قال فلسطينيون نازحون من شمال قطاع غزة إن القوات الإسرائيلية ألحقت دمارا واسع النطاق بالأحياء السكنية التي كانوا يعيشون بها في هجومها الأحدث المستمر منذ ستة أسابيع، وأثارت منظمة حقوقية مخاوف من أن إسرائيل قد تحظر بشكل دائم الدخول إلى بعض المناطق.
وكان مخيم جباليا، أحد أكبر مخيمات اللاجئين المقامة منذ فترة طويلة في قطاع غزة، وبيت لاهيا وبيت حانون وقرى مجاورة من بين الأهداف الأولى للهجوم البري الذي شنته إسرائيل في أكتوبر تشرين الأول 2023 بعد أن هاجم مسلحو حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسرائيل.
واقتحمت الدبابات المناطق نفسها عدة مرات أخرى في إطار ما نزعم إسرائيل أنها عمليات ضرورية ضد مسلحين هناك ما زالوا يشكلون تهديدا.
وقال أبو رائد، وهو مقاول مبان سابق نزح من جباليا، إن القوات الإسرائيلية تفجر المباني عن بعد بعدما يتم تفخيخها أو إرسال روبوتات إليها.
وأضاف لرويترز عبر تطبيق للمراسلة “قبل 5 أكتوبر صحيح إنه الدمار كان كبير في مخيم جباليا بس اللي صار في الشهر الماضي صعب ينوصف، معظم المخيم تم تدميره”.
وأردف “أنا لي صحاب وقرايب في بيت حانون والكل بيقول بالكاد فيه بناية واقفة ومش مدمرة هناك… يعني بتقدر تقول يمكن النص أو 60 بالمئة من المباني والطرق في جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا دمرها الاحتلال، صارت ركام”.
وتظهر مقاطع فيديو للسكان خلال الفرار من هذه المناطق الكثير من المباني المدمرة، لكن عدم قدرة الصحفيين على الوصول يجعل من الصعب التحقق من الحجم الكامل للأضرار.
وقال مسؤولون بوزارة الصحة الفلسطينية إن الغارات الجوية الإسرائيلية الأحدث أسفرت عن استشهاد 15 على الأقل في أنحاء القطاع، من بينهم أربعة في مدرسة صلاح الدين بمدينة غزة التي تؤوي أسرا نازحة. ولم يصدر تعليق بعد من جانب إسرائيل.
* نداءات استغاثة هاتفية من تحت الأنقاض
قال مدير مستشفى كمال عدوان قرب بيت لاهيا حسام أبو صفية، إنه لا توجد سيارات إسعاف تعمل في شمال قطاع غزة.
وقال لرويترز إنه تلقى بقلب منفطر نداءات استغاثة متعددة من أشخاص محاصرين تحت أنقاض منازلهم لكن لم يستطع أن يفعل لهم شيئا. وفي اليوم التالي تختفي الأصوات وتحولت المنازل إلى قبور لأصحابها. مشيرا إلى أن المشهد يتكرر يوميا.
وتقرير هيومن رايتس ووتش هو أحدث تحذير من الوضع الإنساني المتردي. وقال التقرير “التهجير القسري واسع النطاق، وتظهر الأدلة أنه منهجي وجزء من سياسة دولة. تشكل هذه الأعمال أيضا جريمة ضد الإنسانية”.
وأضاف التقرير أن التهجير “من المرجح أن يكون مخططا لأن يكون دائما في المناطق العازلة والممرات الأمنية”، وهو إجراء وصفته المنظمة بأنه يصل إلى حد “التطهير العرقي”.
وقال آدم كوجل، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش، لرويترز في العاصمة الأردنية عمّان “الجيش الإسرائيلي هدم مناطق بأكملها… وفي تلك المناطق ارتكبت إسرائيل تطهيرا عرقيا”.
وينفى الجيش الإسرائيلي سعيه لإنشاء مناطق عازلة دائمة، وقال وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الاثنين إن الفلسطينيين النازحين من منازلهم في شمال غزة سيسمح لهم بالعودة عند نهاية الحرب.
لكن عبد الهادي، وهو أحد سكان بيت لاهيا ونزح الآن إلى مدينة غزة، أبدى تشككه.
وقال “حرقوا المدارس والمآوي اللي الناس نزحت فيها بعد ما أجبروا العائلات أنه يتركوها ويروحوا جنوبا تجاه مدينة غزة، شو اسمه هاد إلا تطهير عرقي؟”
وقال لرويترز “كتير من الأسر اللي رفضت تطلع في البداية هلقيت اضطروا ينزحوا لأنه خلصت الميه وخلص الأكل… مناطق شاسعة صارت فاضية وتحت سيطرة الاحتلال، هاي المناطق ممنوعة، مناطق عازلة صارت”.
تلك المناطق الشمالية الثلاث ضمت نحو 400 ألف ساكن قبل بدء الحرب العام الماضي، وظل نصفهم على الأقل قبل الهجوم الجديد، وهو رقم قدر الدفاع المدني الفلسطيني أنه انخفض الآن إلى 80 ألفا تقطعت بهم السبل دون فرق إنقاذ أو مستشفى يعمل بكامل طاقته.
وقال أبو صفية إن العدد القليل المتبقي من موظفيه بدأوا في تسجيل حالات سوء تغذية وجفاف بين الأطفال والبالغين على حد سواء، وحث المجتمع الدولي على تقديم المساعدة.
وتزعم إسرائيل إنها تأمر بإجلاء المدنيين لحمايتهم من القتال وتنفي الاتهامات بتجويعهم. وزعمت في الآونة الأخيرة أنها استجابت لمعظم طلبات حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة لتحسين تدفق المساعدات، وذكرت اليوم الخميس أن مساعدات إماراتية تم تسليمها عن طريق البحر عبرت إلى شمال قطاع غزة. ويقول الفلسطينيون إن تلك البيانات مضللة.
وتقول تقديرات الدفاع المدني الفلسطيني إن هناك نحو عشرة آلاف جثة ربما طمرت تحت الأنقاض، وهو ما قد يرفع حصيلة الشهداء المعلنة إلى أكثر من 50 ألفا.
وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة اليوم الخميس إن عدد من تأكد استشهادهم منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 ارتفع إلى 43736 شخصا.