زادت أنقرة، السبت، من وتيرة هجومها على أوروبا، على خلفية منع الأخيرة مسؤولين أتراكا من المشاركة في تجمعات تركية موالية للرئيس رجب طيب أردوغان.
وقال رئيس الوزراء التركي، بن علي يلدريم، إن أوروبا تمارس النفاق في مسألة الديمقراطية وحرية التعبير.
جاء ذلك في كلمة ألقاها يلدريم في ولاية كومش خانة، شمالي البلاد، طلب خلالها من الشعب بالتصويت لصالح الاستفتاء على التعديلات الدستورية الخاصة بالتحول من النظام البرلماني إلى الرئاسي.
وشدد رئيس الوزراء أن أوروبا صمتت عندما انقلب الجيش المصري على الرئيس المنتخب محمد مرسي، كما صمّت آذانها عن المجازر التي تعرض لها المسلمون في البوسة والهرسك (إبان التسعينات).
وتابع انتقاداته للدول الأوروبية قائلا: “يركلون اللاجئين السوريين، وينصبون الأسلاك الشائكة؛ كي لا يستقبلوهم في بلادهم”.
وأضاف: “نحن دولة تسودها الديمقراطية، التي فقدت مؤخرا أثرها في أوروبا”.
وسأل دول أوروبا قائلا: “أين هي الديمقراطية وحقوق الإنسان؟”
وندد بممارسات الشرطة الهولندية، مضيفا: “رأينا كيف اعترضت سلطات هولندا طريق وزيرتنا، وهاجموا مواطنينا بالأحصنة والكلاب”.
واختتم كلمته قائلا: “سنلتزم جانب الهدوء، ولكننا سنحاسبهم على ما فعلوه عندما يحل الوقت المناسب”.
والسبت الماضي، سحبت هولندا تصريح هبوط طائرة وزير الخارجية مولود تشاوش أوغلو على أراضيها، ورفضت دخول وزيرة الأسرة والشؤون الاجتماعية، فاطمة بتول صيان قايا، إلى مقر قنصلية بلادها في روتردام؛ لعقد لقاءات مع الجالية ودبلوماسيين أتراك، ثم أبعدتها إلى ألمانيا في وقت لاحق.
الخارجية تستنكر
كما استنكرت وزارة الخارجية التركية سماح السلطات الألمانية لأنصار منظمة “بي كا كا”، التي تصنفها أنقرة بالإرهابية، بالتظاهر في مدينة فرانكفورت، السبت، ضد الاستفتاء الذي ستشهده تركيا في 16 نيسان/ أبريل القادم.
ووصفت الخارجية التركية، في بيانها، تصرفات الحكومة الألمانية بأنها “مزدوجة المعايير” من حيث سماحها لأنصار المنظمة الإرهابية بالتظاهر، ووضعها عراقيل أمام نواب أتراك في لقاء مواطنيهم بألمانيا.
وأوضح البيان إعطاء السلطات الألمانية الإذن لمظاهرة رفعت خلالها صور زعيم منظمة “بي كا كا”، إلى جانب شعارات المنظمة الإرهابية، بأنها حادثة “تدعو للاستغراب”، وبأنها “تدعو للتفكير على صعيد مكافحة الإرهاب”.
وأكدت الخارجية إدانتها لتصرف السلطات الألمانية، ولفتت إلى أن الإدانة تم إبلاغها لسفارة برلين في أنقرة.
وأعلنت شرطة فرانكفورت، السبت، تصريحها لمظاهرتين في منطقتين مختلفتين بالمدينة، قالت إنهما للاحتفال بـ”عيد النوروز”، في خطوة تظهر ازدواجية معايير ألمانيا التي منعت مسؤولين أتراكا من تنفيذ فعاليات على أراضيها قبل أيام.
وأفاد مراسل الأناضول بأن أنصار المنظمة الذين جاؤوا من مناطق مختلفة، تجمعوا في مركز المدينة، ونظموا مسيرة تحت إشراف الشرطة، ورفعوا صورا لزعيم المنظمة “عبدالله أوجلان” ورايات المنظمة، ورددوا هتافات ضد تركيا.
وفي المقابل، ألغت السلطات في مدينة غاغناو الألمانية، مطلع الشهر الجاري، ترخيصا كانت منحته لـ”اتحاد الديمقراطيين الأتراك الأوروبيين” لعقد اجتماع في المدينة، بزعم وجود “نقص في المرافق الخدمية” اللازمة لاستقبال عدد كبير من الزوار المتوقع توافدهم لمكان الاجتماع.
وإثر ذلك، ألغى وزير العدل التركي بكر بوزداغ زيارته إلى ألمانيا، حيث كان سيشارك في الاجتماع، ويلتقي نظيره الألماني.
كما ألغت مدينة كولونيا الألمانية تجمعا مماثلا كان من المفترض أن يلقي وزير الاقتصاد التركي، نهاد زيبكجي، كلمة خلاله؛ بدعوى وجود مخاوف أمنية.
تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا حظرت أنشطة “بي كا كا” عام 1993، إلا أن أنصارها حملوا الرايات مؤخرا في المظاهرات التي ينظمونها هناك.
جاويش أوغلو يحذر
من جهته، حذر وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، من أن أوروبا “تنحدر إلى هاوية خطيرة”، في ظل تصاعد خطاب العنصرية ومعاداة الأجانب.
جاء ذلك في كلمة خلال مشاركته باجتماع “اتحاد جمعيات رجال الأعمال الشباب” في ولاية أنطاليا جنوبي تركيا، حيث دعا جاويش أوغلو أوروبا إلى “أن تستفيق”.
وأشار جاويش أوغلو إلى أن كافة القيم الأوروبية “أخذت بالانحلال”.
وأردف قائلا، مخاطبا الأوروبيين: “هناك مشاكل اقتصادية يمكنكم تجاوزها، لكن بدأت القيم الأوربية المشتركة بالزوال”.
وتابع: “العنصرية المتصاعدة ومعاداة الأجانب والإسلام، والتعصب ضد الآخر، تدفع أوروبا إلى هاوية خطيرة، على أوروبا أن تستفيق”.
وأشار الوزير التركي إلى أن أحزاب تيار الوسط في أوروبا، أيضا، أخذت تنحو منحى الأحزاب العنصرية في أوروبا، خلال الأعوام الأخيرة؛ الأمر الذي يظهر جليا من خلال خطاباتها وممارساتها على أرض الواقع.
ولفت إلى سماح الاتحاد الأوروبي لمواطني دول لا صلة لها بأوروبا من قريب أو بعيد بالدخول إليها دون تأشيرة، بينما يماطل بخصوص منح الوضع ذاته لمواطني تركيا.
واعتبر جاويش أوغلو أن فرنسا وألمانيا لا تزالان تمثلان مركز ثقل الاتحاد الأوروبي، وأنهما أكثر دولتين تناهضان عضوية تركيا في الاتحاد؛ خشية تغير هذه المعادلة.