غمرت مياه الأمطار الغزيرة خيام النازحين الفلسطينيين في مختلف أنحاء قطاع غزة، اليوم الاثنين، لتزيد الشتاء مأساة مجتمعات تعاني بالفعل تحت وطأة حرب مستمرة منذ 13 شهرا، وذلك وسط تكثيف القوات الإسرائيلية لضرباتها للقطاع.
وهطلت أمطار غزيرة طوال الليل مما أغرق خياما مصنوعة من البلاستيك والقماش يستخدمها النازحون في بعض المناطق، ومعظمهم نزح عدة مرات منذ اندلاع الحرب الدموية على قطاع غزة.
ووضع بعض النازحين دلاء على الأرض للحيلولة دون تسرب المياه كما حفروا حفرا في الأرض لتصريف المياه بعيدا عن خيامهم.
واهترأ العديد من الخيام المستخدمة من اندلاع الحرب ولم تعد توفر الحماية، لكن سعر الخيام الجديدة والأغطية البلاستيكية ارتفع إلى ما يتجاوز قدرات الأسر النازحة.
تعيش سعاد السبع، وهي من شمال غزة وأم لستة أطفال، حاليا داخل فصل مدرسي نوافذه مكسورة في مدرسة تؤوي أسرا نازحة في خان يونس جنوب القطاع.
ولكسب لقمة العيش من أجل أطفالها، تبيع سعاد خبزا تعده في موقد من الطين يعمل بالحطب. لكن مياه الأمطار أفسدت الطحين وألحقت الضرر بالموقد، مما يهددها بفقدان مصدر رزقها.
وقالت “الواحد خايف مش عارف هيعيش ولا هيموت. ورغم ذلك إجانا قصة المطرة الحيني… مش لاقيا شادر يغطيني ومكان رزقتي معرى.. امبارح غرقنا في المطرة واليوم.. كذلك صرت أخاف من المطرة يعني كنت خايفة من الحياة والموت الحين… هم المطرة”.
وأضافت لرويترز “المطرة خشت دبت الدنيا. يعني بقولك أنا كنت أخبز اليوم.. شتت عليا غرقت أنا وولادي الأطفال اللي بيساعدوني… الفرن اتملى مايه.. الأرض.. العجين.. اليوم اتبهدلنا يعني”.
وغمرت المياه بعض الخيام الأخرى الأقرب إلى الشاطئ، كما جرفت الأمواج العالية بعضها.
وقالت مريم أبو صقر، التي كانت تعيش في خيمة على الشاطئ قبل أن تغمرها مياه البحر، “فجأة خش البحر وسحب بنتي الصغيرة… لحقنا لولا لطف ربنا”.
وأضافت “وين نروح؟ وين ما بدك تروح بيقولك فيشي وسع”.
وقالت دائرة الإعلام الحكومي في غزة: “إن نحو 10 آلاف خيمة إما جرفتها المياه أو تضررت بسبب العاصفة الشتوية، وناشدت المجتمع الدولي تقديم المساعدة لتوفير الخيام للأسر النازحة لحمايتها من فيضانات الأمطار”.
وأضافت في بيان “وفقا لفرق التقييم الميداني الحكومية فإن نسبة 81% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك بعد تلف واهتراء 110,000 خيمة من أصل 135,000 خيمة بحاجة إلى تغيير واستبدال فوري عاجل نتيجة اهتراء هذه الخيام تماما”.
وقال الدفاع المدني الفلسطيني “إن آلاف النازحين تأثروا بالفيضانات الموسمية وطالب الجهات المانحة بتوفير خيام وأماكن معيشة جديدة لحمايتهم”.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في منشور على موقع إكس إن بداية أمطار الشتاء تعني المزيد من المعاناة.
وذكرت الوكالة في بيانها “نحو نصف مليون شخص معرضون للخطر في المناطق المعرضة للفيضانات… والوضع سيزداد سوءا مع كل قطرة مطر وكل قنبلة وكل ضربة”.
* إسرائيل تكثف ضرب غزة
كثف الجيش الإسرائيلي الضربات على أنحاء قطاع غزة. وقال مسعفون إن أربعة على الأقل استشهدوا في غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب القطاع كما توغلت دبابات أكثر في الطرف الشمالي للقطاع في بيت حانون وفي بيت لاهيا وجباليا.
وذكر مسعفون أن سبعة فلسطينيين استشهدوا في غارتين جويتين شنتهما إسرائيل على منطقة جباليا.
وقال سكان، اليوم الاثنين: “إن طائرات إسرائيلية ألقت منشورات جديدة مزودة بخريطة على بيت لاهيا تأمر فيها من تبقى من السكان بالمغادرة إلى الجنوب لأن المنطقة ستتعرض للهجوم”.
ويقول فلسطينيون إن إسرائيل تعتزم على ما يبدو إخلاء المنطقة بشكل دائم لإقامة منطقة عازلة عند الطرف الشمالي للقطاع، وهو ما تنفيه إسرائيل.
وقال مسؤولو الصحة في قطاع غزة إن أكثر من 44 ألفا استشهدوا ونزح كل السكان تقريبا مرة واحدة على الأقل وتحول أغلب القطاع إلى ركام في الحرب الإسرائيلية.