الأربعاء 20 شعبان 1446 ﻫ - 19 فبراير 2025 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

في 5 مجالات رئيسية.. كورونا يشعل المنافسة بين أمريكا والصين

أشعلت جائحة فيروس كورونا، المنافسة بين أمريكا والصين في 5 مجالات، وسط تدهور العلاقات بين البلدين بشكل كبير.

وذكرت مجلة ”فورين بوليسي“ أنه ”لا يوجد أدنى شك في أن العلاقات الأمريكية الصينية انهارت نتيجة جائحة كورونا، حيث حذر مركز فكري تابع للحكومة الصينية، في تقرير مسرب هذا الأسبوع، الزعماء الصينيين، من خطورة انزلاق العلاقات الصينية الأمريكية إلى الصراع“.

واستعرضت المجلة الأمريكية، في تقرير نشرته، يوم الثلاثاء، المجالات الخمسة التي تشتعل فيها المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسببت جائحة ”كورونا“ في تسريع التوترات القائمة، دون أي مؤشر على التهدئة في الأفق.

التنافس العسكري

قبل جائحة ”كورونا“ كانت المنافسة العسكرية الصينية الأمريكية حادة بالفعل، إذ استغلت الصين توسعها الاقتصادي المستمر منذ عقود في بناء ترسانة عسكرية عملاقة، ويبدو أن جائحة ”كورونا“ تعزز هذا الصراع العسكري الأمريكي الصيني، بحسب ”فورين بوليسي“.

وأصابت الصين جيرانها بالرعب، واستحوذت على الأراضي المتنازع عليها، وقيدت حرية الملاحة القريبة من سواحلها عبر إعلان ”أحياء إدارية“ جديدة، في بحر الصين الجنوبي، وفرض قيود على السفن الفلبينية والماليزية، والقيام بمناورات ”خطيرة“ بدا أنها تستهدف تخويف اليابان وفيتنام وتايوان.

ويعتقد العديد من المحللين أن بكين تنوي إضعاف التحالفات الأمريكية، وتسعى في نهاية المطاف إلى طرد القوات والقواعد العسكرية الأمريكية من آسيا.

وفي واشنطن، يبدو أن تلك الإجراءات الصينية تعزز من الاعتقاد بأنه يتعين القيام بخطوات جادة من أجل ردع الصين في آسيا، وفي مطلع أبريل الماضي، طلبت القيادة العسكرية الأمريكية في الهند والمحيط الهادئ، من الكونغرس تخصيص 20 مليار دولار لصالح استثمارات دفاعية.

وفي الوقت الذي لم يتم فيه إلى الآن تحديد طبيعة تلك الاستثمارات، فإن الرغبة في تعزيز القدرات العسكرية الأمريكية وطمأنة الحلفاء المتوترين في مواجهة الصين الأكثر شراسة، تحظى بدعم كبير من النواب الأمريكيين.

ورغم أن الصدمة الاقتصادية لجائحة كورونا من المتوقع أن تؤدي إلى تقويض الميزانية الدفاعية الإجمالية، فإن الجيش ونواب الكونغرس سوف يتوافقون على الحاجة الماسة للحفاظ على الموارد المخصصة للمنافسة العسكرية الأمريكية مع الصين، وفقا للمجلة الأمريكية.

التنافر الاقتصادي

قبل جائحة ”كورونا“، كان هناك نقاش واسع النطاق حول ما إذا كان الاقتصادان الأمريكي والصيني يمكن أن يرتبطا من خلال الاعتماد على بعضهما البعض في العديد من المجالات، في الوقت الذي كان فيه البعض يرى أن التشابك الاقتصادي يخلق مخاطر على سلسلة التوريد والوظائف الأمريكية والأمن القومي، خاصة مع ارتباط الشركات الصينية بالحكومة المركزية، أو استخدام المعلومات الأجنبية لتحقيق مصلحة وطنية.

هذه المخاوف جعلت صناع السياسة يدرسون إمكانية الفصل بين الاقتصاد الأمريكي والصيني، والخطوات التي يمكن أن يتخذها الكونغرس في تقويض الاستثمارات الصينية في عدد من الصناعات الحساسة، وكيف يمكن أن تحافظ الولايات المتحدة على تنافسية اقتصادها. وفي ظل جائحة كورونا، وفي الوقت الذي تدرك فيه الولايات المتحدة اعتمادها على الصين في منتجات الأدوية والأقنعة الطبية، والإمدادات الأخرى الخاصة بالصحة العامة، فإن النقاشات المستمرة تحولت من التركيز على التقنيات والاستثمارات الرفيعة إلى التصنيع في المستوى الأدنى.

