لم يتبق للنظام السوري أي مؤسسة أمنية أو عسكرية في مدينتي السويداء ودرعا والقرى والبلدات المحيطة بهما، بعدما سيطر عليها مسلحون محليون خلال الساعات الماضية، ضمن إطار عمليات عسكرية تم الإعلان عنها بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار.
وأٌطلقت العمليات العسكرية بشكل منفصل لكن بالتزامن، أولا من محافظة درعا التي كان النظام السوري سيطر عليها في عام 2018 بموجب اتفاقيات “التسوية” التي رعتها موسكو، ومن ثم لحقتها السويداء، ذات الغالبية الدرزية والتي تشهد حراكا سلميا ضد بشار الأسد، منذ أكثر من عام.
السويداء ودرعا جارتان في جنوب سوريا، وتحاذيان الحدود مع الأردن، وطالما شهدتا خلال السنوات الماضية حراكا متمردا ضد نظام الأسد، على المستوى الشعبي والعسكري والأمني.
وجاءت الأحداث التي شهدتها كلا المحافظتين في وقت وصلت فصائل المعارضة القادمة من الشمال السوري إلى محافظة حمص، التي تقع وسط البلاد، في مسعى منها للسيطرة عليها، كما حصل في حماة وحلب.
ماذا جرى في درعا؟
العمليات التي انطلقت في درعا بدأت صباح الجمعة تحت إطار ما يعرف بـ”غرفة عمليات الجنوب”. وتضم هذه الغرفة مقاتلين كانوا قبل 2018 ضمن فصائل “الجيش السوري الحر”.
وسيطر هؤلاء المقاتلون المحليون بالتدريج، على مدى الساعات الماضية، على كامل القطع العسكرية والمؤسسات الأمنية والحكومية التابعة للنظام السوري في المحافظة، وأعلنوا في وقت متأخر من ليلة السبت أنهم بسطوا كامل سيطرتهم على مدينة درعا لأول مرة منذ 2011.
كما أعلنوا السيطرة على نصيب الحدودي المقابل لبوابة “جابر” الأردنية، مما دفع السلطات في عمّان إلى اتخاذ قرار بإغلاق المعبر.
وقالت مصادر إعلامية من جنوب سوريا بينها “تجمع أحرار حوران”، إن أبرز المواقع التي سيطرت عليها “غرفة عمليات الجنوب” اللواء 52، اللواء 12، تل الجموع والجانبية والخضر.
ومن أبرز المواقع أيضا كامل مؤسسات النظام السوري الأمنية والعسكرية في قلب مدينة درعا. وجاء ذلك ضمن مواجهات مسلحة غير شرسة وبموجب “اتفاقيات وتفاهمات مسبقة”، أتاحت لعناصر وضباط من النظام الانشقاق أو الخروج باتجاه دمشق.
ماذا عن السويداء؟
السويداء ذات الغالبية الدرزية والواقعة إلى الشرق من درعا انتقلت إليها الأحداث أيضا، وفي غضون 5 ساعات سيطر مقاتلون من تشكيلات محلية هناك على كامل المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للنظام السوري.
وتحاول التشكيلات صباح السبت إكمال سيطرتها على القطع العسكرية الواقعة في محيط السويداء، والواصلة حتى الحدود الإدارية لمحافظة درعا.
وقال ريان معروف مدير تحرير شبكة “السويداء 24” لموقع “الحرة”، إن التشكيلات المحلية بدأت تحاصر ثكنات النظام السوري العسكرية واحدة تلو الأخرى، وتعرض على العناصر الاستسلام وتجنب المواجهة.
كما وجهت السبت دعوات لجميع أفراد الجيش والأمن بالانشقاق والانسحاب من محافظة السويداء.
وأضاف معروف أن المئات من أفراد الجيش والأمن رفضوا المواجهة ليلة الجمعة وتجاوبوا مع دعوات الانشقاق، لتتساقط الكتائب العسكرية بشكل متسارع، وتستولي التشكيلات المحلية على كميات كبيرة من المعدات العسكرية والذخائر والأسلحة، كان من بينها دبابات وراجمات صواريخ.
و تتصدر التشكيلات المحلية في السويداء “حركة رجال الكرامة” و”لواء الجبل” و”قوات شيخ الكرامة”، ووضعت نفسها منذ الطلقة الأولى ضد النظام السوري في السويداء تحت إطار “غرفة عمليات”.
وأوضح معروف أن أهم المواقع التي تم إخلاؤها أو السيطرة عليها من التشكيلات المحلية خلال الساعات الماضية هي قيادة الفرقة 15، قيادة شرطة السويداء، الفوج 404، الفوج 405، الفوج 44، الفوج 127، مطار الثعلة، كتيبة الكيمياء، مركز الأغرار.
إضافة إلى مقرات أفرع أمن الجوية، والسياسية، وأمن الدولة، والجنائية.
كما اقتحمت التشكيلات سجن السويداء المركزي وفتحت أبوابه أمام مئات السجناء الذين فروا في شوارع المدينة، وغالبيتهم موقوفين على خلفيات جنائية، مع عدد قليل من المعتقلين على خلفيات سياسية.
وعلى وقع تطورات السويداء كان محافظ السويداء فرّ إلى العاصمة دمشق، ولحقه قادة الفروع الأمنية وضباط الجيش الكبار، تاركين خلفهم المئات من أفراد الجيش الذين استسلموا للأهالي والتشكيلات، وتمت استضافتهم في بيوت المواطنين، بحسب معروف.