رفض مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، مجددا الوقوف أمام منافسته الديمقراطية، كامالا هاريس، في مناظرة ثانية معللا رفضه بأن وقت هذه المناظرة قد فات.
وكانت نائبة الرئيس الأميركي قد أعلنت قبولها دعوة من شبكة “سي.أن.أن” للمشاركة في مناظرة أخرى مع ترامب في الثالث والعشرين من أكتوبر المقبل، إلا أن الرئيس السابق اعتبر في تصريحات أمام تجمع لأنصاره في ويلمغنتون في ولاية نورث كارولاينا، أن الأوان قد فات، قائلا إن التصويت بدأ بالفعل.
هل فات الأوان؟
وفي مقابلة مع قناة “الحرة”، يؤكد النائب الجمهوري السابق عن ولاية ميشيغان كلينت كيستو، أن “ترامب محق في قوله إن الوقت قد تأخر، حيث أُرسلت بطاقات الاقتراع بالبريد بالفعل في عدة ولايات، والمشاركة في مناظرة أخرى لن تُحدث فرقا حقيقيا”.
وأضاف كيستو أن ترامب يشعر بالثقة حيال أدائه في المناظرة السابقة مع هاريس، وهو لا يرى أن مناظرة جديدة ستقدم له أي فوائد.
ويرى كيستو أن ترامب يستغل رفضه للمناظرة كطريقة للحفاظ على زخمه الانتخابي، خاصة وأنه يعتقد أن أداءه السابق كان جيدًا بما فيه الكفاية.
في المقابل، اعتبر سيناتور الظل السابق عن العاصمة الأميركية واشنطن بول ستراوس، أن رفض ترامب يعود إلى أدائه الضعيف في المناظرة الأولى، إذ أثارت بعض تصريحاته، مثل الحديث عن “أشخاص يأكلون القطط والكلاب” موجة من السخرية على الإنترنت.
من هذا المنطلق، يرى ستراوس أن هاريس تسعى لكسب تأييد الناخبين المستقلين عبر مناظرة جديدة تتيح لهم فرصة لمقارنة سياسات المرشحين بشكل مباشر.
ويعبر ستراوس عن اعتقاده بأن “المناظرات ضرورية لأن الناخبين يستحقون الحصول على معلومات واضحة من المرشحين. إنها فرصة لتقييم مواقفهم وقضاياهم الرئيسية”، مشيرا إلى أنه لا يزال هناك وقت كافٍ قبل الانتخابات لاتخاذ الناخبين قرارهم.
تأثير رفض ترامب
يرى ستراوس أنه “عندما يرفض المرشح المشاركة في مناظرة، فإن الناخب يخسر”. ويضيف أن “الديمقراطيين يعتقدون أن الناخبين سيُدركون أن ترامب يتجنب النقاش الحقيقي حول القضايا الحاسمة”.
ويشير بعض الجمهوريين إلى أن قرار ترامب قد يكون له تأثير ضئيل على شعبيته، خصوصا في الولايات المتأرجحة. ويرى كيستو أن الرفض لن يؤثر كثيرا على قاعدة ترامب الصلبة.
ويقول إنه في ولايات مثل ميشيغان وبنسلفانيا المتأرجحتين، بدأت توجهات الناخبين تصب في صالح ترامب، واستطلاعات الرأي تتغير مع مرور الوقت وتتجه لصالح الرئيس السابق بعد أن كانت لصالح هاريس في الفترة الماضية.
ما الجديد الذي ستطرحه هاريس؟
يقول ستراوس إن “هاريس حددت رؤيتها لمستقبل أميركا، وهذا سيتيح للرئيس السابق أن يفعل الشيء نفسه ويوضح رؤيته في المناظرة، ولكن الفرق أنه ليس لترامب رؤية واضحة لمستقبل أميركا”.
ويضيف أن “ترامب يعود دائما إلى الوراء وسياساته المقلقة الفاشلة. وأعتقد أن الناخب يستفيد من مقارنة بين سياسات المرشحين”.
ويشير ستراوس إلى أن ترامب رفض اليوم مناظرة هاريس مجددا لأنه أمام خصم قوي.
