تنتهي اتفاقية المراسلات المصرفية الموقعة بين القطاع المصرفي الفلسطيني وبنوك إسرائيلية، في 31 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، والتي تعطي الأخيرة غطاء قانونيا أمام أي دعاوى قد ترفع في المحاكم الأمريكية أو الإسرائيلية بشأن قضايا تمويل الإرهاب.
ومنذ حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، تحول اتفاق المراسلات المصرفية إلى صداع لدى البنوك العاملة في السوق الفلسطينية، بسبب تأخر وزارة المالية الإسرائيلية في توقيع تمديده.
** بنكان يديران المراسلات
وحاليا، يدير بنكان إسرائيليان وهما “ديسكونت” و”هبوعليم” علاقات البنوك الفلسطينية مع النظام المصرفي في إسرائيل، والتي تتمثل في إرسال واستقبال التحويلات النقدية، خاصة تلك المتعلقة بمدفوعات التجارة.
ولحمايتهما من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد السلطة الفلسطينية وبنوكها في الولايات المتحدة بتهمة “تحويل أموال للجماعات الإرهابية”، أصدرت حكومة إسرائيل قبل 3 سنوات قرارا بحماية البنكين من أية تهم، وهو قرار يجدد سنويا، بتوقيع من وزير المالية.
ومن دون هذه الحماية، سيتم تجريد السلطة الفلسطينية من الحصانة، وستكون البنوك الإسرائيلية كذلك معرضة لدعاوى قضائية سواء داخل إسرائيل أو في محاكم أمريكية.
وسبق أن رفع إسرائيليون يحملون الجنسية الأمريكية، دعاوى ضد بنوك فلسطينية أو عاملة هناك، خلال السنوات الماضية، مثل البنك العربي، وبنك فلسطين، وبنك القاهرة عمان، وبنك الاستثمار الفلسطيني، بتهم مرتبطة بتمويل الإرهاب، قبل أن يتم إسقاط هذه الدعاوى.
ومنذ الحرب على غزة، أصبح تجديد اتفاقية المراسلات يتم كل ثلاثة شهور بدلا من عام كامل، إذ كان آخر تجديد لها في يوليو/ تموز الماضي، عن الفترة بين أغسطس/ آب وأكتوبر 2024.
** أهمية العلاقة
تعتبر العلاقة مع البنوك الإسرائيلية مصلحة مصرفية فلسطينية في المقام الأول، لأن التحويلات النقدية لأغراض التجارة بين الجانبين لن تتم من دون هذه العلاقة.
ويبلغ حجم التجارة بين الجانبين شهريا قرابة 800 مليون دولار وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينما تتجاوز قيمة التحويلات لكافة الأغراض قرابة مليار دولار شهريا.
كذلك، تعتبر البنوك الإسرائيلية مفتاحا رئيسا لولوج عديد البنوك الفلسطينية إلى النظام المصرفي العالمي، ومن دون هذه العلاقة، ستفقد غالبية البنوك في القطاع المصرفي الفلسطيني، معظم مهامها الأساسية باعتبارها بنوكا كاملة الصلاحيات.
ويبلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي الفلسطيني قرابة 22 مليار دولار، بينما تتجاوز ودائع العملاء حتى نهاية أغسطس الماضي، 17.5 مليار دولار، والتسهيلات قرب 12 مليار دولار.
ويعمل في السوق المصرفية الفلسطينية 13 مصرفا محليا ووافدا، بواقع 7 بنوك محلية و6 وافدة، منها 5 بنوك أردنية وآخر مصري، وفق بيانات سلطة النقد الفلسطينية.
وبموجب بروتوكول باريس الاقتصادي، تشرف سلطة النقد الفلسطينية على القطاع المصرفي، وتعمل بمثابة المستشار المالي الرسمي للسلطة الفلسطينية.
وتنظم سلطة النقد جميع أنواع النشاطات البنكية بما في ذلك نشاطاتها الخارجية، وترخيص البنوك المقامة محليا وفروعها والهيئات التابعة لها والمشاريع المشتركة والمكاتب التي تمثل البنوك الأجنبية والمصادقة على السيطرة على المساهمين.
والتجارة التي ستكون متضررة أكثر، هي تلك التي تتم بين إسرائيل والجانب الفلسطيني مباشرة، مثل مدفوعات الكهرباء والمياه على سبيل المثال، إذ يستورد الفلسطينيون 90 بالمئة من الكهرباء من إسرائيل، وقرابة 80 بالمئة من المياه.
كذلك، في حال عدم تمديد اتفاقية المراسلات المصرفية، فإن السوق الفلسطينية ستواجه شحاً في عديد السلع الحيوية، بصدارة الوقود، إذ يستورد الفلسطينيون 100 بالمئة من الوقود من الجانب الإسرائيلي، عدا عن سلع حيوية أخرى.
** قلق دولي
والجمعة، حذرت دول كبرى بقيادة الولايات المتحدة، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، من تسبب حكومته في انهيار الاقتصاد الفلسطيني من بوابة القطاع المصرفي.
جاء ذلك في رسالة وجهتها وزارة الخزانة الأمريكية وسبعة من حلفائها بالعالم، إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بتاريخ 25 أكتوبر الجاري، بحسب ما أورده موقع أكسيوس الأمريكي، الأحد.
ونقل الموقع عن الرسالة التي اطلع عليها، أن وزيرة الخزانة جانيت يلين وسبعة نظراء أجانب حذروا نتنياهو من أن وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش قد يكون على وشك التسبب في انهيار الاقتصاد الفلسطيني.
وسموتريتش، هو المخول بالموافقة على تمديد المراسلات المالية بين البنوك في إسرائيل والضفة الغربية، والتي من دونها قد ينهار النظام المصرفي الفلسطيني.
وبحسب الرسالة، فإن واشنطن وحلفاءها السبعة الذين لم يذكرهم الموقع، قلقون من أن سموتريتش لن يوقع تمديد الاتفاقية، وأن انهيار النظام المصرفي قد يكون له آثار خطيرة، بما في ذلك انهيار السلطة الفلسطينية وأزمة أمنية في الضفة الغربية.