وصف الكاتب الأمريكي من أصل باكستاني ياسر قاضي، المعروف بدعمه للاحتجاجات الفلسطينية المستمرة في الجامعات الأمريكية، احتجاجات الطلاب هي أكثر من علامات الأمل على التغيير في العقلية وتصحيح الموقف التاريخي. في حوار أجرته وكالة الأناضول في أنقرة، على هامش مشاركته في أحد المؤتمرات.
وأشار قاضي إلى أن الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرائيلي وقصف غزة في أكثر من 100 جامعة في أمريكا هي “واحدة من أكثر علامات الأمل على التغيير”، مبينا أن معظم المشاركين في هذه الاحتجاجات ليسوا مسلمين.
ومنذ أبريل/ نيسان تشهد جامعات أمريكية وكندية وبريطانية وفرنسية وهندية، احتجاجات ترفض الحرب الإسرائيلية على غزة، وتطالب إدارات الجامعات بوقف تعاونها الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية.
كما يطالب المحتجون طلابا وطالبات وأساتذة، بسحب استثمارات جامعاتهم من شركات تدعم احتلال الأراضي الفلسطينية وتسلح الجيش الإسرائيلي، وتتواصل الاحتجاجات رغم استعانة بعض الجامعات بقوات الأمن واعتقال محتجين.
وأدى اعتقال أكثر من 100 متظاهر في جامعة كولومبيا الأمريكية التي انطلقت منها شرارة المظاهرات، إلى تأجيج التوترات، حيث اعتُقل نحو 3000 متظاهر بعد أن امتدت المظاهرات إلى جامعات أخرى في جميع أنحاء البلاد، قبل أن تتخذ منعطفًا عالميًا.
*تغير الذهنية
الكاتب الأمريكي تحدث عن مسألة التغيير في العقلية والذهنية بقوله “هذا تغيير في العقلية، وما يحدث الآن هو أن الجيل الجديد يرى ما يحدث في فلسطين وإسرائيل”.
وأردف “الجيل القديم هو نفسه، ولكن الجيل الجديد من طلاب الجامعات يفهم ما يحصل”.
وأكد قاضي الذي شارك في الاحتجاجات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (فى مدينة كامبريدج) الأسبوع الماضي، إن الطلاب هناك احتجوا لأن جامعتهم لها “علاقة سرية لتوريد التكنولوجيا” للجيش الإسرائيلي.
وأفاد بالقول “لا نريد إجراء بحوث من أجل نظام إبادة جماعية، لا نريد إجراء أبحاث لصالح مؤسسة تساعد على القتل والنهب والجريمة”.
*مستقبل مشرق
قاضي تطرق إلى أن حاكم دالاس أرسل جنودا للطلاب المشاركين في الاحتجاجات، وإلى التغييرات التي أحدثتها الاحتجاجات الطلابية في الماضي ضمن أحداث دول مثل فيتنام وجنوب إفريقيا وأمريكا نفسها.
ويعتقد الكاتب أن الاحتجاجات الطلابية ستحدث التغيير في أمريكا، قائلا في هذا الصدد “ماذا سيحدث لنفس الطلاب خلال 10 سنوات؟ سيصبحون مدراء تنفيذيين، وسياسيين، وأعضاء في الكونغرس، وأعضاء في مجلس الشيوخ”.
واستدرك “لذا فإن المستقبل مشرق، ويجب علينا نحن المسلمون أن نشارك هذا من أجلنا، إنه فرض علينا، يجب أن نكون في المقدمة وأن نشجع، يجب علينا أن نعلم ونثقف ونحفز”.
وذكر أنه شارك في العديد من الاحتجاجات وتحدث مع الطلاب في أماكن أخرى من مثل جامعات ييل ونورث وسترن وولاية أوهايو، وكانت غالبيتهم من غير المسلمين الذين يرون “الحقائق”.
*الجانب الصحيح من التاريخ
قاضي وجه كلامه للمحتجين من طلبة الجامعات بالقول “أنتم على الجانب الصحيح من التاريخ، التاريخ إلى جانبكم، والحكومة (الأمريكية) على الجانب الخطأ”.
وأردف “هناك شيء يجب أن نكون واضحين بشأنه، هذا الاحتجاج لا يتعلق بيوم واحد، إن الأمر لا يتعلق بالسابع من أكتوبر، بل يتعلق بـ75 عاما وبتاريخ الشعب الفلسطيني بأكمله، يتعلق بثلاثة أجيال وتاريخ السياسة الأمريكية الداعمة (لإسرائيل)”.
وأكمل حديثه “أقول هذا لطلابي وإخواني الأمريكيين، كيف يمكننا أن نعطي ضرائبنا لنظام سيئ؟ لقد ذهبت إلى ما هو أبعد من الجدل حول من هو على حق ومن هو على خطأ، نظام الرعاية الصحية لدينا بائس، وهناك أشخاص بلا مأوى في البلاد”.
وأضاف “هناك أناس في أمريكا ينامون تحت الجسور في كل مدينة، كل يوم أرى في دالاس شخصين أو ثلاثة أشخاص دون مأوى، التعليم في أدنى مستوياته بين البلدان المتقدمة”.
وشدد “لذا فإن رسالتي إلى إخواني الأمريكيين هي، حتى لو أنت لا تريد أن تتعلم عن السياسة والتاريخ، لماذا يجب أن تذهب ضرائبنا إلى مكان آخر؟ دعونا ننفق ضرائبنا على التعليم والإسكان، ونتوقف عن القصف والنهب في الخارج”.
وختم بالقول “رسالتي بسيطة للغاية، إذا كنت تعرف الحقيقة من السهل جدا معرفة أي جانب على حق، حتى لو كنت لا تريد معرفة الحقيقة فلنحتفظ بضرائبنا، حيث أنك لا تحتاج إلى درجة الدكتوراة في العلوم السياسية لفهم ما يحدث في غزة وكل شيء واضح جدا”.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم العدد الهائل من الضحايا المدنيين، ورغم اعتزام المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها ووزير دفاعها؛ لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”.
كما تتجاهل إسرائيل قرارا من مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار فورا، وأوامر من محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع أعمال “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني بغزة، وكان آخرها أمر الوقف الفوري للعمليات العسكرية في رفح الجمعة.
وتشن قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، وكارثة إنسانية ودمارا هائلا بالبنية التحتية، مما أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة الإبادة الجماعية.
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية، تسببت الحرب بكارثة إنسانية غير مسبوقة وبدمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل نحو 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور التدابير المؤقتة من محكمة العدل الدولية، وكذلك رغم إصدار مجلس الأمن الدولي لاحقا قرار بوقف إطلاق النار فورا.
ومنذ أشهر، تقود مصر وقطر والولايات المتحدة مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بهدف التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة وتبادل للأسرى والمحتجزين بين الطرفين.