في المقابل، يشير كيستو إلى أن “الشعب الأميركي يعرف بالفعل سياسات ترامب ولمسها عندما كان في البيت الأبيض مثل انخفاض أسعار الوقود وغيرها من المسائل الاقتصادية، وهذا عكس ما هي عليه إدارة بايدن-هاريس”.
جدل حول حياد وسائل الإعلام
مسألة الثقة في وسائل الإعلام تلعب دورا كبيرا في هذا الجدل. ففي حين قبلت هاريس دعوة “سي.أن.أن” أعرب ترامب عن تحفظاته تجاه هذه الشبكة، واتهما بالانحياز لصالح الديمقراطيين. في المقابل، يرى الديمقراطيون أن شبكة فوكس نيوز، التي يميل ترامب للتعاون معها، ليست محايدة.
ويقول ستراوس إن شبكات مثل فوكس نيوز “ليست مصدرا موثوقا للمعلومات المتوازنة، بينما تتيح “سي.أن.أن” فرصة عادلة للمرشحين لتوضيح رؤيتهم وسياساتهم.”
ويضيف: “من المخزي أن ترامب لا يريد الانخراط في مناظرة أخرى إلا مع فوكس نيوز، حينها لن تكون مناظرة حقيقية إذ يشكك كثيرون في مصداقية وحيادية تلك الشبكة”.
من جهته، يرى كيستو أن المناظرة الأخيرة التي نظمتها شبكة “أيه.بي.سي نيوز” كانت منحازة جدا لهاريس، ويقول إنهم “لم يقوموا بالتحقق من الكثير من الأقوال التي قالتها آنذاك ولم تكن دقيقة. لماذا، لأن تلك الشبكة المحددة منحازة”.
لجنة مناظرات رئاسية بدلا من وسائل إعلامية
حتى الآن، يبدو أن ترامب يرفض المشاركة في مناظرة ثانية مع هاريس، لكنه أشار في تصريحات لاحقة إلى أنه قد يغير رأيه بناء على “مزاجه”.
ويرى ستراوس في مقابلته مع قناة “الحرة” أن المناظرات الرئاسية كانت تدار بشكل أفضل عندما كانت تحت إشراف لجنة مستقلة، بدلا من أن تعتمد على شبكات إعلامية محددة.
ويشير إلى أن هذه اللجنة كانت تضمن حيادية القواعد وجودة الحوار بين المرشحين، وتعمل على توعية الناخبين بشكل سليم. لكنه يرى أن الأمور تغيرت مع دخول ترامب إلى الساحة السياسية.
ويضيف ستراوس أن المناظرات السابقة قدمت فرصة للناخبين لتقييم القضايا الأساسية بشكل مباشر، حيث يمكن تدقيق ما يقوله المرشحون بسهولة.
لكنه أشار إلى أن تصريحات ترامب أحيانا تحتوي على معلومات غير دقيقة، مثل ادعائه أن بعض الأشخاص في مدينة سبرينغفيلد بولاية أوهايو يأكلون القطط والكلاب، وهي تصريحات أثارت جدلا واسعا وزاد من العنف في المنطقة.
في المقابل، يعتبر كيستو، أن المشكلة الأكبر تكمن في وضع قواعد متفق عليها للمناظرة. ويعتقد أن التفاصيل المتعلقة بمن يدير المناظرة، والأسئلة المطروحة، ومدى قدرة الجمهور على التفاعل، تشكل نقاطا خلافية أساسية.
وقال إن “التحدي الأساسي ليس في عقد المناظرة بحد ذاتها، بل في الاتفاق على القواعد التي تحكمها. من يقوم بإدارة الحوار، ما هي الأسئلة المسموح بها، وهل يُسمح للجمهور بالتدخل، كلها نقاط مثيرة للجدل”.
ويشير كيستو إلى أن استخدام لجنة مستقلة لتنظيم المناظرات قد يكون الحل لضمان حيادية أكبر، لكنه يؤكد أن الاتفاق على القواعد سيظل عقبة رئيسية أمام عقد مناظرة جديدة بين ترامب وهاريس.