يعتقد ريكاردو ألكارو الخبير الإيطالي في معهد أفاري الدولي في معرض رصده للتطورات الأخيرة الدامية أن الأوروبيين تخلوا عن أكثر من 20 عاما من الدبلوماسية الحكيمة المستقلة.
و لفت في مقالة بعنوان “جذور الفشل الغربي مع إسرائيل “، إلى اتباع أغلب دول الاتحاد الأوروبي نهجا متواطئا مع إسرائيل، مشيرا إلى أن “معظم دول الاتحاد الأوروبي اتبعت دون أدنى شك هذا النهج، حتى أن ألمانيا ذهبت إلى حد جعل أمن إسرائيل، في هذا التفسير المفرط، أمرا ثابتا، أو سببا. وبذلك، تخلى الأوروبيون، بمن فيهم الألمان، عن أكثر من عشرين عاما من الدبلوماسية المعقولة والمستقلة التي بدأت بإعلان البندقية، والتي أيدت لأول مرة الحق المزدوج لإسرائيل في العيش في أمن وللفلسطينيين في تقرير المصير”.
الخبير الإيطالي رصد ما يجري من توسيع إسرائيل لحربها إلى لبنان قائلا: “فيما تكثف إسرائيل قصفها للبنان ويحوم شبح صراع عام قد يشمل إيران والولايات المتحدة بشكل ينذر بالسوء في المنطقة، تبدو الحكومات الغربية متفرجا سلبيا لدراما استمرت عقدا من الزمان تتحمل في الواقع مسؤولية كبيرة عنها. تدعي إسرائيل أنها تدافع عن نفسها ضد أعداء مصممين على تدميرها، من حماس في فلسطين إلى حزب الله في لبنان إلى جمهورية إيران الإسلامية. هؤلاء هم بلا شك أعداء عنيدون. ومع ذلك، من الصحيح أيضا القول إن إسرائيل على مدى العقود الماضية بالكاد فوتت فرصة لإثارة تطرف خصومها، وتهميش الأصوات الأكثر براغماتية، وأن الولايات المتحدة وأوروبا لم تضعا أمامها أي حواجز”.
الموقف الأمريكي والأوروبي حيال سلوك إسرائيل العنيف يعتبره الخبير قبولا من قبل “الولايات المتحدة وأوروبا إلى حد كبير الرواية الإسرائيلية بأنها تدافع عن نفسها فقط. بفضل التأثير الهائل للوبي المؤيد لإسرائيل، مزيج من الصهاينة من جميع الأشكال السياسية، الإنجيليين والمحافظين الجدد، لا يمكن لأي سياسي أمريكي أن يفشل في إعلان الدعم الكامل وغير المشروط لإسرائيل إذا كان يأمل في ممارسة مهنة سياسية رفيعة المستوى، خشية أن يعاني من اتهامه بأنه معاد للسامية”.
إسرائيل بحسب ريكاردو ألكارو، “يحميها حق النقض الأمريكي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتكافأ بالدعم الدبلوماسي، وإمدادات الأسلحة (خاصة من الولايات المتحدة وألمانيا)، واتفاقيات الشراكة مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في كل مجال (من الدفاع إلى البحث)، لقد تصرفت إسرائيل دون عقاب”.
هذه الديناميكية في العلاقة مع إسرائيل يرى أنها تكررت “على نطاق واسع بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، حيث قتل ما يقرب من 1200 شخص واحتجز 250 كرهائن. احتجت الولايات المتحدة وأوروبا بصوت عال بحق إسرائيل المقدس في الحفاظ على سلامة سكانها. لكنها في حيرة من أمرها بالنسبة لشرح كيف يتناسب هذا الحق مع الدمار الذي لحق بمليوني شخص يعيشون في غزة، حيث أدى القصف الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من أربعين ألفا، بينهم 16500 أطفال، وتشريد 90 في المائة من السكان (ما يقرب من ثلثي المنازل تضررت أو دمرت)، في حين تم استهداف الصحفيين وموظفي الإغاثة وعمال الإغاثة عمدا”.
الخبير الإيطالي يضيف في هذا السياق قائلا: “على نفس القدر من الأهمية، فشلت إسرائيل ومؤيدوها في واشنطن وبرلين وأماكن أخرى في تفسير سبب تبرير أمن إسرائيل للتوسع المستمر في القدس الشرقية، والضفة الغربية، مصادرة المنازل، وسرقة الأراضي، والقمع المنهجي المستمر منذ عقود لملايين البشر الذي أعلنت محكمة العدل الدولية أنه غير قانوني من جميع النواحي”.