كشف المقرر الأممي السابق المعني بفلسطين مايكل لينك، أن الموقف الأمريكي المُحتكر لملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي هو السبب الرئيس بفشل الحل، محملا واشنطن وبرلين بشكل أساسي مسؤولية مواصلة تل أبيب سياسات الإبادة الجماعية.
** هيمنة الفيتو الأمريكي
وفي حديثه للأناضول، أشار لينك إلى مذكرات الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان التي وثّقت في 2012 كيف أجهضت الهيمنة الأمريكية الجهود الدولية لحل القضية الفلسطينية.
وقال إن الولايات المتحدة استخدمت سلطة النقض “الفيتو” عشرات المرات في مجلس الأمن الدولي لمنع قرارات متعلقة بفلسطين، إذ استخدمته منذ عام 1967 ضد 47 قرارًا تنتقد إسرائيل.
وأوضح أن هذا الدعم الأمريكي مكّن إسرائيل من الإفلات من تنفيذ أكثر من 30 قرارًا صدر ضدها من قبل مجلس الأمن منذ عام 1967.
وأضاف المسؤول السابق بالأمم المتحدة: “حتى في الأوقات التي وافقت فيها واشنطن على قرارات تدعو لوقف إطلاق النار، لم تمارس أي ضغط حقيقي لإجبار إسرائيل على التنفيذ”.
وأردف: “هناك أكثر من 30 قراراً صدر ضد إسرائيل من قبل مجلس الأمن منذ عام 1967، والولايات المتحدة تبذل جهوداً لمنع تنفيذ هذه القرارات”.
** إبادة جماعية بدعم غربي
لينك أكد أن الدعم الغربي هو العمود الفقري لإسرائيل التي تعتمد على العلاقات التجارية والدبلوماسية والعسكرية مع الدول الأوروبية وأمريكا الشمالية، مؤكدا أن “إسرائيل لا تستطيع انتهاك قرارات الأمم المتحدة دون هذا الدعم”.
وذكر أن الولايات المتحدة استخدمت منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 “الفيتو” ضد عدة مشاريع قرارات في مجلس الأمن تدعو لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ومن منذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية بغزة، خلفت نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
** دعم بالأسلحة غير محدود
ورأى لينك أنه “إذا اتخذت الدول الأوروبية إجراءات حاسمة لتعليق اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل، ووقف مبيعات الأسلحة إليها، واتخاذ موقف أكثر صرامة فيما يتعلق بتجاهل إسرائيل المستمر للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، أعتقد أن ذلك سيكون تحديا لإسرائيل وحلفائها. وستضر بمواقفها الدبلوماسية وبمكانتها الاقتصادية والعسكرية”.
وأوضح: “توفر الولايات المتحدة حوالي 69 بالمئة من احتياجات إسرائيل من الأسلحة، وتأتي ألمانيا في المركز الثاني بنحو 29 بالمئة”.
وأردف: “لذا فإن هاتين الدولتين تعتبران مفتاحين أساسيين لاستمرار إسرائيل في احتلالها غير القانوني وشنها حرباً يعتبرها كثير من الناس الآن بمثابة إبادة جماعية”.
وتابع: “طالما أن إسرائيل تعلم أن احتلالها للأراضي الفلسطينية سيكون مجاناً إلى حد كبير وأن جيشها سيتم تجديده بانتظام من قبل ألمانيا والولايات المتحدة، فليس لديها سبب للرغبة بتغيير سلوكها”.
وأشار لينك إلى أن الدعم الغربي لإسرائيل مكّن تل أبيب من إعلان الأمين العام للأمم المتحدة “شخصاً غير مرغوب فيه”، ومنعه من دخول إسرائيل أو الأراضي المحتلة.
“كما سمح هذا الدعم الغربي للكنيست (البرلمان) الإسرائيلي بتمرير قانون يهدف إلى حظر أنشطة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)”، وفق المتحدث.
ولفت إلى أن سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة انتقد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول 2024 الذي طالب تل أبيب بإنهاء وجودها في الأراضي المحتلة خلال 12 شهرا، وزعم بأنه “إرهاب دبلوماسي”.
وقال لينك إن أكثر من 220 من موظفي الأمم المتحدة قتلوا في حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ أكثر من عام، وهو أكبر عدد في أي صراع خلال العقود الثمانية الماضية.
** دعوة لإصلاح المنظومة الأممية
وشدد على أن مجلس الأمن الدولي بهيكله الحالي عاجز عن تقديم حلول للمشاكل الدولية، وأن هناك حاجة ملحة لإجراء إصلاح في منظومة الأمم المتحدة، من أجل اتخاذ قرارات أكثر مسؤولية.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.