الجمعة 5 جمادى الآخرة 1446 ﻫ - 6 ديسمبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

ترامب على خطى ريغان.. السلام بالقوة في استراتيجية السياسة الخارجية

خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه برئاسة الولايات المتحدة، تعهد دونالد ترامب باتباع سياسة “السلام من خلال القوة”، مستنداً إلى مفهوم سياسي قديم، دون أن يتضح ما إذا كان هذا يمثل استراتيجية حقيقية أم مجرد شعار انتخابي.

ويرتبط هذا الشعار بالرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، الذي عمد خلال ولايتيه بين 1981 و1989 إلى زيادة ميزانية الدفاع بشكل كبير، قبل أن يتفاوض في أواخر عهده مع الاتحاد السوفياتي، الذي اعتمد يومها سياسة إصلاحات عرفت بالبيريسترويكا.

وقبله، تحدث الدبلوماسي الأميركي هنري كيسنجر عن السلام من خلال القوة، وهو الذي كان من معتنقي مفهوم “السياسة الواقعية”، التي تقول باعتماد مقاربة عملية من أجل تحقيق المصالح الوطنية.

بيد أن المفهوم أقدم من ذلك بكثير، ويعود إلى زمن الإمبراطورية الرومانية.

ففي القرن الرابع الميلادي، كتب الخبير العسكري الروماني فيجيتيوس أن “من أراد السلام، فليستعد للحرب”. وقبله عمد الإمبراطور الروماني هادريان إلى بناء أسوار لضمان استقرار الإمبراطورية.

ووعد ترامب خلال السباق الرئاسي ببناء “قوات مسلحة قوية” ووضع حد للحروب، ومنذ فوزه في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ردد شعار “السلام من خلال القوة”، الذي تبناه أيضا مرشحه لوزارة الخارجية ماركو روبيو.

نهج براغماتي
وأثنى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لدى تهنئته ترامب على إستراتيجية السلام من خلال القوة التي يدعو إليها الرئيس الجمهوري المنتخب، ولكن من منطلق مختلف تماما.

فقد تعهد ترامب بالمسارعة إلى وضع حد للحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، وألمح بعض مستشاريه إلى استخدام مليارات الدولارات من المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا كوسيلة للضغط على كييف، وحملها على القبول بتسوية مع الكرملين.

لكن في خطاب سابق، أعلن زيلينسكي أن إرغام أوكرانيا على تقديم تنازلات “لن يكون مقبولا”.

ولم يعرض ترامب بصورة واضحة حتى الآن تفسيره الشخصي لهذا المفهوم.

بيد أن روبرت أوبراين، مستشاره للأمن القومي خلال ولايته الأولى، قال إن ذلك يعني بالمقام الأول مجابهة الصين بصورة مباشرة باعتبارها خصما.

وفي مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” قبل الانتخابات، أكد أوبراين أنه بالرغم من “الصورة المجتزأة” عن ترامب في وسائل الإعلام، فهو “صانع سلام”.

واستشهد خصوصا بجهود ترامب خلال ولايته الأولى من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية في سياق ما سمي اتفاقات أبراهام، واتفاقه مع حركة طالبان من أجل سحب القوات الأميركية من أفغانستان.

“ليس مجرد شعار”
ورأى المحلل السابق في الاستخبارات الأميركية جورج بيب أن الترويج لمفهوم السلام من خلال القوة “يتخطى على الأرجح مجرد شعار” بنظر الإدارة المقبلة.

وقال المسؤول في معهد كوينسي للدراسات الذي يدعو إلى الحد من النزعة العسكرية، “إحساسي العميق هو أنهم جديون في استخدام هذا المفهوم كمبدأ يتبعونه”.

لكنه شدد على ضرورة إيجاد توازن في هذه المقاربة، موضحا أن ريغان اتبع نهجا مزدوجا يقوم على تعزيز القوات المسلحة بموازاة “دبلوماسية ذكية”، من أجل تعزيز السلام والاستقرار مع الاتحاد السوفياتي.

وأوضح الخبير “أن مضيتم بعيدا جدا في مد غصن الزيتون، فقد يستغل خصومكم ذلك. لكن في المقابل، إن مضيتم بعيدا جدا في موقف حربي، فقد ينتهي بكم الأمر إلى الحرب من خلال القوة بدل السلام من خلال القوة”.

وحذر الباحث في مركز “الأمن الأميركي الجديد” جيكوب ستوكس من أن فكرة السلام من خلال القوة تكون لها في بعض الأحيان نتائج مختلفة تماما، ما بين التطبيق والنظرية.

وقال في هذا السياق إن قطع المساعدات العسكرية عن أوكرانيا “قد يجعلكم تحققون شق السلام، لكن ليس بالضرورة شق القوة”.

وأضاف “إنه شعار سياسي عظيم للرئيس ترامب. وترجمته بصورة فعالة في سياسة خارجية ستطرح تحديا هائلا وصعبا”.

    المصدر :
  • الجزيرة