شددت الباحثة البوسنية في مجال الإبادة الجماعية أرنيسا بوليوسميتش كوستورا على أن إسرائيل ترتكب في قطاع غزة “إبادة جماعية مكتملة الأركان”، وقالت إن هناك سمة مشتركة بين غزة ومدينة سربرينيتسا (شرق البوسنة والهرسك) وهي تعرضهما للتطهير العرقي، وسرقة الأراضي.
وفي مقابلة مع الأناضول، أوضحت كوستورا أن “المشاهد الأولى القادمة من غزة ذكرتها بسراييفو، التي كانت تحت الحصار خلال حرب 1992-1995 في البوسنة والهرسك”.
وفي معرض وصفها لمجزرة سربرينيتسا التي فقدت فيها أقرب الناس لها، قالت: “شيء مشابه لما يحدث في غزة حدث في البوسنة والهرسك قبل 30 عاماً، والسمة المشتركة بين غزة وسربرينيتسا هي تعرضهما للتطهير العرقي وسرقة الأراضي”.
وفي 11 يوليو/ تموز 1995، دخلت القوات الصربية بقيادة راتكو ملاديتش، بلدية سربرنيتسا في البوسنة والهرسك بعد إعلانها منطقة آمنة من قبل الأمم المتحدة.
وارتكب الصرب مجزرة راح ضحيتها أكثر من 8 آلاف بوسني، بينهم أطفال ومسنون، بعدما سلمت القوات الهولندية العاملة هناك عشرات الآلاف من البوسنيين إلى القوات الصربية.
ووصفت محكمة العدل الدولية في لاهاي، في قرارها الصادر عام 2007، ما حدث في سربرنيتسا وضواحيها بأنه “إبادة جماعية”، وذلك تماشيا مع أدلة المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.
وأعربت كوستورا عن معارضتها للاحتلال الإسرائيلي، قائلة: “لست أنا فقط، بل المحاكم الدولية أيضًا تعبر عن ذلك، فإسرائيل تريد تحقيق المشروع الذي تسعى إليه منذ 70 عاما بارتكاب إبادة جماعية”.
ورداً على جميع من يدعي أن إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية في غزة رغم المشاهدة القادمة من هناك، قالت كوستورا: “بصفتي باحثة في الإبادة الجماعية، فإن جميع منظمات الإغاثة والمحاكم الدولية، بما في ذلك زملائي، متفقون على أن الإبادة الجماعية تحدث في غزة”.
– نهج سلبي
الباحثة البوسنية أفادت أن معظم وسائل الإعلام الغربية لديها “نهج سلبي” حيال غزة، وتتجاهل ذكر الفاعل عند استشهاد مدنيين فلسطينيين وتكتفي بالقول “إن شخصًا قتل هناك”، فيما تنتهج خطابًا مختلفًا حين يقتل جندي إسرائيلي.
وشددت على أن “الإعلام الغربي لم يتصرف بحيادية تجاه الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة اليوم، وأن ذلك محزن للغاية”.
وأشارت إلى أن “الغرب، وخاصة ألمانيا، يحاول تصحيح الأخطاء التي ارتكبها قبل سنين (ضد اليهود) بدعمه لإسرائيل، والولايات المتحدة تؤكد باستمرار على أهمية إسرائيل بالنسبة لها”.
وبينت أن “التاريخ يكتبه البشر ولا يوجد شيفرة في خلايانا تقول إن التاريخ يجب أن يتكرر، ونحن أحرار في اختيار الجانب الذي ندعمه”.
وأضافت: “من المؤسف أن الغرب يفضل دعم الجانب المعتدي إسرائيل، ويواصل ذلك رغم كافة الحقائق التي تثبت ارتكاب الإبادة الجماعية”.
– احترم النضال الفلسطيني
وبشأن تقارير تقديم صربيا مساعدات عسكرية لإسرائيل، شددت كوستورا أن “دعم صربيا لإسرائيل لا ينبغي أن يفاجئ أحدا، لأن إسرائيل دعمت صربيا أيضا في حرب البوسنة في التسعينيات”.
وأكدت أن فلسطين ستتحرر عاجلًا أو آجلًا، مبينة أنها لم تر أبدا “شعبًا قويًا يحب وطنه ويقاتل من أجله مثل الشعب الفلسطيني”.
وأردفت: “باعتبار منزلي أن دُمر خلال الحرب، وقُتل أقاربي، وكنت هدفًا للقناصين عندما كنت طفلة، فإنني أكن احترامًا كبيرًا لنضال الشعب الفلسطيني”.
وأعربت عن ثقتها بأن “الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن نضاله أبدًا، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيُحاكم في محكمة الحرب، علينا ألا نفقد ثقتنا بالعدالة”.
وشددت على أهمية الاستمرار بتوضيح ما تشهده فلسطين، وقالت: “علينا كشعوب أن نستمر في المشاركة بالمظاهرات من أجل فلسطين، والحديث عنها أينما ذهبنا، وإخبار ممثلي البلدان التي نحن فيها عن الإبادة الجماعية المرتكبة هناك”.
وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، حرب إبادة جماعية على غزة خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل تل أبيب هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.