فصائل المعارضة السورية
استخدم نظام الرئيس بشار الأسد الأسلحة التي زودته بها روسيا وإيران لصد قوات المعارضة خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ سنوات دون أن يتمكن من هزيمتهم، وهو ما جعله عرضة للخطر عندما انشغل حلفاؤه بحروب في أماكن أخرى وواصل أعداؤه الزحف.
ويشكل التقدم السريع الذي حققته المعارضة في غرب سوريا أحد أخطر التهديدات لحكم عائلة الأسد المستمر منذ 50 عاما، كما يأتي في لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للشرق الأوسط.
وأسقطت قوات المعارضة تماثيل والد الأسد وشقيقه في المدن التي سيطرت عليها، كما مزقت صوره على لوحات إعلانية وفي مكاتب حكومية ودهستها بالأقدام وأحرقتها أو أمطرتها بالرصاص.
وأصدرت الرئاسة السورية، اليوم السبت، بيانا نفت فيه مغادرة الأسد للبلاد، مؤكدة أنه يمارس مهام عمله في دمشق.
وشهد حكم الأسد في سنواته الأولى اندلاع الحرب في العراق ووجود أزمات في لبنان، قبل أن تضرب الحرب الأهلية سوريا في أعقاب الربيع العربي عام 2011. ونزل السوريون حينها إلى الشوارع مطالبين بالديمقراطية، لكن قوات الأسد استخدمت القوة الغاشمة ضدهم.
ورغم أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وصفه في عام 2018 بأنه “حيوان” لاستخدامه الأسلحة الكيميائية، تمكن الأسد من البقاء في السلطة لفترة أطول مقارنة بالكثير من القادة الأجانب الذين اعتقدوا أن نهايته وشيكة في الأيام الأولى من الصراع، عندما فقد مساحات شاسعة من سوريا لصالح المعارضة. ونفى الأسد الاتهامات الموجهة إليه باستخدام أسلحة كيميائية.
وبمساعدة الضربات الجوية الروسية والفصائل المدعومة من إيران، تمكن الأسد من استعادة معظم الأراضي التي فقدها خلال الهجمات التي شنتها قواته لسنوات، بما في ذلك الحصار الذي فرضته القوات الحكومية على الغوطة الشرقية ووصفه محققون في الأمم المتحدة بأنه “من العصور الوسطى”.
وشهدت رئاسة الأسد فترة من الهدوء النسبي في ظل تمركز معارضيه إلى حد كبير في جزء من شمال غرب سوريا، لكن أجزاء كبيرة من البلاد ظلت خارج قبضته وواجه الاقتصاد صعوبات بسبب العقوبات المفروضة عليه.
كما أعاد الأسد العلاقات مع الدول العربية بعد سنوات من القطيعة، لكنه ظل منبوذا بالنسبة لمعظم دول العالم.
ولم يدل الأسد بأي تصريحات علنية منذ سيطرة المعارضة على حلب قبل أسبوع لكنه قال في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان “إن التصعيد يهدف إلى إعادة رسم المنطقة لصالح المصالح الغربية”، وهو ما يعكس وجهة نظره بشأن الثورة باعتبارها “مؤامرة مدعومة من الخارج”.
وفي تبريره لتعامل قوات النظام مع الاحتجاجات في مراحلها الأولى، شبّه الأسد نفسه بأنه جراح . وقال في عام 2012 “هل نقول له (للطبيب): يداك ملطختان بالدماء؟ أم نشكره على إنقاذ المريض؟”.
وظل الأسد مفعما بالثقة خلال الفترات الأولى من الصراع بينما كانت المعارضة تستولي على مدينة تلو الأخرى.
وقال الأسد لجنوده بعد استعادة بلدة معلولا في عام 2014 “لا حل مع الارهاب سوى أن يضرب بيد من حديد… سوريا قادرة على الخروج من أزمتها”.
وأوفى الأسد بالوعد الأول، لكنه عجز عن الوفاء بالوعد الثاني. فبعد سنوات، لا تزال أجزاء كبيرة من سوريا خارج سيطرة الدولة، كما دُمرت مدن وتجاوز عدد القتلى 350 ألفا وفر أكثر من ربع السكان إلى الخارج.
ويتمسك الأسد بفكرة أن سوريا هي معقل القومية العربية حتى مع تزايد النزعة الطائفية في الصراع. وفي حديثه لمجلة (فورين أفيرز) في عام 2015، قال الأسد إن الجيش “يتكون من كل أطياف المجتمع السوري”.
ولكن بالنسبة لخصومه، فإن الأسد يعمل على تأجيج النزعة الطائفية.
وأكد مسؤول إيراني كبير على قيمة الأسد لدى إيران عندما أعلن في عام 2015 أن مصيره “خط أحمر” بالنسبة لطهران.
وفي الوقت الذي دعمت فيه إيران موقف الأسد، فشلت الولايات المتحدة في فرض “خطها الأحمر” الذي حدده الرئيس باراك أوباما في عام 2012 فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية.
وخلصت التحقيقات التي تدعمها الأمم المتحدة إلى أن دمشق استخدمت الأسلحة الكيميائية.
وأسفر هجوم بغاز السارين على الغوطة التي سيطرت عليها قوات المعارضة في عام 2013 عن مقتل مئات، لكن موسكو توسطت في صفقة لتدمير الأسلحة الكيميائية السورية، مما أدى إلى تجنب رد فعل أمريكي.
ومع ذلك، استمر الغاز السام في ضرب مناطق المعارضة، إذ دفع هجوم بنفس الغاز في عام 2017 ترامب إلى إصدار أمر برد صاروخي.
ونفى الأسد الاتهامات بمسؤولية الدولة عن الهجوم.
كما نفى الأسد أن يكون الجيش قد ألقى براميل متفجرة محملة بالمتفجرات تسببت في دمار عشوائي. وبدا أنه يستخف بالاتهام في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في عام 2015، إذ قال “لم أسمع عن استخدام الجيش للبراميل، أو حتى أواني الطهي”.
ونفى صحة عشرات الآلاف من الصور التي تظهر تعذيب محتجزين في مراكز اعتقال للحكومة مرجعا ذلك لمؤامرة ممولة من قطر.
ومع توقف القتال، اتهم الأسد أعداء سوريا بشن حرب اقتصادية.