ويوجد حاليا مشروع قرار في الكونغرس يقضي بتقليل اعتماد الولايات المتحدة على الصين في إنتاج الأدوية.

التكنولوجيا

قبل جائحة ”كورونا“، كانت واشنطن وبكين تتنافسان في عدد من المجالات التكنولوجية، ومن بينها المراقبة الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وتقنية الـ5G.

وبفضل الدعم الحكومي الذي سمح للشركات الصينية بتوفير تقنية رقمية أسرع وأرخص من نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا، فإن عملاق الاتصالات هواوي، أصبح مسيطرا على سوق الـ5G رغم أنه ينفي الحصول على دعم حكومي.

وفي ظل النظام السياسي الصيني، فإنه من المستحيل على القطاع الخاص أن يرفض أي طلب من الحكومة للحصول على بيانات، وهو ما يدفع الولايات المتحدة للتأكيد دوما على أن شبكات الـ5G التابعة لـ“هواوي“ لا يمكن أن تكون آمنة، ولكن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فشلت إلى حد كبير في محاولاتها لإقناع الدول الأخرى بعدم التعامل مع هواوي.

مستقبل السيطرة

كانت الولايات المتحدة والصين في منافسة شرسة على مستقبل النظام الدولي قبل جائحة ”كورونا“، فيما يخص القواعد والمؤسسات والأنماط التي ستحكم السياسات الدولية.

وفي الوقت الذي استمر فيه صعود الصين، فإن الخبراء الاستراتيجيين الأمريكيين كانوا يشعرون بالقلق من أن بكين تسعى لتقويض أو الحد من مكونات النظام العالمي الليبرالي.

وأشاروا إلى سجل الصين السيئ في حقوق الإنسان، وانتهاكات القوانين البحرية في بحر الصين الجنوبي.

في الوقت نفسه، فإن المفكرين الصينيين ينظرون إلى الولايات المتحدة بوصفها ”الزعيم المنافق“ للنظام العالمي، حيث تلتزم بالقواعد والقوانين عندما تتوافق فقط مع مصالحها.

التنافس المعلوماتي

شهد النهج المعلوماتي الصيني تحولا كبيرا خلال جائحة ”كورونا“، ففي الوقت الذي كان فيه التركيز بشكل كبير على الروايات التي تدعم الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، وتمنع أي بيانات أخرى لا تصب في مصلحته، فإن الاستراتيجية الصينية أصبحت مؤخرا أكثر شراسة وانتشارا في الأوساط العالمية.

وتشير مجلة ”فورين بوليسي“ إلى أن ”بعض المسؤولين الصينيين يستخدمون حاليا النموذج الروسي في حملات التضليل المعلوماتية، والتي تسعى لنشر الارتباك وجعل الحقيقة غير معلومة، مثل المزاعم الغريبة التي صدرت عن بكين بأن فيروس ”كورونا“ تم نشره عبر الجيش الأمريكي“.

وألقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اللوم على الصين في انتشار الفيروس، في محاولة لصرف النظر عن ”سوء إدارة أزمة كورونا داخليا قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل“.

وفي الوقت الذي تسعى فيه القيادتان الأمريكية والصينية لإخفاء قصورهما السياسي والإداري خلال أزمة كورونا، فإن دائرة الاتهامات المتبادلة من المتوقع أن تستمر دون هوادة، وفقا للمجلة.

ورأت المجلة في نهاية تقريرها أن ”المنافسة على التفوق الاقتصادي والهيمنة العسكرية والقوة التقنية والفكرية سيكون جزءا رئيسيا من الوضع الجيوسياسي خلال السنوات المقبلة“.

وقالت إن ”هذه الجائحة جعلت الأمور أوضح، وفي ظل استمرار التنافس بين الولايات المتحدة والصين، فإن على واشنطن أن تجد طريقة للتعامل مع هذا الواقع خلال الوباء والفترة التي تليه“.