تكييف نهجها مع هذا الاتجاه الجديد”.
وأعلنت شركة إدارة الأصول الكندية بروكفيلد في الآونة الأخيرة عن تأسيس صندوق جديد للشرق الأوسط برأس مال يقدر بملياري دولار سيدعمه صندوق الاستثمارات العامة السعودي، صندوق الثروة السيادي في المملكة، بالإضافة إلى شركة حصانة، الذراع الاستثمارية للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في السعودية.
وأُعلن عن هذا الاتفاق خلال مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، المعروف أيضا باسم دافوس في الصحراء، الذي أقيم هذا الأسبوع.
وتنص الاتفاقات غير الملزمة على تقديم صندوق الاستثمارات العامة دعما لم يُكشف عن قيمته إلى صندوق بروكفيلد ميدل إيست بارتنرز، بينما ستقدم شركة حصانة 500 مليون دولار للصندوق، بالإضافة إلى 500 مليون دولار أخرى ستضخها بروكفيلد.
وقال أنوج رانجان، الرئيس التنفيذي لشركة بروكفيلد للاستثمار المباشر، خلال حلقة نقاشية على هامش المؤتمر “عملنا بأكمله يعتمد حرفيا على تقييم المخاطر”.
وأضاف “لهذا السبب كان من المهم للغاية الدخول في هذه الشراكة… مع صندوق الاستثمارات العامة، لأنكم تعلمون أن هذا سيعطينا ثقة أكبر ويساعدنا في تحمل هذه المخاطر بشكل أفضل عند الاستثمار محليا في السعودية”.
ووقع صندوق الاستثمارات العامة أيضا مذكرات تفاهم مع مؤسسات مالية يابانية بقيمة تصل إلى 51 مليار دولار، من بينها اتفاقات مع بنك ميزوهو ومجموعة سوميتومو ميتسوي المالية وميتسوبيشي يو.إف.جي.
وقال صندوق الاستثمارات العامة، الذي تبلغ قيمة أصوله 925 مليار دولار، إنه يتطلع إلى تأسيس صندوق جديد مع سلطة النقد في هونج كونج يستهدف استثمار مليار دولار في شركات لها “صلة بهونج كونج” تتوسع في السعودية، مع التركيز على قطاعات تشمل التصنيع والطاقة المتجددة.
وتشير بيانات حكومية إلى أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للمملكة بلغت 96 مليار ريال (25.6 مليار دولار) في 2023، أو نحو 2.4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لتحقق بذلك الهدف المرصود لها العام الماضي في إطار الاستراتيجية الوطنية للاستثمار التي تهدف إلى دفع عملية الإصلاح الاقتصادي المعروفة باسم رؤية السعودية 2030.
وقالت شركة جلوبال إس.دبليو.إف التي تتتبع صناديق الثروة السيادية “صندوق الاستثمارات العامة يضع المزيد من الشروط عند تفويض مديري الصناديق ويبلغهم بأنه يريد رؤية المزيد من الاستثمار في السعودية”.
وأضافت الشركة “ومع ذلك، يواجه الصندوق صعوبة في جذب شركاء استثماريين في بعض مشروعاته الاستثمارية الضخمة، ولا سيما العملاقة التي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات وتشكل محور مبادراته التنموية الاستراتيجية”.
ولم يرد مركز التواصل الحكومي السعودي ولا صندوق الاستثمارات العامة حتى الآن على طلبات من رويترز للتعليق.
وتتخذ الرياض خطوات لتشجيع الشركات الأجنبية على زيادة استثماراتها في المملكة. فعلى سبيل المثال، قالت الحكومة في عام 2021 إن الشركات التي تسعى إلى إبرام عقود معها يجب أن تكون مقارها الإقليمية موجودة في المملكة.
وزاد صندوق الاستثمارات العامة من تركيزه على الاستثمار المحلي في إطار التزامه بخطط التحول الاقتصادي في المملكة. وانخفضت الاستثمارات الدولية للصندوق إلى 21 بالمئة من أصوله الخاضعة للإدارة العام الماضي مقارنة مع 30 بالمئة في 2020. ولا يزال الصندوق يسعى إلى خفض استثماراته الدولية إلى ما بين 18 و20 بالمئة من أصوله، لكن التوقعات تشير إلى نمو محفظته الأجنبية بالدولار.
وبدأت شركة الاستشارات ألفاريز آند مارسال في زيادة عدد موظفيها في المملكة، وذلك بعد أن قالت في مايو أيار إنها ستؤسس مقرا إقليميا لها في الرياض.
وقال بول جيلبرت، رئيس قسم التحول وإعادة الهيكلة والرئيس المشارك لمنطقة الشرق الأوسط لدى ألفاريز آند مارسال “لقد زاد عدد عملائنا ستة أمثال في العام الماضي ليصل إلى ما يقرب من 60 الآن، ونخطط لمواصلة هذا النمو الكبير والسريع في المملكة على مدى العامين إلى الأعوام الثلاثة المقبلة”.
وأضاف لرويترز “مركز الثقل يتحول تماما. ونحن نعمل جاهدين لعكس ذلك داخل مؤسستنا أيضا”.
وتابع “أرى أيضا فرصة للكثير من الشركات هنا لإظهار التزامها تجاه المملكة من خلال الاستثمار المشترك”.