وسط قصف مستمر لم يتوقف منذ أسابيع، تحت بند إسرائيلي باستهداف المستشفيات والمدارس والمنازل المساجد والكنائس والمخابز، مع دخول القطاع في أزمة صحية وغذائية، بحيث تقف شاحنات الإغاثة على الحدود البرية لمعبر رفح، تبقى الأزمة الأهم هي دخول الطواقم الطبية في مرحلة الجراحة دون تخدير، وسط رعاية صحية غير مناسبة بسبب الحصار.
فمن نجا من القصف غير قادر على إيجاد رعاية طبية مناسبة، لاسيما مع المستشفيات والقطاع الطبي الذي يعيش جحيماً لا مثيل له.
إذ تقترب المستشفيات في القطاع من الانهيار في ظل الحصار الإسرائيلي الذي أدى إلى قطع الكهرباء وإيصال المواد الغذائية وغيرها من الضروريات إلى القطاع، بالإضافة إلى الافتقار للمياه النظيفة ونفاد المواد الأساسية اللازمة لتخفيف الألم ومنع العدوى، والوقود اللازم للمولدات يتضاءل.
وفي هذا الشأن، كشف جراح عظام يدعى نضال عابد، أن الشيء الوحيد الأسوأ من صراخ مريض يخضع لعملية جراحية دون تخدير كافٍ هو الوجوه المرعبة لأولئك الذين ينتظرون دورهم، بحسب “أسوشيتيد برس”.
وعندما يشتد القصف الإسرائيلي ويغمر الجرحى مستشفيات مدينة غزة التي يعمل فيها نضال فإنه يعالج المرضى أينما استطاع على الأرض، في الممرات، في غرف مكتظة بعشرة مرضى بدلاً من اثنين.
كذلك يعالج المرضى دون إمدادات طبية كافية، حيث يضطر الأطباء إلى الاكتفاء بكل ما يمكنهم العثور عليه مثل الملابس للضمادات، والخل للمطهر، وإبر الخياطة بدلاً للإبر الجراحية.
وقال عابد، الذي يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود، في مستشفى القدس إن لديهم نقصاً في كل شيء، لافتاً إلى أنهم يتعاملون مع عمليات جراحية معقدة للغاية.
فيما لا يزال المركز الطبي يعالج مئات المرضى في تحد لأمر الإخلاء الذي أصدره الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة. كما لجأ نحو 10 آلاف فلسطيني شردهم القصف إلى مجمع المستشفى.
وأضاف الجراح أن “كل هؤلاء الناس مرعوبون، وأنا أيضاً”. وتابع “لكن لا توجد طريقة للإخلاء”.
بدوره، وصف مهدت عباس، المسؤول في وزارة الصحة التي تديرها حماس، الأمر بالكابوس، محذراً من أن الأوضاع ستسوء إذا لم يصل المزيد من المساعدات.
وأجبر النقص في الإمدادات الجراحية بعض الموظفين على استخدام إبر الخياطة لخياطة الجروح، والتي قال أحد الأطباء إنها يمكن أن تلحق الضرر بالأنسجة.
في حين أجبر النقص في الضمادات الأطباء على لف الملابس حول الحروق الكبيرة، والتي قال إنها يمكن أن تسبب العدوى.
كما أجبر النقص في زراعة العظام الأطباء على استخدام براغي لا تناسب عظام المرضى، فيما لا يوجد ما يكفي من المضادات الحيوية للمرضى الذين يعانون من التهابات بكتيرية رهيبة.
في سياق متصل، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” أن 120 مولودا جديدا موضوعين في حاضنات معرضون للخطر بسبب النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء في المستشفيات، بحسب “فرانس برس”.
وفي بعض المستشفيات، تم إطفاء الأنوار بالفعل. ففي مستشفى ناصر في مدينة خان يونس الجنوبية هذا الأسبوع، قام الممرضون ومساعدو الجراحين بحمل هواتفهم المحمولة على طاولة العمليات، لتوجيه الجراحين بالمصابيح الكهربائية أثناء العمليات.
وفي مستشفى الشفاء، وهو أكبر مستشفى في غزة، تعمل وحدة العناية المركزة بالمولدات، ولكن معظم الأقسام الأخرى بدون كهرباء.