أعلنت أوكرانيا، الخميس الماضي سيطرت القوات الروسية على محطة تشرنوبل النووية، التي شهدت أسوأ كارثة نووية في العالم.
ونشر الجيش الروسي، الأحد، مقاطع فيديو وصورا للمناطق التي سيطر عليها في أوكرانيا، وعلى رأسها محطة مفاعل تشرنوبل النووي شمال البلاد
وأظهرت مقاطع الفيديو التي اطّلع عليها موقع سكاي نيوز عربية، المفاعل محاطا بالدّبابات والمدرعات، واللافت إلى أن صورا أظهرت جنودا من الحرس الوطني الأوكراني، وقد ظهر عليهم التعاون مع القوات الخاصّة الرّوسيّة داخل المحطة.
ويقول أحد الجنود الروس، وقد غطّى وجهة أمام الكاميرات، إنّ مستويات الإشعاع “تحت السيطرة”، مؤكّدا أن “حماية المنطقة تتم (بالاشتراك) مع الحرس الوطني الأوكراني والموظفين المدنيين الذين يعملون هنا”.
وأثار هذا المقطع تساؤلات، منها لماذا حتى الآن يدير المفاعل العمّال المدنيون في أوكرانيا؟ ولماذا يشارك الحرس الوطني الأوكراني في تأمين المنشآت مع احتدام القتال بين الجانبين؟
الخبير النووي ونائب رئيس هيئة الطاقة النووية المصرية سابقا، الدكتور علي عبد النبي، بأن محطة تشرنوبل النووية كان تحوي 4 مفاعلات روسية الصّنع، ولا يوجد منها في العالم سوى في روسيا وأوكرانيا.
وحسب عبد النبي، فالمفاعل رقم أربعة هو الذي تسبّب في كارثة الانفجار عام 1986، التي دمَّرت سقف المفاعل الذي يزن 2000 طن من الحديد والفولاذ؛ وهو ما أدّى لتسرب إشعاعي ضخم، أما المفاعلات الباقية فخرجت من الخدمة على التوالي، وآخرها توقف عام 2000.
ويلفت عبد النبي إلى أن خروج المفاعلات عن الخدمة ليس نهاية المطاف، فتوجد إجراءات طويلة الأمد، منها أعمال صيانة وتبريد للوقود النووي المحترق؛ الأمر الذي يحتم وجود فرق الصيانة وخبراء نوويين داخل المفاعل.
كما أن المفاعل الذي تسبّب في الأزمة محاط بكتل خرسانية وفولاذية كبيرة جدًّا، وهذا أيضًا يحتاج إلى متابعة دورية.
وفيما يخصّ التطور الأخير، يتابع الخبير النووي، القوات الروسية تعلم ما يحدث في منطقة المفاعلات، وحين اقتربت منها طلبت من القوات الأوكرانية عقد اتفاق يسمح ببقاء القوات الأوكرانية التي تحمي المفاعل وفرق الصيانة والخبراء؛ لأن إجلاءهم سيضع روسيا أمام مسؤولية الحفاظ على المفاعل، والقيام بالصيانة والوقاية.
وحتى اللحظة تعتبر المنطقة مصدر إشعاعات خطيرة جدًّا، والطرفان يعيان هذا جيدا؛ فكان لا بد من اتفاق جدي بينهما حتى لا تتفاقم الأزمة، وفق المتحدث ذاته.
الإشعاع وغبار الدبابات
مِن ناحيته، يقول المحلل السياسي ماجد الأنور إن وضع مدينة تشرنوبل مختلف عن أي نقطة ساخنة بين روسيا وأوكرانيا؛ فهذا الموقع ضمن المناطق الخطرة لارتفاع نسبة الإشعاع، والبلدان يعيان جيدا حجم الكارثة إذا تضرر المفاعل؛ حيث أعلنت تقارير أن الإشعاع ارتفعت معدلاته في الجو فقط بسبب غبار الدبابات والمدرعات المتّجهة نحوه، فما بالك لو اشتعلت المواجهات.
وتوقّع المحلل السياسي بأن الصورة الملتقطة للقوات الروسية والقوات الأوكرانية وهم يعملون في خدمة المفاعل قد تكون ناجمة عن اتفاق سري؛ خوفا من تفاقم الأوضاع.
ويرتبط مفاعل تشرنوبل بأحد أسوأ الكوارث الصحية في تاريخ البشرية، وهو انفجار في قلب المفاعل أدى لتسريب إشعاعي يعادل حجم وقدرة 500 قنبلة نووية من نفس نوع تلك التي ألقيت على اليابان على هيروشيما وناغازاكي.
وحسب إحصائية لوزارة الصحة الأوكرانية فإن 2.3 ملايين من السكان ما زالوا يعانون من الكارثة.
كما تسبّب الانفجار في تلوث 1.4 ملايين هكتار من الأراضي الزراعية في أوكرانيا وبيلاروسيا بالإشعاعات الملوّثة.