اعتبر خبراء أن نشر حركة حماس فيديو الرهينة المحتجزة في غزة، يمثل رسالة مزدوجة في اتجاهين، أحدهما مرتبط بجولة المفاوضات الجديدة، والآخر باتجاه محاولة تذكير الرئيس الأمريكي المنتخب بملف غزة، مشيرين إلى أن ضغطها على دونالد ترامب يعتبر “تحرك يائس”.
ونشرت حركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأحد الرهائن الإسرائيليين لديها ممن يحملون الجنسية الأمريكية، ضمن إستراتيجية اتبعتها الحركة للضغط على الحكومة الإسرائيلية بقيادة بينيامين نتنياهو، والإدارة الأمريكية، لدفع جهود التوصل لاتفاق يوقف الحرب على غزة ويفضي للإفراج عن الرهائن.
ووجّه الرهينة الذي ظهر في الفيديو رسالة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، طالبه فيها بالعمل على إنجاز اتفاق للإفراج عنه وبقية الرهائن، في مؤشر يرى فيه مختصون أن الحركة تحاول دفع ملف الصفقة بغزة إلى رأس القائمة المزدحمة لأولويات الرئيس الجديد قبل أقل من شهرين على استلام منصبه.
وتزامن الفيديو مع حراك جديد بدأته مصر التي تستضيف وفدًا من حركة حماس لبحث الاتفاق، على أمل الاستفادة من الزخم الإيجابي الذي أحدثه التوصل إلى اتفاق تهدئة في لبنان لمدة 60 يومًا.
تحرك “يائس”
ويرى المحلل السياسي أحمد عوض أن محاولة اللعب على وتر الضغط على إدارة ترامب المقبلة بمثل هذه الخطوات بمنزلة “تحرك يائس” من حماس التي لحقت بها خسائر فادحة جراء استمرار الحرب.
وقال عوض لـ”إرم نيوز” إن “حماس فعلت الكثير من مثل هذه الخطوات سابقًا وفي لحظات حاسمة أكثر، ولم تنجح في تحريك الشارع الإسرائيلي لخلق ضغط يؤدي لأن تأخذ حكومة نتنياهو موقفًا مختلفًا”.
وأضاف: “استخدام الأسلوب نفسه في محاولة الضغط على إدارة ترامب لن يجدي، ولن يدفع الرئيس الجديد في التحرك باتجاه يرضي حركة حماس، خاصة في ملف الرهائن الذي سيعتمد فيه ترامب على معطيات نتنياهو نفسه”.
وتابع أن “حماس تشعر بمدى فداحة خسائرها والوضع المزري الذي وصلت إليه بعد خسارات عسكرية وسياسية، وخسائر على مستوى القيادة وعلى مستوى بنية الحكم، وهي تريد أن تبحث عن طريقة تنزل من خلالها عن الشجرة بعد الهجوم غير المدروس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي”.
وأشار إلى أن الحركة تحاول بشكل يائس من خلال ورقة الرهائن إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وتجنب سيناريوهات قاسية جدًّا بانتظارها، مضيفًا “الخيارات التي باتت أمام الحركة في أي مفاوضات جديدة مع إسرائيل ستكون كارثية عليها، ومن بينها الاستسلام أو التنازل وتقديم أي ثمن مقابل الاستمرار بوجودها”.
تذكير جديد
من جهته، يرى المحلل السياسي إياد جودة، أن هذه الخطوة تمثل رسالة مزدوجة في اتجاهين، أحدهما مرتبط بجولة المفاوضات الجديدة التي بدأت في القاهرة بناء على مقترح مصري جديد، والآخر باتجاه محاولة تذكير الرئيس الأمريكي الجديد بملف الصفقة بغزة.
وقال جودة لـ”إرم نيوز” إن “نشر الفيديو تزامن مع حراك مصري بعد وصول وفد قيادي من الحركة للقاهرة، والإشارات حول استعداد الحركة لتقديم تنازلات، لكنها بالمقابل تحاول إحداث ضغط جديد على حكومة نتنياهو لتقديم تنازلات مماثلة من أجل التوصل لاتفاق”.
وأضاف: “كما تريد الحركة أن تعيد ملف الأسرى الإسرائيليين بغزة إلى رأس قائمة أولويات الرئيس الأمريكي الجديد، في ظل ملفات ساخنة مرتبطة بالحرب في أوكرانيا والصراع مع الصين، وكذلك الملف الإيراني، وملف وقف الحرب بشكل نهائي في لبنان”.
وأشار إلى أن مثل هذا الحراك قد يقود لنتائج عكسية فيما يتعلق بمواقف ترامب، خاصة أن الرهينة الذي تم عرض مقطع الفيديو له يحمل الجنسية الأمريكية، لافتًا إلى أن “مثل هذه الخطوة قد تمثل استفزازًا مبكرًا من حماس لإدارة الرئيس الأمريكي الجديدة”.
وأوضح أن “تأثير مثل مقاطع الفيديو هذه داخل إسرائيل أكبر بكثير منه في الولايات المتحدة، وبالتبعية على الإداراتين الأمريكيتين الحالية والمقبلة، ما يجعل من الصعب أن تكون عامل حسم في مواقف المسؤولين الأمريكيين”.
وقال إن “نتنياهو على مدار عام من الحرب استطاع أن يحد من تأثير مثل هذه الخطوات على حكومته، إذ بات يستفيد من زخم الإنجازات العسكرية التي يتم تحقيقها في لبنان وغزة من أجل خلق رأي عام مضاد للضغوط الشعبية لإنجاز اتفاق مع حماس للإفراج عن الرهائن”.