الأحد 8 جمادى الأولى 1446 ﻫ - 10 نوفمبر 2024 |

برامج

شاهد آخر حلقاتنا اونلاين

نيويورك تايمز: لا تتراجعوا عن اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية

ذكر مقال بصحيفة نيويورك تايمز أن إدارة الرئيس جو بايدن استخدمت أسلوب “الرفض الساذج” فيما يتعلق باتهام إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية في غزة، مكتفية بمصطلح “لا أساس لها”، مقابل ملف مليء بالأدلة الدامغة قدمته جنوب أفريقيا لإثبات انتهاك تل أبيب التزاماتها بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948.

ولفتت الصحيفة الأميركية -في مقال بقلم ميغان ك. ستاك- إلى قول وزير الخارجية أنتوني بلينكن في تل أبيب إن “تهمة الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة”، وقول المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إنها “لا قيمة لها وتؤدي إلى نتائج عكسية، ولا أساس لها في الواقع مطلقا”، مشيرة إلى أن موقف اللامبالاة هذا الذي تتخذه الإدارة يوحي بالسذاجة.

وأوضحت الكاتبة أن الوثيقة المعروضة على المحكمة تم توثيقها وضبط مصادرها بدقة، ويقول العديد من الخبراء إن الحجة القانونية فيها قوية بشكل غير عادي.

وقد قدمت كلمات المسؤولين الإسرائيليين دليلا على النوايا، من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يحث الإسرائيليين على “تذكر” رواية العهد القديم عن مذبحة عماليق “لا تعفوا عن أحد بل اقتلوا الرجال والنساء”، إلى وزير الدفاع يوآف غالانت الذي تعهد بأن “غزة لن تعود إلى ما كانت عليه من قبل، سوف نزيل كل شيء”، إلى وزير الطاقة والبنية التحتية بتعهده “لن يحصلوا على قطرة ماء أو بطارية واحدة حتى يغادروا هذه الدنيا”.

ومن خلال التحدث علنا عن تدمير غزة وتشتيت سكانها، نجح القادة الإسرائيليون -كما ترى ستاك- في نشر ما تم إخفاؤه أو إنكاره في حالات أخرى من الإبادة الجماعية، إلا أن جلسات محكمة العدل الدولية لن تجيب عن كون إسرائيل ارتكبت أو لم ترتكب إبادة جماعية، ولكن إذا اقتنعت لجنة القضاة بأن الاتهام بالإبادة الجماعية أمر معقول، فعليها أن تأمر “على وجه السرعة القصوى” إسرائيل بوقف هجومها من أجل حماية الفلسطينيين والحفاظ على الأدلة.

وحتى التأكيد على أن الأدلة تشير إلى حدوث إبادة جماعية من شأنه أن يجبر المجتمع الدولي على حماية سكان غزة الذين يعانون من الصدمة والجوع، وذلك من خلال المطالبة بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وعلى المدى الطويل يمكن أن تضع هذه القضية الأساس المبكر لفرض عقوبات على إسرائيل أو محاكمة مسؤوليها.

وتتابع الكاتبة بأن هذه الإجراءات هي بالنسبة للولايات المتحدة أيضا ذات معنى لأن إدارة بايدن هي الراعي الذي لا غنى عنه لهذه الحرب، إذ قامت بتسليح وتمويل إسرائيل وحمايتها دبلوماسيا على الرغم من التقارير الرهيبة المتزايدة عن قتل وتهجير الفلسطينيين، وبالتالي إذا تبين أن العنف في غزة يمثل إبادة جماعية، فقد تتهم واشنطن بالتواطؤ في الإبادة الجماعية، وهي جريمة في حد ذاتها.

ولكن نظرا للقوة التي تتمتع بها الولايات المتحدة، وسجلها الحافل بالإفلات من العقاب على المستوى الدولي، فإن احتمالات حدوث أي عواقب كبيرة قد تكون ضئيلة، ومع ذلك، ينبغي للأميركيين أن يفهموا أن القضية جوهرية وخطيرة، وأن حكومتهم متورطة فيها، كما تقول ستاك.

وقد استشهد المسؤولون الإسرائيليون والأميركيون مرارا وتكرارا بـ”الدفاع عن النفس” لتفسير أعمال العنف في غزة، لكن هذه الحجة لا يمكن أن تبرر أعمال الإبادة الجماعية، خاصة أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يشكل -وفقا للكاتبة- ردا غير متناسب على هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وفي مقطع تلفزيوني إسرائيلي استشهدت به جنوب أفريقيا في دعواها، تحدث العقيد يوغيف بار شيشيت من غزة قائلا “من يعود إلى هنا -إذا عاد إلى هنا بعد ذلك- سيجد الأرض المحروقة، لا منازل ولا زراعة ولا شيء، ليس لديهم مستقبل”.

وقد حاول المسؤولون الإسرائيليون تحسين صورتهم بالقول إن “حربنا هي ضد حماس لا شعب غزة”، ونبه نتنياهو وزراءه لضرورة توخي الحذر فيما يقولونه عن الحرب، قائلا “اختر كلماتك بعناية” على الرغم من خطابه العنيف.

ووصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي، مرارا وتكرارا قضية جنوب أفريقيا بأنها “تشهير دموي”، في إشارة إلى نظريات المؤامرة الأوروبية المعادية للسامية التي غذت اضطهاد اليهود منذ العصور الوسطى، وقال مخاطبا حكومة جنوب أفريقيا “التاريخ سيحكم عليكم، وسيحكم عليكم بلا رحمة”.

أما راز سيغال، المؤرخ الإسرائيلي وخبير الإبادة الجماعية، فقد قال إن تصرفات إسرائيل في غزة هي بالفعل “حالة نموذجية من الإبادة الجماعية”.