يستعد مقاتلو المعارضة السورية لمواصلة تقدمهم الخاطف اليوم السبت بعد وصولهم إلى مشارف مدينة حمص بوسط البلاد فيما تحاول القوات الحكومية تعزيز الخطوط الأمامية المنهارة وإنقاذ حكم الرئيس بشار الأسد المستمر منذ 24 عاما.
واجتاح مقاتلو المعارضة حلب قبل أسبوع لتنهار بعدها الدفاعات الحكومية في أنحاء البلاد بسرعة مذهلة إذ استولى المقاتلون على سلسلة من المدن الكبرى وانتفضوا في أماكن بدا أن المعارضة انتهت فيها منذ فترة طويلة.
وإلى جانب السيطرة على حلب في الشمال وحماة في الوسط ودير الزور في الشرق، انتفض مقاتلو المعارضة في السويداء ودرعا بالجنوب، قائلين أمس الجمعة إنهم سيطروا على المدينتين ونشروا مقاطع مصورة تظهر احتفالات المعارضة هناك.
وقال جيش النظام السوري إنه ينفذ غارات جوية في محيط حماة وحمص وينشر تعزيزات على تلك الجبهة. وأضاف أنه يعيد تمركزه حول درعا والسويداء دون الاعتراف بسيطرة مقاتلي المعارضة عليهما.
ويقول مسؤولون غربيون إن وتيرة الأحداث فاجأت العواصم العربية، مما أثار مخاوفهم من موجة جديدة من عدم الاستقرار في المنطقة.
ويقول مسؤولون غربيون إن جيش النظام السوري في وضع صعب إذ لم يتمكن من وقف مكاسب المعارضة واضطر إلى التقهقر.
اعتمد الأسد لفترة طويلة على حلفاء لإخضاع المعارضة المسلحة إذ شنت طائرات حربية روسية غارات جوية بينما أرسلت إيران قوات حليفة، منها مقاتلو حزب الله وفصائل عراقية، لدعم جيش النظام السوري واقتحام معاقل المعارضة.
غير أن روسيا ركزت على حربها في أوكرانيا منذ عام 2022 بينما تم القضاء على قياديي حزب الله هذا العام خلال الحرب الشاقة مع إسرائيل.
وحثت روسيا أمس الجمعة رعاياها على مغادرة البلاد. وقال مسؤول إيراني إن بلاده أجلت عائلات دبلوماسيين من سوريا.
وقال مسؤولون غربيون إن حزب الله أرسل بعض “القوات المشرفة” إلى حمص أمس الجمعة لكن أي انتشار كبير سيعرضها لضربات جوية إسرائيلية. وقال لبنان إن إسرائيل هاجمت معبرين حدوديين بين لبنان وسوريا أمس.
وأصبحت فصائل مسلحة عراقية مدعومة من إيران في حالة تأهب قصوى مع وجود آلاف من المقاتلين المدججين بالسلاح جاهزين للانتشار في سوريا، وتجمع كثيرون منهم بالقرب من الحدود. لكن اثنين من قادتهم قالوا إنهم لم يتلقوا أوامر بالعبور بعد.
وقال متحدث باسم الحكومة العراقية أمس الجمعة إن العراق لا يسعى للتدخل العسكري في سوريا.
وقال مصدر دبلوماسي أمس إن إيران وروسيا وتركيا، الداعم الأجنبي الرئيسي للمعارضة السورية، ستعقد اجتماعا اليوم السبت لبحث الأزمة في سوريا.
وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن الأسد لم يبذل أي جهد جدي للمصالحة مع شعبه وإن الحرب الأهلية تهدد سلامة الأراضي السورية.
معركة حمص
قالت المعارضة السورية إنها “على تخوم” حمص بعد الاستيلاء على آخر قرية على مشارفها الشمالية في وقت متأخر من أمس الجمعة، بعد يوم من السيطرة على حماة القريبة في أعقاب معركة وجيزة خارج المدينة.
وداخل حمص، قال أحد السكان إن الوضع بدا طبيعيا حتى يوم أمس الجمعة لكنه أصبح أكثر توترا مع سماع دوي الضربات الجوية وإطلاق النار بوضوح وإقامة فصائل مسلحة موالية للأسد نقاط تفتيش.
وقال أحد السكان “إنهم يبعثون برسالة إلى الناس بأن يبقوا في الصف وأن عليهم ألا يتحمسوا وألا يتوقعوا أن يتم التخلي عن حمص بسهولة”.
والسيطرة على حمص، وهي مفترق طرق رئيسي بين العاصمة والبحر المتوسط، من شأنها عزل دمشق عن المعقل الساحلي للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد وعن قاعدة بحرية وأخرى جوية لحلفائه الروس هناك.
وقال الجانبان إن مقاتلي المعارضة خارج حمص تعرضوا لقصف مكثف خلال الليل وإن الجيش وحلفاءه يحاولون التحصن للدفاع عن المدينة.
ووجه تحالف المعارضة السورية “النداء الأخير لقوات النظام فهذه فرصتكم للانشقاق”.
وقال سكان وشهود إن الآلاف فروا من حمص قبل تقدم المعارضة واتجهوا إلى اللاذقية وطرطوس الساحليتين، وهما من معاقل الحكومة.
وقال جوناثان لانديس وهو متخصص في الشأن السوري بجامعة أوكلاهوما “حمص هي المفتاح. وسيكون من الصعب للغاية على الأسد الصمود، ولكن إذا سقطت حمص فسوف يتم إغلاق الطريق السريع الرئيسي من دمشق إلى طرطوس والساحل مما يعزل العاصمة عن جبال العلويين”.
وأضاف “لكن الجيش السوري لن يقاتل. لا أحد يريد أن يموت من أجل الأسد ونظامه”.
وقالت مصادر عسكرية إن السيطرة على درعا والسويداء في الجنوب قد تتيح هجوما منظما على العاصمة، مقر الحكومة السورية.
وذكرت مصادر من المعارضة أمس الجمعة إن الجيش وافق على الانسحاب المنظم من درعا بموجب اتفاق يمنح مسؤولي الجيش ممرا آمنا إلى العاصمة دمشق، على بعد حوالي 100 كيلومتر إلى الشمال.
تتمتع درعا، التي كان عدد سكانها أكثر من 100 ألف قبل بدء الحرب الأهلية منذ 13 عاما، بأهمية رمزية باعتبارها مهد الانتفاضة. وهي عاصمة محافظة يبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة، وتقع على الحدود مع الأردن.
وفي الشرق، قالت ثلاثة مصادر سورية لرويترز إن تحالفا تدعمه الولايات المتحدة ويقوده مقاتلون أكراد سوريون سيطر على دير الزور، موطئ القدم الرئيسي للحكومة في الصحراء الشاسعة، أمس الجمعة مما يهدد اتصال الحكومة السورية البري بحلفائها في العراق.