حظي تعيين ثماني قاضيات بمرسوم رئاسي في عضوية المحكمة العليا في اليمن باهتمام واسع محليا ودوليا إذ رأي فيه قانونيون ونشطاء مكسبا كبيرا للمرأة اليمنية سيسهم في تعزيز حضورها في مراكز صنع القرار.
وأدّت القاضيات الثمانية اليمين القانونية يوم السبت أمام رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي كأعضاء في المحكمة العليا، من أصل 40 عضوا، وهي سابقة تاريخية إذ لم يتم تعيين هذا العدد من النساء من قبل في أعلى هيئة قضائية باليمن الذي يعاني من حرب دائرة منذ نحو تسع سنوات.
وهنأ العليمي خلال اجتماع مع قيادة السلطة القضائية المرأة اليمنية على تلك الخطوة.
وسبق أن وصلت المرأة اليمنية إلى هرم السلطة القضائية عبر تعيين القاضية صباح علواني في أغسطس آب العام الماضي عضوا في المجلس الأعلى للقضاء اليمني، كأول امرأة في تاريخ البلاد تدخل هذا المجلس، الذي يعد ثاني هيئة إدارية قضائية في البلاد.
ويُنظر إلى تعيين ثماني قاضيات في عضوية المحكمة العليا على أنه من بين أهم قرارات تمكين المرأة اليمنية في الهيئات العليا للسلطة القضائية، منذ تعيين القاضي سامية عبد الله مهدي في 2006 عضوا في المحكمة العليا كأول امرأة تتقلد هذا المنصب.
وسعت رويترز للحصول على تعليق من إحدى القاضيات المعينات لكنها فضلت الاعتذار.
مؤشر إيجابي
يرى نشطاء وحقوقيون في اليمن أن وجود عنصر نسائي على هذا المستوى في السلطة القضائية، لا سيما في بلد محافظ كاليمن مؤشر جديد وإيجابي على توجه الدولة لتمكين النساء في مراكز صنع القرار.
وقالت سامية الأغبري الأستاذة بكلية الإعلام بجامعة صنعاء لرويترز “تعيين ثماني قاضيات في عضوية المحكمة العليا له أهمية كبيرة للمجتمع بشكل عام وللمرأة على وجه الخصوص”.
وتابعت “تتجلى تلك الأهمية في الوضع المتردي للمرأة اليمنية حاليا والتي تعاني من الزواج المبكر وبالإكراه والعنف الجسدي المتمثل في الضرب والتعذيب والاغتصاب والتحرش وزنا المحارم والختان والسجن والقتل المتعمد دون أن تجد من ينصفها من الذكور وأيضا العنف المعنوي من حيث الإساءات اللفظية والإهانة والاحتقار لها”.
كما أشارت إلى حالات الطلاق وآثاره على الأبناء وتعدد الزوجات وحرمان الكثير من النساء من حقهن حسب الدستور والقوانين النافذة من التعليم والعمل ومن الميراث أحيانا.
وأضافت “المعاناة المركبة التي تواجهها المرأة في اليمن تقتضي وجود قاضيات ومحاميات يمكنهن إنصاف المرأة وفق الدستور والقوانين”.
وظل القضاء في اليمن لعقود طويلة حكرا على الرجال، وغالبا ما هيمنت عليه أسر يمنية بعينها، لكن عددا محدودا من النساء نجحن خلال الثلاثة عقود الأخيرة في كسر هذا الاحتكار.
وأكد المحامي شوقي سيف (45 عاما) وهو من أبناء مدينة عدن لرويترز أن وجود هذا العدد من القاضيات في عضوية المحكمة العليا يمثل إضافة نوعية وتطورا إيجابيا يضاف إلى “رصيد مشاركة وإشراك المرأة اليمنية في مختلف السلطات العامة بما في ذلك السلطة القضائية”.
وبحسب بيانات المركز الوطني للمعلومات التابع لمكتب رئاسة الجمهورية، فإنه حتى سبتمبر أيلول 2006، كانت هناك 39 قاضية في سلك القضاء في المحاكم الاستئنافية والابتدائية، كما تعمل قاضيتان في المكتب الفني بمكتب النائب العام وخمس وكيلات نيابة فضلا عن وجود أكثر من 35 امرأة يعملن بالمحاماة.
ترحيب دولي
لقي القرار اهتماما دوليا إذ رحّب الاتحاد الأوروبي عبر حسابه الرسمي على منصة إكس بتلك الخطوة معتبرها “خطوة جديرة بالثناء”، وتندرج ضمن الرحلة الطويلة لتمكين النساء في اليمن.
كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى المزيد من عمليات إدماج اليمنيات وتعيينهن في المناصب الرفيعة.
وأثنت الحكومة البريطانية على القرار واعتبرته خطوة قوية في سبيل تمكين المرأة وتفعيل دورها.
وقالت السفارة البريطانية لدى اليمن في بيان أمس الثلاثاء “نبارك تعيين ثماني قاضيات في المحكمة العليا اليمنية ونتطلع إلى المزيد من مشاركة المرأة في مختلف المجالات”.