يستعد العراق يومي 20 و21 نوفمبر/تشرين الثاني الجاريلإجراء أول تعداد سكاني شامل منذ عام 1987 وبعد تعداد 1997 الذي لم يشمل محافظات إقليم كردستان، لأنها كانت شبه مستقلة عن العراق في عهد النظام السابق.
ويعتبر هذا التعداد العاشر الذي تشهده البلاد في تاريخها الحديث، ويُعد حدثا وطنيا بالغ الأهمية سيلقي بظلاله على مستقبل العراق السياسي والاجتماعي، إذ من المتوقع أن يسهم في رسم صورة دقيقة عن التوزيع السكاني ونسبة مكونات البلاد المختلفة.
وجرت التعدادات السابقة كالتالي:
*أجري أول تعداد عام 1920 على يد الإدارة البريطانية للعراق.
*ثاني تعداد نُظم عام 1927 وألغيت نتائجه لكثرة الأخطاء التي رافقت العملية.
*تم ثالث تعداد عام 1934 لغرض الانتخابات.
*أجري رابع تعداد عام 1947 ونجح بشدة مما دعا حكومة “المملكة العراقية” حينها لإقرار قانون يقضي بإجراء تعداد للسكان كل 10 سنوات.
*الخامس عام 1957 وكان آخر تعداد في العهد الملكي.
*تعداد عام 1965 وكان الأول في العهد الجمهوري.
*السابع كان عام 1977.
*الثامن نظّم في عام 1987.
*التعداد التاسع أجري في عام 1997.
استكمال الاستعدادات
أفاد المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهراء الهنداوي بأنه سيتم إعلان نتائج التعداد السكاني الأولية في غضون 24 ساعة، مشددا على استكمال جميع الاستعدادات لإجرائه في جميع محافظات العراق، بما في ذلك إقليم كردستان.
وقال الهنداوي للجزيرة نت إن التعداد السكاني سيشمل جميع العراقيين، بمن فيهم النازحون، حيث سيتم توضيح وضعية كل شخص من خلال أسئلة محددة تتعلق بالسكن السابق والحالي والمدة، إلى جانب معلومات تتعلق برقم البطاقة الوطنية وجهة إصدارها.
ويأتي هذا التعداد -الذي يرافقه حظر تجول شامل لضمان دقة المعلومات وفق المنظمين- في وقت يشهد فيه العراق تحديات اجتماعية واقتصادية مختلفة، بما في ذلك النزوح القسري الناجم عن النزاعات المسلحة والتهديدات الأمنية. ومن المتوقع أن تسهم بياناته في وضع خطط وسياسات أفضل للتنمية المستدامة.
وحسب الهنداوي، سيكون الحظر خلال يومي التعداد في جميع المحافظات، مشيرا إلى أن هناك تنسيقا “ممتازا” مع وزارة التخطيط وهيئة الإحصاء في إقليم كردستان، حيث ستتم جميع الإجراءات في وقت واحد وبالإجراءات والتفاصيل نفسها.
وأضاف أن الاستعدادات استغرقت عدة أشهر منذ بداية هذا العام، وتم استكمال جميع المراحل المخطط لها، بما في ذلك التعداد التجريبي، وعمليات الترقيم والحصر، وتدريب العدادين، وتوفير الأجهزة اللوحية، وإنشاء مركزين للبيانات والاتصالات وغرفة العمليات.
انتقادات
وأكد المتحدث الهنداوي أن جميع إجراءات هذا التعداد ستكون للمرة الأولى بطريقة إلكترونية، سواء فيما يتعلق بملء البيانات أو إرسالها أو حتى احتسابها وتصنيفها، لافتا إلى أن النتائج التفصيلية ستتطلب حوالي شهرين لتحليل البيانات “الضخمة والهائلة”.
بالمقابل، انتقدت الناشطة المجتمعية أنسام البدري، في حديثها للجزيرة نت، إدراج أسئلة حول الممتلكات الشخصية مثل الأجهزة الكهربائية والسيارات في استمارة التعداد السكاني.
وأعلنت وزارة التخطيط، على لسان وكيلها الإداري هناء إسماعيل الأسدي، الأحد الماضي، أن “موضوع التخوف من إعطاء المعلومة الصحيحة للفرق الجوالة هو غير صحيح، لأنه من خلالها سيتم قياس ومعرفة متطلبات كل منطقة وطبقات المجتمع الاقتصادية، بمعنى الاستدلال على المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر وساكني العشوائيات، لوضع خطط صحيحة لإدراج مشاريع تصب بمصلحتهم حتى وإن نفذت بعد 15 سنة”.
ورأت البدري أن هذه الأسئلة تخلق استياء لدى المواطنين خصوصا أن وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي صرح بأن البيانات التي سيتم جمعها ستستخدم لتحديد المستحقين لراتب الرعاية الاجتماعية، وهو ما اعتبرته إجراء غير منطقي وغير عادل، حيث لا ينبغي حرمان عائلة من الرعاية بسبب امتلاكها بعض الأجهزة المنزلية.
وأكد الأسدي، أمس السبت، أن التعداد السكاني عملية تنموية كبرى ستسهم في تحديث بيانات ومؤشرات خط الفقر في العراق، ويدعم هيئة الحماية الاجتماعية في تطوير إستراتيجيات تعتمد على الأدلة الواقعية.
وقال -في بيان- إن “استبعاد المتجاوزين على الإعانة يتم من خلال إجراءات هيئة الحماية الاجتماعية في مقاطعة البيانات واستلام البلاغات وتحديث المعلومات من خلال البيان السنوي”.
دورة مختلفة
من جهة أخرى، أعربت الناشطة البدري عن قلقها إزاء تضمين أسئلة حول الأديان في الاستمارة، مؤكدة أن ذلك قد يؤجج التوترات الطائفية في ظل الظروف الحالية التي يشهدها العراق، مشيرة إلى أن التغيرات الديمغرافية التي طرأت على البلاد بسبب النزاعات والصراعات الأخيرة تجعل من الضروري توخي الحذر عند التعامل مع مثل هذه المسائل الحساسة.
وتختلف هذه الدورة عن سابقاتها في أنها لا تحتوي على حقلي “القومية والمذهب” بل تنص فقط على الديانة، مما أثار مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى ترسيخ التغييرات الديمغرافية في المناطق المتنازع عليها، خاصة بين الكرد والعرب والتركمان.
ومع ذلك، أكدت الناشطة البدري أهمية إجراء التعداد السكاني للحصول على بيانات دقيقة حول التركيبة السكانية للبلاد، منوهة إلى أن آخر تعداد أجري قبل 35 عاما وأن النتائج التي سيتم الحصول عليها ستساعد في وضع الخطط والبرامج التنموية المناسبة.
ورغم تحفظها على بعض جوانب التعداد، فإنها أشارت إلى أن النتائج ستكون مفيدة في إجراء الدراسات الاجتماعية ومعرفة التغيرات التي طرأت على المجتمع العراقي خلال العقدين الماضيين.