أعنلت قطر انسحابها من دور الوسيط الرئيسي في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن، وأبلغت حماس أن مكتبها في الدوحة “لم يعد يخدم الغرض منه”، وفق ما قالت مصادر لرويترز وفرانس برس اليوم السبت.
وتضم الإمارة الخليجية الغنية بالغاز وحليفة الولايات المتحدة المكتب السياسي لحماس منذ أكثر من عشرة أعوام، فضلا عن كونها مقر إقامة الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية الذي اغتيل في 31 يوليو في هجوم في طهران نسب إلى إسرائيل.
يعود تاريخ مكتب حماس بالدوحة إلى 2012، بعدما توترت علاقات الحركة بالنظام السوري حيث قررت حماس بعد ذلك الوقوف إلى جانب المعارضة السورية وقطع العلاقات مع نظام بشار الأسد خلال الثورة السورية.
الدوحة بديلا عن دمشق
وكان مقر الحركة في العاصمة السورية، دمشق، قبل 2012، لكن النظام السوري أغلق مكاتب في دمشق عائدة لمسؤولين في حركة حماس التي كانت لفترة طويلة من أقرب حلفائه.
في خريف عام 2012 زار أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، قطاع غزة ليكون أول زعيم عربي أو دولي يزوره منذ سيطرة حركة حماس عليه في 2007، وشهدت تلك الفترة تزايدا كبيرا في نفوذ قطر بالمنطقة.
وكانت حماس بالفعل قبل ذلك قد أنشأت مكتبا سياسيا في الدوحة، حيث أقام فيه كبار أعضاء الحركة هناك بشكل دائم، وما يزال يواصل عملياته إلى اليوم.
وكان مسؤول أوضح في بداية الحرب أن مكتب حماس في قطر “افتتح في 2012 بالتنسيق مع الحكومة الأميركية، إثر طلبها أن يكون لها قناة تواصل” مع الحركة.
وأضاف أن هذا المكتب اضطلع بدور “في وساطات تم تنسيقها مع العديد من الإدارات الاميركية لإرساء وضع مستقر في غزة وإسرائيل”.
قناة تواصل
وقال مسؤول قطري لصحيفة “فايننشال تايمز” تحدث دون الكشف عن هويته، إن واشنطن طلبت من الدوحة لأول مرة فتح قنوات غير مباشرة في عام 2006، بعد فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.
وأضاف المسؤول “تم استخدام المكتب السياسي لحماس بشكل متكرر في جهود الوساطة الرئيسية المنسقة مع إدارات أميركية متعددة لإرساء الاستقرار” في غزة وإسرائيل.
على مدى سنوات، قدمت قطر الدعم المالي لقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس وتحاصره إسرائيل منذ 2007. وأكد مسؤولون في الدوحة أن ذلك يحصل “بالتنسيق الكامل مع إسرائيل والأمم المتحدة والولايات المتحدة”.
خلال زيارته إلى قطر بعد نحو أسبوعين من هجوم السابع من أكتوبر، حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الدولة الخليجية من علاقاتها الوثيقة مع حماس. وقال بلينكن في وقته إنه “لا يمكن أن تستمر الأمور كالمعتاد مع حماس”.
إلا أن رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني دافع آنذاك عن مكتب الحركة، مشيرا إلى أنه يُستخدم لغرض “التواصل وإرساء السلام والهدوء في المنطقة”.
تحتضن قطر على أراضيها القيادة السياسية لحركة حماس، منهم عضو المكتب السياسي والمتحدث باسم الحركة حسام بدران والقيادي الرفيع محمد أحمد عبد الدايم نصرالله.
وتحدثت تقارير أيضا أن الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة خالد مشعل وعضوا المكتب موسى أبو مرزوق وفتحي حماد موجودون في قطر، وفقا لـمعهد دول الخليج العربي في واشنطن.
الخبير في شؤون الخليج في “كينغز كولدج” أندرياس كريغ قال سابقا إن الحرب بين حماس وإسرائيل، قد تدفع الدوحة إلى “التراجع” في علاقتها مع الحركة تحت ضغط أميركي.
وأضاف في مقابلة مع فرانس برس أن الدوحة قد تستمر في استضافة مكتب حماس لكنها تحتاج إلى تحديد “مسافة ما بين قيادة حماس وصناع القرار القطريين”.
وأوضح كريغ أن المكتب السياسي لحماس في قطر أُنشئ في أعقاب انتفاضات الربيع العربي عام 2011 وسط مخاوف أميركية من احتمال أن تقيم الحركة قواعد في إيران أو لبنان.
ويرى أن من شأن طرد قادة حماس من الدوحة أن يخلق وضعا مماثلا ستفقد خلاله الدول الغربية “الرقابة والسيطرة عليهم”.
بدورها ترى الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط سنام وكيل أن قطر ستقرر “بشكل واضح الأولوية” في علاقاتها، معتبرة أن علاقات القطريين و”استثمارهم في الروابط الثنائية مع واشنطن ستتفوّق على أي علاقات أخرى في المنطقة”.
وتضيف “بالنسبة لواشنطن، من المفيد أيضا التفكير بأن أحد شركائها قادر على التواصل عبر القنوات الخلفية”.
وتوقعت وكيل وهي نائبة مدير “برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” في معهد “تشاتام هاوس” للأبحاث ومقره لندن، أن تقوم قطر “ببعض الخطوات” لإعادة تقييم علاقتها بحماس “ومع الوقت النأي بنفسها عن هذه العلاقة”.
لكنها أشار ت إلى أن “الأمر سيتطلب، أن تكون لدى المجتمع الدولي والولايات المتحدة خطة لمعالجة مسألة تقرير الفلسطينيين مصيرهم”.
وقادت قطر، قبل أن تنسحب، مع الولايات المتحدة ومصر وساطة بين إسرائيل وحماس منذ التوصل إلى هدنة وحيدة في الحرب في غزة في نوفمبر 2023، استمرت أسبوعا وأتاحت الإفراج عن رهائن كانوا محتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.
ومذاك، جرت جولات تفاوض عديدة من دون أن تسفر عن نتيجة.